محاكاة أميركية لعاصفة ماتريكس المظلمة لتبريد الأرض

البيت الأبيض يطلق خطة لمحاصرة الاحترار المناخي مستلهمة من فيلم الخيال العلمي الشهير تتضمن رش جسيمات في الغلاف الجوي لعكس الضوء مرة أخرى في الفضاء.

واشنطن – كشف البيت الأبيض عن خطة جريئة لمحاصرة الاحترار المناخي، مستلهمة من فيلم الخيال العلمي "ذا ماتريكس" وذلك عبر التقليل من مقدار وصول اشعة الشمس للارض عبر الهندسة الجيولوجية الشمسية أو ما يطلق عليه أيضا "هندسة المناخ".

والخطة التي تمتد على 5 سنوات، تتضمن رش جسيمات في الغلاف الجوي لعكس الضوء مرة أخرى في الفضاء، وهي تقنية تشبه تلك التي تحمل الاسم الرمزي "عملية العاصفة المظلمة" في فيلم المصفوفة الشهير.

ورغم أن الأمر يبدو وكأنه حبكة من فيلم خيال علمي، فإن مسؤولي الحكومة الأميركية يتطلعون إلى إنفاق نحو 10 مليارات دولار سنويًّا على البرنامج الذي من شأنه إرسال طائرات إلى طبقة الستراتوسفير لإطلاق الهباء الجوي بقدرات انعكاسية.

وتركز العملية على ثاني أكسيد الكبريت، الذي ينبعث من البراكين ومصانع الفحم والمعروف أنه يحجب أشعة الشمس، إلى جانب تبريد الأرض، بحسب شبكة "CNBC".

ومع ذلك، يمكن أن يكون لكمية مفرطة من المكون آثار سلبية على البيئة وصحة الإنسان، ويجري البيت الأبيض بحثًا للتخفيف من الآثار.

وتشير الدراسة أيضًا إلى أنه يمكن تعديل كمية الرذاذ كل عام للحفاظ على الاحتباس الحراري عند المستويات الموصى بها.

يمكن تعديل كمية الرذاذ كل عام للحفاظ على الاحتباس الحراري عند المستويات الموصى بها

وذكرت "سي ان سي بي" أن تغييرًا بنسبة 1% في انعكاس الأرض سيكلف 500 مليون دولار سنويًّا، وهو "ما لا يبدو مفرطًا"، كما قال التقرير، "بالنظر إلى الأهمية الاقتصادية والإنسانية غير العادية للمناخ".

ومع ذلك، فإن الخطة الحالية تبحث في 10 مليارات دولار كل عام لتبريد الأرض بدرجتين فهرنهايت، كما قال، أستاذ القانون البيئي في جامعة كاليفورنيا الأميركية إدوارد بارسون، للشبكة.

ومع ذلك، فإن المكون يبرّد الأرض عندما يتم إطلاقه من البراكين. فقد أطلق جبل "تامبورا"، الذي فجر قمته في نيسان/أبريل 1815، سحابة من ثاني أكسيد الكبريت على بعد أكثر من 20 ميلا في الغلاف الجوي، وتسبب في انخفاض الحرارة 3 درجات عبر نصف الكرة الشمالي.

وقال مؤسس صندوق الاستثمار في تكنولوجيا المناخ "Louercarbon Capital" كريس ساكا، للشبكة إن "ثاني أكسيد الكبريت، على الرغم من أنه يتمتع بخصائص عاكسة، ليس أفضل جسيم للرش في الغلاف الجوي ويلاحظ أن السطوع السحابي هو تقنية واعدة للغاية أيضًا".

هذه التقنية، المعروفة باسم "سطوع السحابة البحرية"، تضيف ملح البحر إلى السماء فوق المحيطات التي تشكل ضوء الشمس الذي يحجب السحب.

وتظهر السحب عندما يتشكل الماء حول الجسيمات. نظرًا لوجود كمية محدودة من الماء في الهواء، فإن إضافة المزيد من الجسيمات تخلق قطرات أكثر، ولكنها أصغر.

وعلى عكس ثاني أكسيد الكبريت، يستمر السطوع السحابي البحري لبضع ساعات فقط ويستغرق المزيد من الجسيمات لتكوين السحب العملاقة - لكنه أكثر أمانًا للبيئة وصحة الإنسان.

وتشير غالبية موسوعات المعرفة إلى أن هندسة المناخ أو التدخل المناخي، الذي يشار إليه عادة بالهندسة الجيولوجية، هي التدخل المتعمد واسع النطاق في نظام المناخ على الأرض، التي تهدف عادة إلى تخفيف الآثار الضارة الناجمة عن الاحتباس الحراري.

لا تعالج الهندسة الجيولوجية الشمسية السبب الكامن وراء تغير المناخ الذي يحركه الإنسان، أي انبعاثات الكربون، ومع ذلك يجادل  بعض العلماء بأنه يمكن أن يكون أداة رخيصة ومهمة في مجموعة  أدوات تغير المناخ الخاصة بنا، إذا تمكنا فقط من البحث عنها بشكل أكثر شمولاً.

لا تقتصر "هندسة المناخ" على تعتيم الأرض، اذ ان بعض العلماء قاموا بالسعي لإيجاد طريق لتبريد الأرض عن طريق تغطية أجزاء كبيرة من المحيطات بما يطلق عليه "الرغوات الصناعية" في عملية تُعرف باسم "الرغوة المحيطية أو الفقاعات الدقيقة". يشار إلى أن المحيطات تغطي 70 بالمائة من مساحة الأرض، بيد أن الماء الذي غالبا ما يكون داكنا بسبب أعماق المحيطات الكبيرة لا يعكس سوى القليل من أشعة الشمس ويمتص ويخزن الكثير من حرارة الشمس.

تشهد الكثير من مدن العالم ارتفاعا في نسبة الزئبق في أجهزة قياس الحرارة خلال الصيف، فعلى سبيل المثال ارتفعت درجة الحرارة في مدينة نيويورك بحوالي 1-3 درجات مئوية مقارنة بالمدن المحيطة بها وفي بعض الأيام تجاوزت درجة الحرارة بها أكثر من 12 درجة مئوية. ويرى العلماء أن السبب وراء ذلك وجود ناطحات سحاب داكنة اللون ومنازل ذات ألوان داكنة فضلا عن الشوارع والأرصفة ذات الألوان القاتمة ما يزيد من تسخين الجو بسهولة وبمقدار أكبر مقارنة بالمناطق ذات مساحات خضراء.

وانطلاقا من هذه الطريقة الطبيعية لتقليل تسخين الجو، يمكن للإنسان استلهام الحل في تبريد الأرض عن طريق طلاء المنازل و الأسطح باللون الأبيض لتعكس أشعة الشمس إذ أن السقف الأبيض يكون أبرد بحوالي 30٪ عن السقف داكن اللون. وقد تبدو هذه الفكرة بسيطة ورخيصة في الوقت نفسه لكن شريطة أن يتم تبني هذه الاستراتيجية في أنحاء العالم من إفريقيا إلى منطقة الشرق الأوسط وحتى المناطق الأوروبية للحفاظ على خفض درجات الحرارة.