محمود صادق يرصد تجليات الفن المعماري لقلاع وحصون سلطنة عٌمان
يأتي الكتاب "الفن المعماري للمباني الدفاعية في سلطنة عٌمان خلال عصر اليعاربة"، للباحث محمود محمد صادق المتخصص في الاثار والعمارة الإسلامية، الذي صدر هذا الأسبوع عن مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم بسلطنة عُمان، وقدم له د.محمود احمد درويش أستاذ الآثار والعمارة الإسلامية. ليفصح عن حلقة هامة من حلقات بانوراما العمارة الإسلامية في سلطنة عُمان، ويسلط الضوء علي فترة هامة من فترات هذا الوطن العريق، فقد كانت لفترة الاحتلال البرتغالي للساحل العُماني من الفترات الهامة التي تركت اثراء عميقا في نفوس العُمانيين، والذي كان يعاني قبيل هذه الفترة من التمزق السياسي واختلاف الرؤي وكثرة الحروب الأهلية والاغتيالات السياسية، هذا الأمر كان سببا رئيسيا في جعلهم يقعون فريسة سهلة تحت واطئة هذا الاحتلال الغاشم، وعندما بويع بالامامة "ناصر بن مرشد اليعربي" في الرستاق عام (1034هــ / 1624م)، أخذ علي عتاقه مقاومة هذا الاحتلال وطرده خارج حدود عُمان، هذه الامر الذي كافح فيه امراء بني اليعاربة حتي كلل لهم الأمر بخروج اخر جندي في عُمان علي يد الإمام "سلطان بن سيف اليعربي" بحدود عام (1068هــ / 1658م).
وعقب خروج البرتغاليين من عُمان شهدت البلاد نهضة كبيرة في كافة مجالات الحياة المختلفة، ونظرا لكثرة الاموال وانتعاش الحياة الاقتصادية، دبت مظاهر العمران علي اشدها خلال هذه الفترة حتي اتصف هذا العصر من قبل المختصين بانه العصر الذهبي لبناء القلاع والحصون في أرجاء عُمان، فقد بني الإمام سلطان بن سيف اليعربي حصن وقلعة نزوي، عام (1059هـ/ 1649م)، فيما شيد الإمام بلعرب بن سلطان حصن جبرين المنيع بحدود عام (1075هــ / 1664م)، الذي يصفه الإمام السالمي بانه عجائب هذا الزمان، فيما شيد سلطان سيف بن سلطان حصن الحزم بحدود عام (1126هــ/ 1714م)، وقد بنيت هذه الحصون وغيرها كحصون دفاعية لتامين الدفاع عن الدولة، ومن جهة اخري ترسيخا لقوة الدولة وتدعيما للحكم وادراة امورها.
وقد تميز عصر اليعاربة بظهور التخطيطات المعمارية منتظمة الشكل في بناء الحصون الدفاعية، والتي كانت إيذانا ببداء فترة جديدة في تاريخ العمارة الدفاعية في سلطنة عُمان، فقد أحدث اليعاربة تغييراً معمارياً فارقاً في مخططات الأبنية الدفاعية بعُمان قبيل هذه الفترة، تمثلت في تغير كلي لشكل ونمط المخططات المعمارية القديمة التي كان متعارفا عليه من قبل، وابتكار طراز دفاعي جديد عُماني الأصل استطاع الجمع بين طراز العمارة المدنية بطابعها الحياتي المعيشي وبين العمارة الدفاعية بطابعها الحربي الصارم.
ويتناول هذا الكتاب شرحا مبسطا لهذا الطراز المعماري الفريد بهدف إيضاح هذا التخطيط المعماري للمباني الدفاعية منتظم الشكل خلال هذه الفترة، وذلك في ضوء عدد من النماذج المعمارية المختارة من قبل الباحث، بالإضافة الي دراسة العوامل التي ساهمت في انتشار هذا النوع من التخطيطات إبان عصر اليعاربة، كما عمد الباحث الي ايضاح التأصيل المعماري لمخططات هذه الأبنية، وذلك بهدف الوصول الي البدايات الأولي التي اشتق منها هذا التخطيط ومدي انتشاره في ربوع شبه الجزيرة العربية ودول الخليج العربي. وختاماً استعرض الباحث السمات والخصائص العامة التي امتازت بها هذه المباني.