مجلس الأمن يجتمع على وقع أعنف معارك في ناغورني قره باغ

الاقتال بين أرمينيا واذربيجان يستمر وسط مخاوف من تحول النزاع الأرميني الأذري إلى صراع مباشر بين روسيا وتركيا.
اردوغان يؤجج الحر ب في ناغورني قره باغ وسط دعوات دولية للتهدئة
معارك ناغورني قره باغ تتسبب حتى الآن في مقتل ما لايقل عن 95 بينهم مدنيون
تجدد المخاوف حيال استقرار منطقة جنوب القوقاز
بروسكل تطالب مجلس الأمن بإجراء عاجل لتدارك الوضع في ناغورني قره باغ
يريفان وباكو يتبادلان الاتهامات بشأن إطلاق المدفعية الثقيلة

نيويورك - يعقد مجلس الأمن الدولي الثلاثاء، بطلب من دول أوروبية، اجتماعاً طارئاً مغلقاً يناقش فيه التطوّرات في ناغورني قره باغ، الإقليم الأرذربيجاني الانفصالي الذي يشهد منذ الأحد أعنف اشتباكات جدت بين أرمينيا وأذربيجان منذ التسعينات، ما خلف حتى الآن عشرات القتلى، فيما تستمر المعارك الدامية بين الطرفين.

وقالت المصادر إنّ الاجتماع سيعقد قرابة الساعة 17:00 (21:00 ت-غ) بطلب من بلجيكا إثر مبادرة قامت بها ألمانيا وفرنسا.

ومنذ الأحد لم تنفكّ إستونيا العضو غير الدائم في مجلس الأمن، تشدّد على وجوب أن يجتمع المجلس لتدارس الوضع في الإقليم الانفصالي.

ووفقاً للمصادر الدبلوماسية نفسها فقد انضمّت بريطانيا إلى الطلب الأوروبي.

وبينما دعت أغلب الدول إلى وقف الاقتتال في ناغورني قره باغ لحقن مزيد من الدماء، أجج الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الاثنين الحرب بين الطرفين المتصارعين بتصريحات عالية النبرة دعما لباكو.

ودعا الرئيس التركي الاثنين أرمينيا إلى وضع حد لما وصفه بـ"احتلال ناغورني قره باغ".

وقال إردوغان "ستواصل تركيا الوقوف إلى جانب البلد الشقيق والصديق أذربيجان من كل قلبنا وبكل الوسائل"، مشجعاً باكو على "الإمساك بزمام الأمور".

في المقابل دعت جميع القوى الاقليمية والدولية الأخرى، روسيا وفرنسا والولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي، إلى وقف فوري لإطلاق النار.

وبحسب دبلوماسيين فإنّ مجلس الأمن قد يُصدر في ختام الاجتماع بياناً. وفي حال تعذّر ذلك، كون بيانات المجلس لا تصدر إلا بالإجماع، فيمكن عندها للدول الأوروبية الأعضاء في المجلس أن تصدر من جهتها بياناً يمثّلها لوحدها.

مخاوف من أن يهجر الصراع الأذري الأرميني مئات الآلاف من السكان
مخاوف من أن يهجر الصراع الأذري الأرميني مئات الآلاف من السكان

وتواصلت المعارك الدامية الإثنين بين القوات الأذربيجانية والانفصاليين الأرمن في ناغورني قره باغ.

ومنذ الأحد تخوض القوات الانفصالية المدعومة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً من أرمينيا، والقوات الأذربيجانية، معارك دموية هي الأعنف في المنطقة منذ عام تسعينات القرن الماضي.

وأعلنت السلطات الانفصالية أنّ 26 من عسكرييها قتلوا مساء الإثنين في المعارك ضدّ القوات الأذربيجانية، لترتفع بذلك حصيلة خسائرها البشرية منذ اندلاع المواجهات الأحد إلى 84 قتيلاً.

وبذلك ترتفع الحصيلة الأولية لضحايا المعارك إلى 95 قتيلاً بينهم 11 مدنياً؛ تسعة في أذربيجان واثنان في الجانب الأرمني، علماً بأنّه منذ اندلاع المعارك لم تعلن باكو عن حصيلة قتلاها العسكريين.

ويتوقع كثيرون أن تكون الخسائر البشرية أكبر بكثير مما هو معلن حتى الآن، حيث يؤكد كل طرف أنه ألحق مئات الخسائر العسكرية بالطرف الآخر.

وتطالب أذربيجان، البلد الناطق بأحد فروع اللغة التركية وذو الغالبية الشيعية، باستعادة السيطرة على ناغورني قره باغ، الإقليم الجبلي ذي الغالبية الأرمنية والذي لم يعترف المجتمع الدولي، ولا حتى أرمينيا، بانفصاله عن باكو عام 1991.

ويخشى إذا ما اندلعت حرب مباشرة بين أذربيجان المسلمة وأرمينيا ذات الغالبية المسيحية أن تُستدرج إلى النزاع قوتان إقليميتان هما روسيا وتركيا.

من جهته قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن تركيا نقلت أكثر من 300 مقاتل من الأراضي السورية إلى ناغورني قره باغ.

ورفضت وزارة الدفاع الأذربيجانية تلك الاتهامات، مؤكدةً أن "مرتزقة من الاثنية الأرمنية" من الشرق الأوسط يقاتلون إلى جانب الانفصاليين.

بدوره أعلن متحدث باسم الخارجية الأوروبية أن "أي تدخل في هذا النزاع ليس مقبولاً"، معتبراً أن تصاعده "مثير جداً للقلق".

وقال السفير الأرميني في روسيا ورطان توغانيان لوكالة أنباء ريا نوفوستي الروسية أن بلاده لن تتردد في استخدام صواريخ اسكندر البالستية التي زودتها بها موسكو إذا استخدمت أنقرة طائرات "أف-16" في النزاع.

كما قالت وزارة الخارجية الأرمينية الاثنين في بيان إن تركيا لها "وجود مباشر على الأرض". وأضافت أن خبراء عسكريين من تركيا "يقاتلون جنبا إلى جنب" مع أذربيجان التي قالت يريفان إنها تستخدم أيضا أسلحة تركية من بينها طائرات مسيرة وحربية.

القصف يصيب كثيرا من المدنيين
القصف يصيب كثيرا من المدنيين

وأعلنت الدولتان الأحكام العرفية، وأقرت أرمينيا التعبئة العامة، فيما فرضت أذربيجان حظر تجول على جزء من البلاد، لا سيما في العاصمة.

وفشلت جميع جهود الوساطة في حل هذا النزاع منذ نحو 30 عاماً، مع تكرار وقوع اشتباكات متقطعة في المنطقة.

وقالت أوليسيا فارتانيان المحللة المختصة بمنطقة جنوب القوقاز في مجموعة الأزمات الدولية "لم نشهد من قبل تصعيدا بهذا الحجم منذ وقف إطلاق النار في الحرب التي وقعت بين البلدين في تسعينيات القرن الماضي. يدور القتال حاليا على كل قطاعات الجبهة".

قالت فارتانيان إن استخدام الصواريخ والمدفعية زاد من مخاطر وقوع قتلى وجرح في صفوف المدنيين مما قد يجعل من الصعب وقف التصعيد بالسبل الدبلوماسية.

لم نشهد من قبل تصعيدا بهذا الحجم منذ وقف إطلاق النار في الحرب التي وقعت بين البلدين في تسعينيات القرن الماضي

وأردفت قائلة "إذا سقط عدد كبير من القتلى والجرحى، فسيكون من الصعب للغاية احتواء هذه المعارك وسنشهد بالتأكيد حربا شاملة قد تنطوي على تدخل تركيا أو روسيا أو كليهما".

واندلعت الاشتباكات لأول مرة في أواخر الثمانينات بين الأغلبية المسيحية الأرمينية في ناجورنو قرة باغ وجيرانهم من ذوي الأصول الأذربيجانية، حينما بدأ حكم موسكو الشيوعي السوفيتي في الانهيار.

وأدت حرب شاملة في أوائل التسعينات إلى طرد مئات الآلاف من الأذربيجانيين فيما تخلص الإقليم من سيطرة باكو بدعم كبير من أرمينيا وأصبح يتمتع بالحكم الذاتي.

وجددت الاشتباكات المخاوف بشأن الاستقرار في منطقة جنوب القوقاز وهي ممر لخطوط الأنابيب التي تنقل النفط والغاز للأسواق العالمية.

وقالت أنجيلا فرانجيان وهي صانعة أفلام وثائقية في ناجورنو قرة باغ إن السكان لجأوا للمخابئ وإن أصوات القصف مسموعة باستمرار مشيرة إلى أن كل المتاجر أغلقت وأصبحت الشوارع مهجورة.