مخاوف تجتاح الشارع السوداني بشأن فاتورة الإصلاح الاقتصادي

السودان يعاني مخلفات اقتصادية سلبية تراكمت بفترة حكم البشير، وهو ما يصعب مهمة حكومة حمدوك الانتقالية في تحقيق التوازن الاقتصادي.
تهاوي الاقتصاد السوداني يدفع بالتفكير في رفع الدعم على السلع
عجز في ميزان الدفوعات يقدر بـ4 مليارات


الخرطوم - يسود الشارع السوداني ترقب حذر في انتظار القرارات الاقتصادية التي ستخرج من رحم الحكومة المرتقبة برئاسة عبدالله حمدوك.
ولفت رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك الشهر الماضي في حوار تلفزيوني إلى وجود مخاوف لدى الشارع السوداني بشأن رفع الدعم عن السلع.

وقال "لا مخاوف من روشتة صندوق النقد الدولي المتعلقة بتنفيذ إصلاحات اقتصادية في البلاد"، مشيرا إلى مخاوف البعض من رفع الدعم واتباع مزيد

وكان حمدوك قد أدى اليمين الدستورية الشهر الماضي رئيسا للوزراء للفترة الانتقالية المحددة بثلاث سنوات، بعد أن توافق عليه كل من قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي.من الخصخصة.

ودعا صندوق النقد الدولي السودان في 2017، إلى تحرير أسعار صرف العملة المحلية بالكامل في 2018، وهو ما حصل فعلا وإلغاء دعم الكهرباء والقمح بين 2019 و2021 كخطوات أولية نحو تحقيق إصلاحات اقتصادية.

لكن حمدوك أشار إلى أنه "لا يوجد خبير يعرف مشاكلنا أكثر منا وسنعمل على وصفة تُناسب أوضاعنا ليتماشى صندوق النقد الدولي مع رؤيتنا".

ويقول الخبير الاقتصادي نادر الهلالي إن "العجز في ميزان المدفوعات يصل إلى 4 مليارات دولار، حيث تصل واردات السودان إلى 9 مليارات دولار، بينما لا تتعدى الصادرات 5 مليارات".

ويرى الهلالي إمكانية تخفيض العجز إلى مليار دولار في حال قيام حكومة حمدوك برفع الدعم عن المحروقات، الذي يصل إلى 2 مليار دولار بجانب الدعم على القمح.

وأشار إلى أن رفع الدعم عن هذه السلع سيعمل على الحد من تهريبها إلى دول الجوار عقب ارتفاع أسعارها، كما سيعمل على تقليل استهلاكها في الداخل.

إلا أنه أكد على أن اتخاذ قرار رفع الدعم يحتاج إلى جرأة وشجاعة في ظل الظروف الحالية التي يشهدها السودان.

ويرى عبدالعزيز المحلل الاقتصادي عادل، الحاجة إلى هيكلة الدعم أو إعادة توجيهه إلى مستحقي الدعم وتخصيص دعم مالي مباشر لهم، ثم رفع الدعم عن السلع.

وأشار إلى أن إحصائيات حكومية تشير إلى أن الدعم المالي المباشر للفقراء لن تتجاوز كلفته 100 مليون دولار شهريا.

في المقابل يرفض الخبير الاقتصادي محمد الناير، الإقبال على رفع الدعم عن السلع في المرحلة المقبلة، مبينا أن السياسة تحتاج إلى عدة عوامل لكي تنجح.

وحذر من مغبة استمرار ارتفاع أسعار السلع، حال قيام حكومة حمدوك بتنفيذ سياسة الدعم خلال المرحلة المقبلة، وسط تدني أجور العاملين بالدولة واستمرار نسبة البطالة التي تقدر بـ19 بالمئة.

وأرجع الناير ارتفاع أسعار السلع إلى التطبيق الخاطئ لسياسة التحرير الاقتصادي التي طبقتها الحكومة السودانية منذ مطلع تسيعنيات القرن الماضي.

وتطرق إلى وجود عدد من العوامل الأخرى المتسببة في رفع الأسعار تشمل الهبوط المستمر للعملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، وعدم الاهتمام بالمخزون الاستراتيجي للسلع الاستراتيجية.

ويسجل الجنيه هبوطًا مستمرًا أمام الدولار حيث بلغ سعر شرائه في تداولات الأسواق الموازية 69 جنيها عبر النقد فيما سجل سعر البيع 70 جنيها.
 

وأورثت حكومة الرئيس المعزول عمر البشير على مدى 30 عاما نظيرتها الجديدة، اقتصاداً مثقلا بالأزمات المعيشية التي تتجلى في شح مستمر في السلع الإستراتيجية وهبوط متواصل في العملة الوطنية، فضلا عن شح السيولة في الأسواق.
وتشمل السلع المدعومة المحروقات (البنزين، الجازولين، وغاز الطبخ)، إضافة الى القمح والأدوية، وللحصول على اقتصاد مستقر يبدو رفع الدعم عن السلع الإستراتيجية وفي مقدمتها المحروقات والقمح، أولى الخطوات نحو الإصلاح الاقتصادي.
وتصل قيمة الدعم بحسب إحصائيات حكومية سابقة على المحروقات بجميع مشتقاتها إلى 2.250 مليار دولار سنويا، فيما يصل الدعم على القمح 365 مليون دولارا.

ويؤكد وزراء المالية الذين تعاقبوا في حكومات البشير، أن الدعم يستفيد منه شريحة الأغنياء من خلال شراء المواد المدعومة بأسعار زهيدة.

وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للإحصاء في 2016 أن نسبة الفقر في السودان بلغت 36.1 بالمئة.

وشهدت السنوات الماضية خفضا في دعم عديد السلع الأساسية، أثار موجة من الاستياء والغضب في الشارع وتفجر احتجاجات شعبية فضلا عن ارتفاع كبير في مستوى الأسعار.

وبدأت الحكومة السابقة تطبيق إصلاحات اقتصادية إبان انفصال جنوب السودان في يوليو/تموز 2011 وفقدان 75 بالمئة من الموارد النفطية ودخول البلاد في أزمة اقتصادية.

وحصل آخر خفض في الدعم عن الوقود والكهرباء والأدوية عام 2016، حيث شمل كذلك حظر استيراد عدد من السلع وتعويم سعر الصرف وخفض الإنفاق الحكومي بنسبة 10 بالمئة.