محتجون ينددون بإهدار مال الإيرانيين في غزة ولبنان

الإيرانيون ينتقدون الدعم المالي الذي تقدمه الحكومة للميليشيات في لبنان واليمن والعراق وغيرها، ويدفعون بأن الدخل القومي ينبغي أن ينفق على احتياجات الشعب وليس على تلك الميليشيات.
متظاهرون في شوارع طهران يذكّرون النظام: لا غزة ولا لبنان، حياتي في إيران
هتافات ضد سياسات النظام الإيراني خلال احتجاج على انقطاع الكهرباء
شعارات الإيرانيين الغاضبين تحول أحلام النظام بتصدير الثورة إلى كوابيس

طهران- تجمع العشرات في شارع "جمهوري إسلامي" أحد أهم شوارع العاصمة طهران الاثنين احتجاجا يبدو في ظاهره اعتراض على انقطاع التيار الكهربائي، بينما تكشف الشعارات التي رددها المتظاهرون أزمة أعمق وتكشف أن "الهدوء" الذي شهدته إيران في الأشهر الأخيرة بعد احتجاجات أواخر 2018 و2019 لم يكن سوى نيران مستعرة تحت الرماد.

والاحتجاجات الأخيرة التي بدأت من خوزستان بسبب بنقص المياه إثر موجة جفاف غير مسبوقة ليست سوى نقطة في بحر من الاضطرابات التي تشهدها البلاد والتي لم يعد ممكنا إخمادها أو تجميلها أو حصرها، فبمجرّد أن يصرخ متظاهر في أقصى البلاد يهيج الشارع في طهران.

وكرر المحتجون، وفق شريط فيديو نشرته وكالة "فارس" الإيرانية عبر حسابها على تويتر، شعارات رددت خلال الاحتجاجات السنوات الماضية التي تجاوز فيها الإيرانيون، ولأول مرة منذ قيام الجمهورية الإسلامية، الخطوط الحمراء بأن هاجموا المرشد الأعلى شخصيا وتجرؤوا على توجيه الاتهام المباشر وبصوت عال إلى المرشد الأعلى ونظام الجمهورية الإسلامية ورجال الدين واتهموهم المتظاهرون بسرقة حقوق الشعب الإيراني، ورفعوا نكاية بالنظام أعلام الملكية وصور الشاه.

وأظهر الشريط أشخاصا يمشون في الشارع رافعين أيديهم في الهواء مرددين هتافات منها "لا غزة ولا لبنان، حياتي من أجل إيران"، في انتقاد ضمني لدعم طهران لحزب الله اللبناني وفصائل فلسطينية في قطاع غزة المحاصر من قبل إسرائيل، العدو الإقليمي اللدود للجمهورية الإسلامية.

وبهذا الشعار الذي تكرر الهتاف به في مظاهرات أخرى، ينتقد الإيرانيون الدعم المالي الذي تقدمه الحكومة للميليشيات في لبنان واليمن والعراق وغيرها، ويدفعون بأن الدخل القومي ينبغي أن ينفق على احتياجات شعبها وليس على تلك الميليشيات، منتقدين بذلك بشكل ضمني "مبدأ تصدير الثورة" الذي يعد أحد الأركان الرئيسية في أيديولوجيا الثورة الإسلامية في إيران.

60 بالمئة من سكان إيران تحت خط الفقر
60 بالمئة من سكان إيران تحت خط الفقر

يذكر أنه بسبب نقص المياه وانقطاع الكهرباء في إقليم خوزستان بجنوب غرب البلاد، اندلعت احتجاجات بشكل متكرر على مدى أيام ضد الحكومة، شهدت مصادمات مع الشرطة. وطبقا لتقارير رسمية سقط قتلي بين صفوف المتظاهرين وعناصر الشرطة.

وتخشى الحكومة الإيرانية احتمال امتداد الاحتجاجات إلى اقاليم أخرى في البلاد، لذا أرسلت مجموعة من المندوبين إلى خوزستان. لكن فشلت محاولات المرشد الأعلى في إيران لتهدئة هذه الاحتجاجات.

كما لم تعد سطوة الباسيج وقبضة الحرس الثوري قادرة على إسكات الأصوات الغاضبة التي امتزجت فيها مطالب الأقليات في الأقاليم الداخلية بأصوات الإيرانيين في طهران وكبرى المدن ذات الأغلبية الفارسية المؤيدة للنظام.

وشهدت مناطق عدة في إيران خلال الأعوام الماضية، احتجاجات على خلفية الظروف المعيشية والاقتصادية التي يقول المسؤولون الإيرانيين إنها بشكل أساسي للعقوبات الأميركية القاسية، فيما لم يعد يقنع ذلك الإيرانيين خاصة بعد أن تم توقيع الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة خمسة زائد واحد واستثمار مكاسب الاتفاق في حروب الخارج على حساب احتياجات الداخل.

وبينما يقول مراقبون إن الأوضاع الهشة في إيران قد تفيد كورقة رابحة لردع سياسات إيران في الشرق الأوسط وعودة النقاش حول الاتفاق النووي، يحذر آخرون من أنه يجب التعامل بحذر مع الوضع الداخلي في إيران فهو بمثابة قنبلة موقوتة على المجتمع الدولي الانتباه لها لأن انفجارها لن يكون محصورا بالداخل بل سيطال لهيبه كل المنطقة المنهكة بالحروب والصراعات وأزمات اللاجئين.