ما السر وراء عمر نبتة 'لا تموت'

دراسة جديدة تكشف عن خصائص جينية في نبتة فلفيتشيا الصحراوية ربما تساعدنا على تربية محاصيل أكثر صلابة وأقل عطشا في كوكب يستعر تحت تأثير التغير المناخي.
بعض أكبر النباتات من صنف فلفيتشيا عمرها أكثر من 3000 عام

لندن - أماطت دراسة بريطانية اللثام عن السر وراء عمر نبتة فلفيتشيا أكثر نبتة معمرة في مملكة النباتات.

ورغم استيطانها الصحراء القاسية حيث الجفاف الشديد، تلقب فلفيتشيا او النبتة التي "لا تموت".

تعد الصحراء الممتدة بين جنوب أنغولا وشمال ناميبيا موطن عيش نبتة فلفيتشيا المعمرة حيث لا تتعدى نسبة متساقطات الأمطار بضع ميليمترات سنويا.

ونبتة الفلفيتشيا لا تحمل سوى ورقتين فقط، ويمكن أن تستمر في النمو آلاف السنين، لا بل لا تتوقف عن النمو لأن ذلك يعني الموت.

ويعتقد أن بعض أكبر النباتات من صنف فلفيتشيا عمرها أكثر من 3000 عام، مع ورقتين تنموان بشكل مستمر منذ بداية العصر الحديدي، أي عندما تم اختراع الأبجدية الفينيقية وتوج داود ملكا لإسرائيل.

وحسب بعض الروايات، فإن أوراق النبتة الليفية، التي تضربها رياح الصحراء الجافة وتغذيها الحيوانات العطشى، تصبح ممزقة وملفوفة بمرور الوقت، ما يمنح فلفيتشية مظهرا شبيها بالأخطبوط.

ومنذ اكتشافها من قبل عالم النبات فردريك فلفيتش عام 1859، جذبت فلفيتشيا أنظار العلماء وكان أبرزهم شارل داروين لفهم سر عمرها المديد. ويقال إنه لدى اكتشافها، لم يستطع فلفيتش فعل شيء سوى الركوع على الأرض المحترقة والنظر إليها، وكان خائفا من لمسها كي لا يتضح أنها من نسج خياله فقط.

ولفتت دراسة نشرتها دورية "ناتير كومينيكايشن" الى اسرار جينية خلف قدرة فلفيتشيا الفريدة على الصمود.

وقال عالم النبات والكاتب الرئيسي لهذه الدراسة لتاو وان، انه فمنذ ما يقرب من 86 مليون سنة، حصا خطأ في انقسام الخلايا، ما تسبب بتضاعف جينوم نبتة فلفيتشيا خلال فترة زيادة الجفاف في هذه المنطقة.

وأضاف أن "الإجهاد الشديد" غالبًا ما يرتبط بأحداث تتضاعف الجينوم.

ولدى تتضاعف الجينوم، من الممكن أن تتغير وظائف بعض الجينات المكونة له ومن المحتمل أن تتخذ وظائف جديدة.

ومن المعروف أنه كل ما كبر الجينوم، كل ما أصبح هناك حاجة لكمية أكبر من الطاقة للمحافظة على الحياة، خصوصا في ظل الظروف الصحراوية الصعبة. وما زاد الطين بلة، أن كمية كبيرة من جينوم فلفيتشيا هي عبارة عن تسلسلات الحمض النووي ذاتية التكرار و"غير مهمة".

لكن بحسب القيمين على الدراسة، خضع جينوم هذه النبتة إلى تغييرات واسعة النطاق أدت إلى إسكات الحمض النووي غير المرغوب وغير المهم فيه من خلال عملية تسمى مثيلة الحمض النووي.

هذه العملية، إلى جانب بعض القوى الانتقائية الأخرى، قللت بشكل كبير حجم الطاقة التي تحتاجها فلفيتشيا لتجديد وصيانة حمضها النووي، ما منحها جينوما فعالا "ومنخفض التكلفة".

وينمو متوسط وراق النبات من رؤوس النبات، أو قمم جذعها وأغصانها. لكن الطرف الأصلي للنمو من فلفيتشيا يموت، وتتدفق الأوراق بدلا من ذلك من منطقة ضعيفة من تشريح النبات تسمى النسيج الأساسي القاعدي، والذي يزود النبات بالخلايا الطازجة، كما يقول وان.

وقد يساعد عدد كبير من النسخ أو النشاط المتزايد لبعض الجينات المشاركة في التمثيل الغذائي الفعال ونمو الخلايا ومرونة الإجهاد في هذه المنطقة على الاستمرار في النمو تحت الضغط البيئي الشديد.

والدروس الجينية التي تقدمها فلفيتشيا ربما تساعد البشر على تربية محاصيل أكثر صلابة وأقل عطشا في كوكب يستعر تحت تأثير التغير المناخي.