مايو ثقيل على الأردنيين

صرف رواتب أبريل مبكرا وضع المواطنين في دوامة تغطية فترة تفوق الشهر دون راتب، نظرا لاستهلاكهم جزءا كبيرا من المال على مستلزمات عيد الفطر.

عمان - بعد بحبوحة صرف رواتب القطاع العام والعديد من المؤسسات الخاصة قبيل عطلة عيد الفطر، يجد أردنيون أنفسهم في مواجهة أكثر من شهر دون دخل، ما يضعهم في دوامة تغطية هذه الفترة دون ضائقة أو استدانة.

وما بين مواطنين تسلموا رواتبهم مبكرا وأنفقوا الجزء الأكبر منها على مستلزمات العيد، وآخرون لم تصرف رواتبهم ولجأوا إلى مصادر أخرى لتأمين هذه المستلزمات، يبقى السؤال المشترك لهم جميعا متى الراتب المقبل.

يأتي ذلك في وقت يؤكد فيه خبراء اقتصاديون أن هذه الفترة يمكن أن تشهد ركودا في الأسواق، بسبب تراجع القدرة الشرائية لشريحة من الأردنيين.

ويصرف في العادة راتب أبريل/نيسان في مايو/أيار، لكن بسبب عيد الفطر قامت الحكومة الأردنية بصرف راتبي مارس/آذار وأبريل/نيسان خلال الشهر الماضي على فترتين قبل حلول العيد.

وقال الخبير الاقتصادي قاسم الحموري إن الراتب الشهري من الوظيفة هو مصدر الدخل الوحيد للغالبية الكبرى من الأردنيين، وبالتالي فإن أي خلل أو تغيير في موعد صرف الراتب، سيؤدي إلى خلل في القدرة على مواجهة الالتزامات.

وبين أن صرف الراتب مبكرا في شهر ما، سيؤثر دون شك على الشهر الذي يليه وبالتالي انخفاض القدرة على الإنفاق، ما يعني ركودا في الحركة التجارية.

ويرى أن هناك "حاجة ملحة لإعداد حزم من المساعدات للمواطنين، خصوصا من ذوي الدخول المنخفضة في هذه الفترات"، مذكرا أيضا بأن الالتزامات لم تنته بانتهاء عيد الفطر.

ويذكر أن الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك "التضخم"، سجل خلال الربع الأول من العام الحالي ارتفاعا بنسبة 3.98 في المئة، بحسب دائرة الإحصاءات العامة الأردنية.

وطول المدة المتبقية حتى موعد الراتب المقبل يتطلب إعادة تنظيم الإنفاق من قبل الأسر بعد استهلاك جزء كبير من الرواتب، خصوصا أنه لم يتم تأجيل اقتطاع القروض المصرفية على خلاف ما جرى في الأعياد خلال السنوات السابقة، وفقا للخبير الاقتصادي حسام عايش.

الأردن
صعوبة في التكيف مع الدخل المتبقي

وأشار إلى أن صرف الحكومة للرواتب مبكرا جاء بعد مطالبات شعبية وتجارية لمواجهة ركود الأسواق في تلك الفترة.

واتفقت الأغلبية على أن شراء مستلزمات العيد ما بين ملابس وحلويات بعد الخروج من رمضان، كان ثقيلا اقتصاديا نتيجة طبيعة الإنفاق في الشهر الفضيل، والتي تتركز على الطعام.

هنا وجد المواطنون صعوبة في التكيف مع الدخل المتبقي، بينما سيصرف راتب مايو/أيار الجاري، خلال وقت لاحق من الشهر المقبل والذي سيشهد أيضا حلول عيد الأضحى.

ويلفت حسام عايش إلى أنه من الحلول في مثل هذه الظروف أن تكون هناك آلية أخرى لصرف الرواتب تحقق التوازن، مثل صرف جزء منه حتى يتمكن المواطنون من ضبط إنفاقهم، والاحتفاظ بجزء من الدخل للإنفاق خلال الفترة المتبقية.

المواطنون أيضا يشكون حالهم في ترقب الصرف المقبل، فمنهم من ينتظر الراتب لسداد ديون تحملوها بسبب عدم صرف رواتبهم، أو قروض غير مباشرة لتغطية نفقات رمضان والعيد.

ومن بين هؤلاء ربة المنزل رنا منير التي اضطرت هي وزوجها لاستخدام البطاقة الائتمانية لسداد جزء كبير من أثمان مشتريات العيد، قائلة "هذا سيضع علينا عبئا لسداده بنهاية الشهر الجاري".

التجار أيضا لا يقل حالهم عن حال المواطنين، كما يصف أسامة عبدالله وهو صاحب محل مواد تموينية في عمان.

وبين أسامة أن الطلب بعد رمضان والعيد على المواد التموينية تراجع بشكل ملحوظ، وأن الشراء من قبل المواطنين هو في الحد الأدنى ويتركز على السلع الأساسية جدا.

وتشير أرقام البنك المركزي إلى أن مديونية الأفراد ارتفعت من 10.9 مليارات دينار (15.36 مليار دولار) نهاية 2020 إلى 12.6 مليار دينار (17.76 مليار دولار) نهاية 2022.