محمود حرشاني يوثق زيارته للجزائر في كتاب
صدر حديثا عن دار العوسجي الجزائرية للنشر للكاتب والصحفي التونسي محمود حرشاني كتاب بعنوان "الرحلة الجزائرية. ارتسامات ومشاهدات"، وهو كتاب يندرج في ما يعرف بأدب الرحلات أو الرحلة الصحفية.
وحرص المؤلف وهو صحفي بالأساس في الكتاب الذي يقع في نحو 32 صفحة من القطع المتوسط، على أن يوثق لزيارتين قام بهما إلى الجزائر في فترتين متباعدتين. كانت الزيارة الأولى في أكتوبر/تشرين الأول سنة 2000 لحضور احتفالية مؤسسة البابطين الثقافية بالشاعر الجزائري الأمير عبدالقادر الجزائري، أما الزيارة الثانية، فكانت بدعوة من وزارة الثقافة الجزائرية في مارس/آذار 2016 لحضور احتفالية الجزائر بالعيد العالمي للمرأة وانتظام ندوة دولية حول الحد من العنف المسلط على النساء، وكذلك اختتام الاحتفالات اختيار قسنطينة عاصمة للثقافة العربية سنة 2015 وتسليم المشعل إلى مدينة صفاقس التونسية.
وكانت لصاحب الكتاب في الزيارتين اتصالات بشخصيات جزائرية وزيارة لمعالم تاريخية تشتهر بها الجزائر.. كما يتحدث الكاتب عن الفروق التي شاهدها بين زيارته الأولى وزيارته الثانية.. ويقول إنه شاهد جزائر جديدة سنة 2016 وقد تعافت نهائيا مما يعرف بالعشرية السوداء.. وتخلصت من كل معوقات التنمية.
ويخصص الكاتب فصلا كاملا للحديث عن الندوة الدولية للحد من العنف المسلط على المرأة والتي احتضنتها الجزائر يوم 8 مارس/آذار 2016 بحضور الأمين العام للأمم المتحدة بون كيمون ورئيس الحكومة الجزائرية وممثلين للدول الأفريقية.
ويقول حرشاني إن هذه الندوة كانت ندوة هامة انبثق عنها ميثاق الجزائر للحد من العنف المسلط ضد النساء والفتيات وتأثير ذلك على الاستقرار الأسري. وينقل الكاتب عن رئيس الحكومة الجزائرية قوله إن "موضوع العنف المسلط ضد النساء والفتيات يعتبر من أكبر المعوقات التي تحول دون تحقيق تنمية شاملة في البلدان الأفريقية". أما بان كيمون فيؤكد في كلمته على انشغال منظمة الأمم المتحدة بتفشي ظاهرة العنف المسلط ضد المرأة والفتيات في البلدان الأفريقية.
وإثر ذلك يأخذنا الكاتب إلى زيارة متحف المجاهد في الجزائر ويؤكد انبهاره وإعجابه بما شاهده في المتحف من صور ووثائق توثق للثورة الجزائرية ويقف منبهرا أمام صورة الأمير عبدالقادر الجزائري ويتخيل حوارا طريفا معه وكان الأمير عبدالقادر الجزائري يحادثه.. يسأل الكاتب الأمير عبدالقادر الجزائري كيف كان شعورك وأنت تقود المقاومة ضد فرنسا.. ويجيب الأمير عبدالقادر الجزائري "لم يكن هناك وقت للشعور. كنا نعيش على وقع البنادق كل يوم. كل يوم نفتح أعيننا على حرب لا تنتهي.. وقلوبنا لا تنطفئ فيها جذوة الحرية".
كما نزور مع الكاتب قصر أحمد باي آخر بايات قسنطينة وما يحتوي عليه من كنوز وأسرار وهو تحفة معمارية أمر ببنائه أحمد باي سنة 1825 ولم تنته الاشغال به إلا سنة 1835 ولم تدم إقامة أحمد باي به إلا سنتين بعد سقوط قسنطينة في أيدي الفرنسيين سنة 1837.. كما يأخذنا الكاتب إلى زيارة متحف باردو للعادات والتقاليد بالجزائر العاصمة.
ويتحدث الكاتب عن زيارته إلى قسنطينة مدينة الجسور المعلقة وعاصمة الشرق الجزائري وموطن عدد من أعلام الفكر والثقافة في الجزائر مثل أحلام مستغانمي ومفدي زكريا ومالك ابن نبي وينبهر بوجود صور هؤلاء الأعلام معلقة في مدخل قصر الثقافة بقسنطينة. ويحدثنا الكاتب عن الحفاوة التي حظي بها ورفيقته الصحفية التونسية إنصاف اليحياوي من قبل المسؤولين الجزائريين وفي مقدمتهم وزير الثقافة الأسبق عزالدين ميهوبي ووزير التعليم العالي ووالي قسنطينة منذ حلولهم بمطار محمد بوضياف..
كتاب الرحلة الجزائرية للكاتب والصحفي التونسي محمود حرشاني كتاب حوي من المذكرات والانطباعات والمشاعر ما تفيض به صفحات هذا الكتاب الذي يبقى رغم صغر حجمه جواز سفر نحو الجزائر وما تزخر به من معالم، وهو مبادرة جريئة من الكاتب لتوثيق رحلته إلى هذا البلد الشقيق.
ومحمود حرشاني كاتب وصحفي تونسي صدرت له العديد من الكتب آخرها كتابه "حياتي في الصحافة من الهواية إلى الاحتراف"، ومجموعة من الروايات والكتب الموجهة لليافعين والأطفال، وفي أدب الرحلات سبق له أن أصدر ثلاثة كتب وهي "مذكرات صحفي في الوطن العربي"، و"دفتر سفر"، و"عشرة أيام بين لندن واكسفورد"، وكتابه الأخير "الرحلة الجزائرية"...