مجلة فرنسية: رئيسي الوجه الدموي لإيران

فوز المحافظ إبراهيم رئيسي برئاسة إيران بترتيبات من أجهزة السلطة الدينية بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي يكشف ميل القوة الإقليمية المثيرة للجدل ببرامجها المزعزعة للاستقرار في المنطقة، لتشدد أكبر.
إبراهيم رئيسي كان أحد أربعة قضاة في 'لجنة الموت'
عشرات الآلاف من السجناء السياسيين حكم عليهم بالإعدام في عهد رئيسي
جهاز القضاء الإيراني أصدر أوامر قتل آلاف المعارضين لتثبيت السلطة الدينية

باريس - شكل انتخاب رئيس السلطة القضائية في إيران المحافظ المتشدد رئيسا للجمهورية الإسلامية، انعطافة أخرى في تاريخ القوة الإقليمية المثيرة للجدل بأنشطتها التخريبية والمزعزعة للاستقرار في المنطقة.

وأعاد فوز رئيسي في الانتخابات الأخيرة التي أُعدّت على مقاس السلطة الدينية التي تدير البلاد منذ الثورة الإسلامية التي أطاحت بنظام الشاه قبل أكثر من أربعة عقود، إلى الواجهة تاريخ الرجل على مدى توليه الجهاز القضائي وهو الجهاز الذي استخدمه النظام الديني في تصفية معارضي الثورة الإسلامية.

وكانت مجلة 'اوبس' الفرنسية واحدة من وسائل الإعلام الغربية التي سلطت الضوء على سجله بوصفه بأنه "من أكبر مجرمي التاريخ".

وتحت عنوان "إبراهيم رئيسي، الوجه الدامي لإيران"، كتبت سارة دانيال معلقة على وصول رئيسي لسدة الحكم، قائلة إن "رئيس الجمهورية الإسلامية الجديد اتهم بأنه من أكبر مجرمي التاريخ، ليس من قبل منظمة حقوقية أميركية بل من قلب النظام نفسه على لسان الإمام علي منتظري وهو من قادة الثورة الأوائل حتى أنه سبق له أن تولى منصب نائب مرشد الثورة، الإمام الخميني".

وعادت كاتبة التقرير في المجلة الفرنسية لتاريخ رئيسي الذي كان أحد أربعة قضاة في ما كان يعرف بـ "لجنة الموت" والتي قضت بإعدام نحو 30 ألف سجين سياسي في اكبر مجزرة على الإطلاق عام 1988 أي بعد سنوات قليلة من الثورة الإسلامية.

وأشارت إلى أن منتظري دفع فاتورة معارضته لتلك الجريمة، مضيفة انه احتج يومها على ما وصفه بأكبر جريمة ترتكبها إيران.

وقالت ساره دانيال إن موقف منتظري كلّفه منصبه حيث تمت تنحيته من منصبه كنائب للمرشد الأعلى ووضعه تحت الإقامة الجبرية مع أنه أحد رجال الثورة الإسلامية التي أطاحت بنظام الشاه ورسخت لنظام ديني تسلطي طبع عقودا من تاريخ إيران.

ويعرف رئيسي أيضا باسم 'قاضي الموت' لدوره المفترض في عشرات آلاف أحاك الإعدام التي صدرت بحق سجناء سياسيين في السنوات الاولى للثورة الإسلامية ولدوره أيضا في الأحكام التي صدرت في السنوات الأخيرة من إدارته لجهاز قضائي لا يعترف بمعايير المحاكمات العادلة، حيث يحرم المتهم من حقوقه الأساسية وبينها حقه في الدفاع وفي التواصل مع عائلته، بينما تجري محاكمات صورية لإعطاء انطباع بتطبيق طهران للمعايير الدولية للمحاكمات.

ودعا جاويد رحمن محقق الأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في إيران الثلاثاء الماضي إلى تحقيق مستقل في اتهامات بإعدام آلاف السجناء السياسيين في 1988 بأوامر من الدولة ودور الرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي فيها بصفته نائب المدعي العام في طهران حينها.

ورحمن ليس أول شخصية أممية تدعو لفتح ملف الإعدامات خارج نطاق القانون في إيران، فقد سبقته أصوات أخرى تنادي بالأمر ذاته، بينما لم تهدأ مطالبات المعارضة الإيرانية في الخارج التي تتبنى قضية ضحايا الإعدامات منذ ثورة الخميني إلى الآن.

وتتعالى أصوات منذ فترة لمحاسبة المسؤولين عن تلك الأحكام التي تثير صدمة في العالم لجهة عددها القياسي، بينما تستمر السلطة الدينية في إيران في التغطية عليها والتعتيم حتى أن المرشد الأعلى علي خامنئي استقبل أمس الاثنين إبراهيم رئيسي وأعضاء الجهاز القضائي وأشاد بأداء الرئيس المنتخب حين كان على رأس المنظومة القضائية التي تصفها المعارضة بأنها هيئة "الإعدامات". 

وقال رحمن إن مكتبه جمع شهادات وأدلة على مدى أعوام، مضيفا أنه مستعد لتقديمها إذا بدأ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أو أي هيئة أخرى تحقيقا حياديا.

وعبَر عن قلقه بخصوص تقارير تحدثت عن "مقابر جماعية" يجري تدميرها في إطار تعتيم مستمر.

وقال رحمن من لندن حيث يقوم بتدريس الشريعة الإسلامية والقانون الدولي "أعتقد أن هذا هو الوقت المناسب ومن المهم جدا الآن وقد أصبح السيد رئيسي الرئيس (المنتخب) أن نبدأ التحقيق بشأن ما حدث في 1988 ودور الأفراد".

وذكر أن التحقيق في مصلحة إيران ويمكن أن يغلق القضية بالنسبة للأسر، مضيفا "بخلاف ذلك، فسيكون لدينا قلق بالغ بشأن الرئيس والدور الذي قيل إنه لعبه في هذه الإعدامات".

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على رئيسي وهو قاض من غلاة المحافظين، بسبب مزاعم أميركية واتهامات نشطاء بضلوعه في الأمر بصفته أحد أربعة قضاة أشرفوا على عمليات القتل عام 1988.

وتقدر منظمة العفو الدولية عدد من نُفذ فيهم حكم الإعدام بنحو خمسة آلاف وقالت في تقرير صادر عام 2018 إن "العدد الحقيقي قد يكون أعلى"، في إشارة إلى التقارير التي تحدثت عن اعدام ما يزيد عن 30 ألف سجين سياسي.

وردا على هذه الاتهامات قال رئيسي للصحفيين، عندما وجه له سؤال بشأن ضلوعه في هذه الإعدامات "إذا دافع القاضي أو ممثل الادعاء عن أمن الناس ينبغي الإشادة به... فخور بأنني دافعت عن حقوق الإنسان في كل منصب توليته حتى الآن".

وقال رحمن "أجرينا اتصالات مع جمهورية إيران الإسلامية لأن لدينا مخاوف من أن تكون هناك مجددا سياسة لتدمير المقابر أو بعض الأنشطة لتدمير الأدلة الخاصة بمقابر جماعية"، مضيفا "سأنظم حملة من أجل تحقيق العدالة".