محاربة الجهاديين في الساحل الإفريقي تؤرق فرنسا المتعثرة

ماكرون يناقش مع قادة دول غرب إفريقيا في نواكشوط الجهود المشتركة لمكافحة الجهاديين في المنطقة.
باريس تهدد بسحب جيشها من الساحل الأفريقي
فرنسا تريد تقاسم الأعباء مع شركائها الأوروبيين والمحليين
الجيوش المحلية غير قادرة بمفردها على التصدي للجهاديين

باريس- زاد منسوب تفاؤل فرنسا بنجاح حملتها لمكافحة الجهاديين في الساحل الإفريقي بعد قضائها مؤخرا على زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عبد المالك دروكدال، لكن خبراء يحذرون من أن النجاحات القصيرة الأمد لا تحقق بمفردها نصرا دائما، ففرنسا ما تزال متعثرة ويتكبد جيشها خسائر بشرية فادحة. 
ويتوجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط لحضور قمة مع قادة دول غرب إفريقيا تناقش جهودهم المشتركة لمكافحة الجهاديين في المنطقة المترامية الأطراف.
ورغم الثقة الفرنسية المتزايدة فإن صعوبات كثيرة لا تزال ماثلة، بحسب خبراء في شؤون المنطقة.
وقال المحلل لدى مجموعة الأزمات الدولية جان-ارفيه جيزكيل إن "ما لا ريب فيه أن نجاحات تكتيكية تحققت إنما التباهي بها قد يكون سابقا لأوانه"، فيما أكد مصدر في مجموعة إغاثة في المنطقة "تحققت نجاحات كبيرة لكن الأثر على المدى البعيد محصور بل حتى معدوم".

تحققت نجاحات كبيرة لكن الأثر على المدى البعيد محصور بل حتى معدوم

وكان ماكرون قد أشار في وقت سابق إلى أن جميع الخيارات متاحة بالنسبة لمستقبل القوة الفرنسية من ضمنها الانسحاب،  لكن المسؤولين في باريس يؤكدون أنه من المبكر سحب القوات الفرنسية.
وتكبدت قوة برخان الفرنسية المتمركزة في مالي لمواجهة الجهاديين في الساحل الأفريقي خسائر كبيرة منذ انتشارها هناك سنة 2013، ما دفع باريس مؤخرا إلى التفكير في سحب جيشها وتسليم مهامه إلى الجيوش المحلية.
 وتريد باريس قبل ذلك تأهيل الجيش المالي سهل الاستهداف، عبر تقاسم الأعباء مع شركائها الأوروبيين، في وقت كشفت فيه مجموعات جهادية عن اندماجها وأعلنت النفير لمواجهة من تصفهم بالغزاة وأذنابهم المحليين.
وعلى الرغم من جهود التأهيل التي بذلتها فرنسا وشركاؤها الأوروبيون في إطار مهمة التدريب وقوة برخان، ما زال الجيش المالي هدفا سهلا.
وتضغط فرنسا، عبر تهديداتها بسحب قواتها المتمركزة في مالي، على حلفائها في الساحل الأفريقي وأيضا على شركائها الأوروبيين الذين تعتبرهم "مقصرين" في مواجهة الجماعات الجهادية هناك، على الرغم من الدعم اللوجستي لهذه الدول.
وتريد باريس أيضا من شركائها المحليين دورا أكبر في عمليات مواجهة الجهاديين بسبب تكبدها بمفردها الخسائر الأكبر في العتاد والرجال.
ويشير تقرير وزارة الخارجية الأميركية حول الإرهاب لعام 2019 الصادر هذا الشهر، إلى المشكلات التي تواجه حلفاء فرنسا المحليين، والذين تعرضوا لهجمات ازدادت بنسبة 250 بالمئة منذ 2018.
وقال التقرير "لا تزال الدول الشريكة حازمة في مكافحة الإرهاب لكنها تفتقر إلى السبل لاحتواء التهديد أو القضاء عليه بشكل مستدام".
وجزء مهم من الاستراتيجية الفرنسية يتعلق بما يسمى قوة دول مجموعة الساحل الخمس (جي-5)، وهي قوة مشتركة تضم 5 آلاف عنصر من بوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا ومالي والنيجر، لكن القوة تفتقر للمعدات والتدريب والتمويل.
وذكر تقرير الخارجية الأميركية إن القوة "غير قادرة بعد على وقف تنامي الانتشار الإرهابي في أنحاء منطقة الساحل لكن لديها الإمكانية كآلية تنسيق".
وتعتمد الاستراتيجية العسكرية الفرنسية في مالي على شقين، كما قال رئيس الأركان الفرنسي الجنرال فرنسوا لوكوانتر، أولهما إضعاف الجماعات الجهادية "ما يسمح بجعلها في مستوى القوات المسلحة المحلية التي يجب أن تواجهها بمفردها أو بمواكبة أقل من قوة برخان الفرنسية لمكافحة الجهاديين.
وكانت جماعات مسلحة قد سيطرت على منطقة الساحل العام الماضي وصعدت هجماتها على قواعد للجيشين المالي والنيجري.
وردت فرنسا بتعزيز قوة برخان التي أنشأتها لمكافحة المتطرفين في غرب إفريقيا، والتي باتت تضم أكثر من 5 آلاف عنصر بعد رفدها ب600 عنصر.
وعلى الرغم من تشتت الجماعات الجهادية وطرد جزء كبير منهم من شمال مالي منذ 2013، ما زالت مناطق بأكملها خارجة عن سيطرة القوات المالية والفرنسية وتلك التابعة للأمم المتحدة.
وتستهدف الجماعات المتشددة، من حين لآخر، القوات الأمنية والعسكرية المتمركزة في المنطقة على الرغم من توقيع اتفاق للسلام في يونيو 2015، كان يفترض أن يسمح بعزل الجهاديين نهائيا.
وتمكنت فرنسا من السيطرة على عملية للجهاديين في شرق مالي عام 2013، لكنها تبدو غير قادرة على منع النزاع من التمدد. ورغم تكثيف الفرنسيين لعملياتهم المضادة، فإن "النجاحات" العسكرية ليست بالقدر الكافي.