محكمة سويدية ترفض تسليم صحافي طالب به أردوغان بالاسم

قرار المحكمة السويدية العليا يعتبر صفعة للرئيس التركي لكنه أيضا ضربة لجهود السويد للانضمام لحلف شمال الأطلسي وهو أمر يتطلب موافقة تركيا التي رفعت لستوكهولم قائمة مطالب بينها تسليم مطلوبين.

ستوكهولم - من المتوقع أن تصعد تركيا لجهة عرقلة انضمام السويد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) بعد أن رفضت المحكمة العليا السويدية الاثنين تسليم الصحافي التركي بولنت كينيش وهو مطلب رئيسي لأنقرة للمصادقة على مذكرة تفاهم ثلاثية وقعتها كل من أنقرة وستوكهولم وهلسنكي في يونيو/حزيران الماضي على هامش قمة الناتو في مدريد.

وسبق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن أعلنها صراحة بعد مذكرة التفاهم، مهددا بأن بلاده لن تمرر مذكرة التفاهم للبرلمان للمصادقة عليها ما لم تنفذ السويد وفنلندا المطالب التركية وفي مقدمتها تسليم مطلوبين لتركيا من حزب العمال الكردستاني وشبكة فتح الله غولن التي يتهمها بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشل في صيف العام 2016.

وأشارت المحكمة في قرارها إلى "الكثير من العوائق" التي تحول دون تسليم رئيس تحرير صحيفة "زمان" سابقا، بولنت كينيش الذي تتهمه أنقرة بالضلوع في محاولة الانقلاب للإطاحة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان العام 2016.

ولفتت المحكمة إلى أن بعض الاتهامات الموجهة إلى كينيش لا تعتبر جرائم في السويد، إضافة إلى الطبيعة السياسية للقضية ووضعه كلاجئ في السويد ما يجعل عملية التسليم غير ممكنة.

وأشار القاضي بيتر أسب في بيان إلى "خطر حصول اضطهاد جراء قناعات هذا الشخص السياسية. وعليه، يتعذّر إجراء التسليم"، مضيفا ومن ثمّ "ليس من الممكن أن تستجيب الحكومة... لطلب التسليم".

وشدّد المكتب الإعلامي لوزارة الخارجية السويدية على هذه النقطة. وجاء في بيان للوزارة "لا يمكننا التكهّن بأي تأثيرات محتملة لـ(عملية) الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. الحكومة السويدية يجب أن تتبع القانون السويدي والقانون الدولي في قضايا التسليم، وهو ما نص عليه أيضا الاتفاق الثلاثي".

ويعدّ هذا الصحافي الشخص الوحيد الذي ذكره الرئيس التركي بالاسم من بين عشرات الأشخاص الذين تطالب أنقرة بتسلمهم، في مقابل الموافقة على انضمام السويد إلى الناتو.

واتخذت السويد وفنلندا بعد عقود لا بل قرون في حالة ستوكهولم من البقاء خارج أي حلف عسكري، قرارا تاريخيا بالترشح لعضوية الناتو بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

وباستثناء المجر التي ستصادق على انضمام السويد وفنلندا في مطلع العام 2023، تبقى تركيا الدولة الوحيدة التي تهدد بعرقلة انضمام هذين البلدين إلى الناتو.

وأحجمت تركيا التي تتهم السويد خصوصا بتوفير ملاذ آمن لجماعات كردية تعتبرها أنقرة "إرهابية"، عن المصادقة على طلب ترشيح هذين البلدين رغم توصلها إلى اتفاق مع السويد وفنلندا في يونيو/حزيران.

وتؤكد تركيا أنها تنتظر من ستوكهولم خصوصا اتخاذ إجراءات أكثر صرامة على صعيد مسائل عدة بما يشمل تسليم مطلوبين.

وزار رئيس وزراء السويد أولف كريسترسون تركيا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي للقاء أردوغان للبحث في هذه المسائل. وعندما سئل الأخير عن "الإرهابيين" الذين يريد من السويد أن تسلمهم لبلاده، ذكر كينيش فقط بالاسم.

وقال كينيش في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إن أردوغان ذكر اسمه فقط "لأنه يعرفني منذ عقود" بسبب مسيرته الطويلة في مجال الصحافة ولأنه أول اسم ورد على ذهنه عندما طرح عليه السؤال.

وأعرب الصحافي الذي يعمل الآن في مركز ستوكهولم للحريات، وهي جمعية أسسها معارضون أتراك في المنفى، عن "سعادته" بالقرار السويدي، مشدّدا على أنه لم يفاجئه.

وقال إن "القرار ليس غير متوقّع. لطالما قلت إن لدي ملء الثقة بالنظامين القانوني والقضائي في السويد حيث يسود حكم القانون"، مشدّدا على أن الاتهامات التي تطاله "من فبركة نظام أردوغان"، مشددا على أنه "لم يرتكب أي جريمة سياسية أو عنفية"، مؤكدا أنه ليس مدبرا لأي انقلاب وليس "إرهابيا"، مضيفا "أنا مجرّد صحافي. أنا شخص يمارس مهنته الصحافية في إطار الدفاع عن حقوق الإنسان".

وأكدت السويد مرارا أن السلطة القضائية في البلاد مستقلة وتعود لها كلمة الفصل في عمليات التسليم.

وفي مطلع ديسمبر/كانون الأول، سلمت السويد تركيا عضوا في حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره تركيا "إرهابيا". وكان هذا العضو فر إلى السويد في 2015 إلا أن طلب اللجوء الذي تقدم به رفض.

وعمدت أنقرة إلى زيادة عدد الأشخاص الذين ترغب بتسلمهم تدريجا، فبعدما كانت تطالب في البداية بـ33 شخصا انتقل العدد إلى 45 ومن ثم إلى 73 بحسب قوائم غير رسمية نشرتها وسائل إعلام مقربة من الحكومة التركية.