محققون أوروبيون يستمعون في بيروت لشهود في قضية سلامة
بيروت - بدأ محققون أوروبيون الاثنين في بيروت بالاستماع إلى شهود في إطار تحقيقات يجرونها تتعلق بثروة حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الذي ما زال في منصبه رغم كل الشكاوى والاستدعاءات والاتهامات وقرار منع السفر الصادر بحقه.
وقال مصدر لوكالة فرانس براس، طالبا عدم الكشف عن اسمه، إنّ "محققين من ألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ استمعوا الاثنين إلى سعد العنداري وهو نائب سابق لحاكم مصرف لبنان بصفة شاهد بحضور القاضيين عماد قبلان وميرنا كلاس اللذين توليا طرح الأسئلة"، بينما تغيب عن جلسة الاستماع خليل قاصاف العضو السابق في هيئة الرقابة على المصارف بعد تقديمه شهادة طبية.
وتعود هذه القضية التي هزت الشارع اللبناني إلى أواخر مارس/آذار 2022 عندما أعلنت وحدة التعاون القضائي الأوروبية "يوروجاست" أن فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ جمدت 120 مليون يورو من الأصول اللبنانية إثر تحقيق استهدف سلامة وأربعة من المقربين منه بتهم تبييض أموال و"اختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو على التوالي بين 2002 و2021".
وأكد مصدر قضائي لبناني أن زيارة المحققين الأوروبيين هدفها استكمال تحقيقات عالقة في قضايا مالية مرتبطة بسلامة. ولم تطلب الوفود القضائية مساعدة من القضاء اللبناني بل اكتفت بإخطار لبنان بمواعيد وصولها وتاريخ الاستجوابات التي ستجريها وأسماء الذين سيتم التحقيق معم وبينهم سلامة.
ومن المقرر أن يستمع المحققون الأوروبيون الثلاثاء إلى شاهدين آخرين، هما النائب السابق لحاكم مصرف لبنان أحمد جشي ورئيس مجلس الإدارة والمدير العام لبنك الموارد مروان خير الدين وهو وزير سابق، في حين تشمل قائمة الأشخاص الذين يعتزم المحققون الأوروبيون الاستماع إليهم كشهود موظفين حاليين وسابقين في البنك المركزي ومدراء عدد من المصارف، فيما ذكرت مصادر قضائية أن اسم رياض سلامة غير مدرج ضمن اللائحة في هذه المرحلة. ويواجه الأخير شكاوى عديدة ضده في لبنان ودول أوروبية، لكنه يتشبث بنفي الاتهامات الموجهة إليه، معتبرا أن ملاحقته تأتي في سياق عملية "لتشويه صورته".
ورفضت محكمة في بيروت طلب قاض بالتنحي عن النظر في قضية سلامة وتوجيه اتهامات إليه بالفساد، معللا ذلك بأنه سبق له أن أبدى رأيه في القضية المثيرة للجدل والتي يتابعها اللبنانيون ويترقبون نتائجها بما أنها إحدى أكبر قضايا الفساد التي جعلت بلدهم على حافة الإفلاس.
وتحقق سويسرا منذ نحو عامين في عمليات اختلاس أموال ألحقت أضرارا بمصرف لبنان يشتبه في وقوف سلامة وشقيقه خلفها وقُدرت بأكثر من 300 مليون دولار. ومنذ يوليو/تموز 2021 يحقق القضاء المالي الفرنسي في ثروة سلامة، وقد وجه لامرأة أوكرانية مقربة منه اتهامات بينها غسل أموال واحتيال ضريبي.
ويلاحق القضاء اللبناني سلامة في قضايا عديدة من بينها قضية تتعلق بمصادر ثروته بناء على التحقيق السويسري، إلا أنه لم يصل إلى أي نتيجة. ورغم الشكاوى والاستدعاءات والتحقيقات ومنع السفر الصادر بحقه في لبنان لا يزال في منصبه الذي يشغله منذ عام 1993، ما جعله أحد أطول حكام المصارف المركزية عهدا في العالم ومن المفترض أن تنتهي ولايته في مايو/أيار 2023.
ويواجه سلامة تحقيقات في لبنان وخمس دول أوروبية على الأقل في اتهامات تشمل ايضا شقيقه الأصغر رجا، بمراكمة ثروة تجاوزت 300 مليون دولار بواسطة الاختلاس وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع وغيرها.
ومنذ تفاقم الأزمة الاقتصادية الخانقة وفقدان الليرة اللبنانية لأكثر من 95 في المئة من قيمتها يتعرض سلامة لانتقادات حادة لسياساته النقدية باعتبار أنها أغرقت البلد في الديون، لكنه دافع مرارا عن نفسه قائلا إن المصرف المركزي "موّل الدولة ولكنه لم يصرف الأموال، محملا المسؤولين السياسيين مسؤولية الانهيار".
ويتصدر لبنان قائمة أسوأ ثلاثة انهيارات مالية شهدها العالم منذ القرن التاسع عشر، إذ طال الفقر ثمانية من بين كل 10 أشخاص وفقد واحد من كل خمسة عمّال وظيفته وصارت 41 في المئة من العائلات عاجزة عن الوصول إلى الطعام والأساسيات الأخرى.