محادثات بين إيران ودول عربية في النرويج لخفض التوتر بالمنطقة

اللقاء سيناقش ملفات إقليمية حساسة، من أبرزها الوضع في غزة وسوريا واليمن، والبرنامج النووي الإيراني، إلى جانب محاولات تهدئة الأوضاع المتفجرة في أكثر من ساحة عربية.
المنتدى يتزامن مع إعلان طهران وواشنطن عن جولة جديدة من المفاوضات النووية

أوسلو – يجتمع هذا الأسبوع وزراء خارجية عدد من الدول العربية، إلى جانب وزير خارجية إيران، في العاصمة النرويجية لحضور منتدى أوسلو السنوي للسلام، في خطوة دبلوماسية مهمة تأتي وسط تحديات إقليمية متصاعدة، وتوترات مزمنة تعصف بمنطقة الشرق الأوسط. ويُنتظر أن يُناقش اللقاء، الذي سيُعقد خلف أبواب مغلقة يومي الأربعاء والخميس، ملفات إقليمية حساسة، من أبرزها الوضع في غزة وسوريا واليمن، والبرنامج النووي الإيراني، إلى جانب محاولات تهدئة الأوضاع المتفجرة في أكثر من ساحة عربية.
ويشارك في المنتدى كل من وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، ونظيره السوري أسعد الشيباني، ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، ووزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، ووزير خارجية سلطنة عُمان بدر البوسعيدي. كما أكدت وزارة الخارجية النرويجية أن المنتدى سيضم أيضًا مسؤولين رفيعي المستوى من دول أخرى بينها قطر والإمارات وتركيا.
ويُعد اللقاء المرتقب بين هذه الأطراف، فرصة نادرة لجمع وزراء من دول تربط بعضها علاقات متوترة أو فاترة وسط استمرار الاتهامات العربية لطهران بالتدخل في شؤون عدد من الدول من خلال دعم مجموعات مسلحة أو وكلاء سياسيين وعسكريين في اليمن، ولبنان، والعراق إضافة للتدخلات في الساحة السورية.
وينعقد منتدى أوسلو هذا العام في سياق تصعيد ميداني في غزة، ومحاولات إيرانية للتدخل في الشأن السوري عبر استغلال الطائفة العلوية، ووسط جمود سياسي في اليمن، ومخاوف من انفجار واسع في المنطقة نتيجة الصراعات المتداخلة. وتؤكد مصادر دبلوماسية أن المنتدى لا يهدف فقط لمناقشة نظريات السلام، بل يسعى إلى تهيئة بيئة حوار حقيقية بين أطراف الخلافات الإقليمية، بعيدًا عن عدسات الإعلام والضغوط السياسية المباشرة.
ومن المتوقع أن يُطرح خلال اللقاء ملف قطاع غزة بصفته أولوية إنسانية وأمنية، خاصة في ظل التحركات الأوروبية والعربية لإرساء هدنة دائمة، واحتواء التصعيد بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية. ويبرز هنا الدور الإيراني المحوري، نظرًا لعلاقات طهران الوثيقة مع بعض الفصائل المسلحة، ما يجعل مشاركتها في أي حوار بشأن غزة أساسية للوصول إلى صيغة تهدئة طويلة الأمد.

وكلاء طهران يمثلون عقبة أمام تطور العلاقات العربية الايرانية
وكلاء طهران يمثلون عقبة أمام تطور العلاقات العربية الايرانية

ويتزامن المنتدى مع إعلان طهران وواشنطن عن جولة جديدة من المفاوضات النووية غير المباشرة، ستُعقد يوم الأحد المقبل في العاصمة العُمانية مسقط. هذه المفاوضات تمثّل جولة استكشافية جديدة ضمن سلسلة محاولات متعثرة لاستئناف الاتفاق النووي المُجمّد منذ انسحاب الولايات المتحدة منه عام 2018.
ومن غير المستبعد أن يُستغل وجود الوفد الإيراني في أوسلو لعقد لقاءات جانبية مع بعض وزراء الخارجية العرب والغربيين بشأن الملف النووي. وتحاول طهران أن تُظهر مرونة نسبية تجاه مساعي إحياء الاتفاق، مع إصرارها على الحفاظ على حقها في تخصيب اليورانيوم، في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل تهديداتها العلنية بشن هجوم عسكري على منشآت نووية إيرانية إذا لم يُكبح البرنامج.
ويعد اللقاء الوزاري في أوسلو اختبارًا جديدًا لجهود التهدئة في الشرق الأوسط، والتي تقودها دول عربية مثل سلطنة عمان ومصر وقطر، عبر مبادرات وساطة مكوكية بين الفرقاء الإقليميين والدوليين. وتسعى هذه الدول إلى كسر الجمود في ملفات الأزمة السورية، وتخفيف حدة المواجهة في اليمن، ودفع العملية السياسية الفلسطينية إلى الأمام، بما في ذلك استثمار الزخم الدولي الداعم لحل الدولتين.
ويكتسب المنتدى أهميته من الطابع غير الرسمي والسرّي للجلسات، ما يسمح للمشاركين بطرح مواقفهم بمرونة، دون التقيد ببيانات رسمية. ويُتوقع أن تساهم المداولات في أوسلو في إعادة بناء قنوات الاتصال بين دول متخاصمة أو متنافرة سياسيًا، على أمل التمهيد لخطوات تهدئة أكبر في الأشهر المقبلة.
ورغم الطابع الإيجابي الذي تسوّق له النرويج بشأن المنتدى، تبقى الهوة واسعة بين نوايا التهدئة وواقع الصراعات المعقدة في الشرق الأوسط، حيث تُسيطر الاعتبارات الأمنية والتحالفات المتشابكة على معظم مواقف الأطراف. ومع ذلك، فإن مجرد جمع هذه الأطراف في مكان واحد يُعد مؤشرًا على وجود رغبة – ولو محدودة – في تفادي المزيد من الانزلاق نحو التصعيد.
وفي انتظار نتائج اللقاءات المرتقبة في أوسلو، تُبقي العواصم المعنية أنظارها متجهة نحو ما قد تفرزه من مؤشرات على تغير في مواقف أو إطلاق لمسارات سياسية جديدة، ولو بشكل غير مباشر، في واحدة من أكثر الفترات حساسية في تاريخ المنطقة الحديث.