مخاوف أفغانية من غياب الغطاء الجوي حال انسحاب القوات الأميركية

القوات الأفغانية قلقة بشأن الغموض الذي يكتنف انسحاب أكثر من 5000 جندي أميركي خشية أن تفقد الدعم الحاسم في مواجهة مقاتلي طالبان.

غزنة (أفغانستان) - أثار الغموض الذي يكتنف انسحابا مزمعا للقوات الأميركية المخاوف بين القوات الأفغانية المرهقة خشية أن تفقد الدعم الجوي الأميركي الذي يعد من المزايا القليلة الحاسمة في مواجهة مقاتلي حركة طالبان الذين تتزايد ثقتهم بأنفسهم.

فقد اهتزت أفغانستان بفعل تقارير تحدثت عن احتمال انسحاب أكثر من 5000 جندي أميركي في الأشهر المقبلة فيما يمثل تحولا عن الإستراتيجية المعلنة في 2017 وتقضي بزيادة الضغط على طالبان لقبول التفاوض على السلام.

ويتجاوز عدد القوات الأميركية العاملة في أفغانستان 14 ألفا في إطار قوة الدعم الحازم التي تعمل بقيادة حلف شمال الأطلسي في تدريب القوات الأفغانية وتقديم المشورة لها وعملية منفصلة لمحاربة الإرهاب تستهدف في الأساس تنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة.

وبينما تستمر محادثات السلام بين مسؤولين أميركيين وممثلين لحركة طالبان ليس واضحا ما هي القوات التي قد يتم سحبها وما إذا كانوا سيتوصلون إلى وقف دائم لإطلاق النار.

وعلى الخطوط الأمامية يسود هاجس واحد بين القوات الأفغانية.

قال شرطي اسمه شام الحق في غزنة المدينة الواقعة في وسط أفغانستان التي اجتاحها مئات من مقاتلي طالبان في أغسطس آب وطُردوا منها بمساعدة الضربات الجوية الأميركية "إذا توقف الدعم الجوي من جانب الأمريكيين فستكون كارثة علينا".

وقد سقط أكثر من 28 ألف قتيل في صفوف الجيش والشرطة في أفغانستان منذ أنهى حلف شمال الأطلسي مهمته القتالية في العام 2014. ويقول القادة الأميركيون إن هذه الخسائر "لا يمكن أن تستمر على هذا المنوال".

ورغم محادثات السلام تتواصل الاشتباكات الضارية ويسقط كل يوم عشرات من القتلى والجرحى في صفوف القوات.

وتراجعت المعنويات على الخطوط الأمامية بسبب ضعف القيادة وانخفاض الأجور وعدم انتظام الإمدادات في مواجهة مقاتلي طالبان المسلحين بأسلحة متطورة من بينها أجهزة الرؤية الليلية.

وعلى الرغم من عجز حركة طالبان عن السيطرة على إحدى المدن الكبرى فقد شددت قبضتها على مناطق ريفية وأصبحت تسيطر الآن، أو تنافس على السيطرة على، ثلث مساحة البلاد وفقا لتقديرات أميركية وعلى مساحة أكبر كثيرا وفقا لتقديرات أقل تحفظا.

قال جندي في غزنة "ليس من الممكن القتال بمعدة خاوية وأسلحة وذخيرة أقل من طالبان".

ومهما ساءت الأمور للجنود على الجبهات يدرك القادة الأفغان على الأقل أن بوسعهم الاعتماد على القوة الجوية الأميركية للحيلولة دون أن يمنوا بهزيمة منكرة.

ومنذ عام 2017 تصاعدت الضربات الجوية الأمريكية إلى مستويات لم تشهدها أفغانستان منذ ذروة مهمة حلف شمال الأطلسي القتالية في 2011 عندما تجاوز عدد القوات الأمريكية في البلاد 100 ألف جندي.

وعندما هددت حركة طالبان بالسيطرة على مدن فراه وغزني هذا العام كانت الغارات الجوية الأمريكية حاسمة في دحرها.

الطيران الاميركي
انسحاب يكتنفه الغموض

ورغم تشديد مقاتلي الحركة قبضتهم على الريف فقد سقط المئات منهم بمن فيهم قادة ميدانيون كبار قتلى في غارات أميركية بطائرات حربية وطائرات مسيرة وطائرات هليكوبتر.

ورغم أن الضربات الجوية أثارت انتقادات من نشطاء حقوق الإنسان والأمم المتحدة لتسببها في سقوط خسائر بشرية بين المدنيين فإن الجنود الأفغان يعتبرونها نعمة.

"لم تقف على أقدامها بعد"

لعدم إعلان أي تفاصيل عن سحب القوات حتى الآن فليس من المؤكد خفض الدعم الجوي نظرا لأن برنامج تدريب وتجهيز القوة الجوية الأفغانية الذي يبلغ حجمه سبعة مليارات دولار وينفذ على أربع سنوات لا يزال في منتصفه.

وفي العادة تقدم القوة الجوية الأفغانية الدعم لقوات أفغانستان وتنفذ حوالي نصف الضربات الجوية. وتضم هذه القوات طائرات إيه-29 للهجوم البري وطائرات هليكوبتر من طراز إم.دي-530 المزودة بالصواريخ.

ورغم المساعدات التي تقدر بمليارات الدولارات فإن قدرة القوة على دعم الوحدات والمحافظة على إمداداتها في التضاريس الأفغانية الوعرة تعتمد بدرجة كبيرة على المساعدة الدولية.

وقد هون متحدثون باسم الحكومة الأفغانية من الأثر المحتمل لسحب القوات الأميركية مشيرين إلى أن القوات الأفغانية تنفذ تقريبا كل العمليات القتالية.

غير أن الجنرال كينيث ماكينزي المرشح لتولي رئاسة القيادة الأمريكية الوسطى حذر في الشهر الماضي من أنه إذا انسحب القوات الأمريكية بأعداد كبيرة الآن "فلا أعتقد أنها (القوات الأفغانية) ستتمكن من النجاح في الدفاع عن بلادها".

وفي حين يثني الضباط الأميركيون العاملون مع القوات الأفغانية على بسالتها وروحها القتالية فلا تزال هناك مشاكل مزمنة تتعلق بالتنظيم والمسائل اللوجستية والإمدادات الجوية.

وقال الجنرال محمد نسيم سانجين قائد أحد ألوية المشاة في غزنة "لدينا قوات كافية لكننا سنحتاج القوات الأجنبية في الدعم الجوي والمساعدة وتدريب القوات الأفغانية".

وأضاف "إذا تقلصت الضربات الجوية أو توقفت فسيكون ذلك مصدر قلق لنا لأن القوات الأفغانية لم تقف على أقدامها بعد".

وفي لقاء عقد مؤخرا مع مسؤولين أميركيين قال الرئيس الأفغاني أشرف غني إن الدعم الجوي الأميركي حيوي.

ونقل مسؤول كبير عنه قوله في الاجتماع "بإمكاننا الصمود على الأرض إذا قمتم بتغطيتنا من السماء".