ماي تحرج أردوغان بفتح ملف حقوق الإنسان في تركيا

رئيسة الوزراء البريطانية تحذر الرئيس التركي التمادي في حملته ضد المعارضين وتطالب بضرورة الحفاظ على القيم الديمقراطية.
مواجهات بين المتظاهرين المؤيدين لاردوغان واخرين معارضين من الاكراد
تصاعد الضغوط الدولية على أردوغان بسبب قمعه معارضيه.
مراسلون بلا حدود تندد باعتقال اكثر من 100 صحافي

لندن - حذرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الثلاثاء الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من التمادي في حملته ضد من تعتقد أنقرة أنهم وراء محاولة انقلاب وقعت في 2016.

وأدلت ماي بهذه التصريحات بعد اجتماع بينهما في لندن وقعت خلاله احتجاجات من قبل مدافعين عن حقوق الإنسان.

واتهم ناشطون حقوقيون ماي بغض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان من أجل إبرام اتفاقيات تجارية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وأشاروا في حالة تركيا إلى سجن عشرات الآلاف بعد محاولة الانقلاب. وتقول حكومة إردوغان إن الاجراءات التي تتخذها ضرورية للتصدي لتهديدات تواجهها.

وقالت ماي إن علاقة بريطانيا مع تركيا لا غنى عنها مشيدة بتأثير التعاون الأمني واحتمالات إقامة علاقات تجارية وثيقة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

لكنها أضافت تحذيرا دبلوماسيا بشأن الحاجة لضبط النفس.

وقالت ماي أثناء وقوفها بجانب إردوغان في مكتبها في داوننج ستريت عقب الاجتماع "محاكمة من حاولوا الإطاحة بحكومة منتخبة ديمقراطيا أمر سليم".

وأضافت "ولكن من المهم أيضا ألا تتغاضى تركيا عن القيم التي تسعى للدفاع عنها بينما تحمي الديمقراطية التي تواجه ضغوطا غير عادية من الانقلاب الفاشل وعدم الاستقرار عبر الحدود من سوريا ومن الإرهاب الكردي".

وقالت إنها أكدت لتركيا ضرورة الحفاظ على القيم الديمقراطية والتزاماتها في مجال حقوق الإنسان.

تحذير دبلوماسي لأردوغان
تحذير دبلوماسي لأردوغان

وتأتي زيارة إردوغان في إطار مساعي ماي لتدعيم العلاقات مع دول من خارج الاتحاد الأوروبي مع استعداد بريطانيا للخروج منه وضمان الحصول على الأقل على وعود بإبرام صفقات تجارية في المستقبل لدعم خططها المتوقفة تقريبا للخروج من التكتل الأوروبي.

وقال إردوغان إن الزعيمين اتفقا علي إمكان زيادة التبادل التجاري بينهما إلى 20 مليار دولار سنويا مقابل نحو 16 مليار دولار في 2017.

ويحكم إردوغان تركيا منذ 15 عاما وهو من أكثر الساسة شعبية وإثارة للجدل في تاريخ تركيا الحديث كما شهد حكمه فترة من النمو الاقتصادي الكبير وحملة واسعة النطاق على خصومه. وأعلن الشهر الماضي إجراء انتخابات مبكرة في 24 يونيو حزيران قبل موعدها الأصلي بأكثر من عام.

احتجاجات

قبل بضع ساعات من الموعد المقرر لاجتماع الزعيمين حمل نحو 100 محتج لافتات خارج مقر رئاسة الوزراء منها واحدة تصور إردوغان كمحرك عرائس ويداه مخضبتان بالدماء وأخرى تقول "كفى".

وعلى مسافة نحو 20 مترا لوح عدد مماثل من الأشخاص المحاطين بالحواجز وتطوقهم الشرطة بأعلام تركيا ورددوا هتافات. واشتبك الجانبان لفترة وجيزة.

وتوصلت ماي إلى التزام العام الماضي بأن تعمل بريطانيا وتركيا على تعزيز التجارة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ودارت مواجهات بين المتظاهرين المؤيدين لاردوغان واخرين معارضين من الاكراد خارج مقر رئاسة الوزراء حيث اضطر عناصر الشرطة الى طرح بعض قادة التحركات أرضا.

وقال متحدث باسم رئاسة الحكومة إن "محادثات صريحة" بشأن حقوق الانسان كانت على جدول الاجتماع بين ماي واردوغان.

واضاف "كنا دائما واضحين أننا نريد أن تتمسك تركيا بالتزاماتها الدولية ومنها احترام حرية التعبير والحريات السياسية". وقد استقبلت الملكة اليزابيث الرئيس التركي في قصر باكنغهام قبل لقائه رئيسة الوزراء.

وتأتي الزيارة التي تستغرق ثلاثة ايام فيما يقوم اردوغان بحملته الانتخابية بعد دعوته لانتخابات رئاسية مبكرة في 24 حزيران/يونيو قبل عام ونصف عام من موعدها الاصلي.

وتعتبر زيارته على نطاق واسع بمثابة خطة لتعزيز سيطرته في البلاد تزامنا مع تصاعد الضغوط الدولية عليه بسبب قمعه معارضيه.

وستسرع الانتخابات المبكرة انتقال تركيا إلى نظام رئاسي جديد من خلال تعديلات دستورية تمت الموافقة عليها في استفتاء العام الماضي.

ولا تزال حالة الطوارئ مفروضة في تركيا بعد 22 شهرا من انقلاب فاشل في 2016.

وامام مقر الحكومة في داوننغ ستريت شارك عشرات النشطاء في احتجاج نظمته مجموعات مدافعة عن حرية التعبير مثل "بين" (القلم) الانكليزية و"المؤشر الى الرقابة" و"مراسلون بلا حدود".

وتؤكد "مراسلون بلا حدود" اعتقال اكثر من 100 صحافي، وإغلاق 140 وسيلة إعلامية والغاء 889 بطاقة اعتماد صحافية على الاقل منذ بدء حملة القمع عام 2016.

وخاطبت مديرة مراسلون بلا حدود في المملكة المتحدة ريبيكا فنسنت المتظاهرين "علينا أن نوضح لحكومتنا هنا أننا حريصون على الحريات الاساسية، هذه القيم التي ترتكز بلادنا عليها". ودعت إلى اطلاق سراح الصحافيين المسجونين.

واضافت "هناك انتخابات مقبلة. بموجب حالة الطوارئ لا يمكن للناس الوصول بشكل كامل إلى معلومات مستقلة، لذا فان الناخبين سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع مرة اخرى بعد حملة قصيرة بدون ان تكون لديهم الصورة الكاملة".

وتابعت "في ضوء ذلك، إن استقبال الرئيس اردوغان -- وفرش السجاد الاحمر-- هنا في بريطانيا امر معيب".

وانضمت إلى المتظاهرين مجموعة اخرى للاحتجاج على معاملة اردوغان للاكراد في مقابل تجمع صغير مضاد أطلق هتافات مؤيدة للرئيس التركي.

وحمل النشطاء المؤيدون للاكراد لافتات عليها صور لاردوغان وكلمة "ارهابي" وراية تحمل صورة عبد الله اوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون.