مخاوف داخلية ودولية من هيمنة حزب الله على لبنان

النجاح في تشكيل الحكومة اللبنانية على أهميته إلا أنه يثير القلق من سيطرة حزب الله على الحياة السياسية في البلاد.

بيروت - ما أن تشكلت الحكومة اللبنانية بعد مخاض سياسي عسير، وما أن انطلقت أعمالها السبت، حتى بدأت المخاوف المحلية والإقليمية والدولية من سيطرة حزب الله على مقاليد الحكم في البلاد والتحذير من تداعيات ذلك.

وسعى الحزب المدعوم ماليا وعسكريا من إيران للسيطرة على الحياة السياسية في البلاد، وهو ما أصبح أقرب إلى الواقع بعد نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة.

ومثلت الانتخابات العامة التي جرت في السادس من مايو/ أيارمؤشرا على فوز حزب الله بالغالبية الحكومية، بعدما فاز بالغالبية البرلمانية.

وحصل حزب الله وحلفاؤه السياسيون على أكثر من 70 مقعدا من أصل 128 مقعدا في البرلمان في أول انتخابات تجرى في لبنان منذ تسع سنوات.

كما ضاعفت الانتخابات عدد مقاعد حزب القوات اللبنانية تقريبا إلى 15 مقعدا من مقاعد البرلمان. ويشكل التيار الوطني الحر وحلفاؤه كتلة من 29 نائبا.

 وانعكست تلك النتائج على تشكيلة الحكومة التي ترأسها زعيم تيار "المستقبل" سعد الحريري وأبصرت النور الخميس الماضي.

النصف زائد واحد

وبالنظر إلى التوازنات الداخلية فقد حصل تيار "المستقبل" على 6 وزارات من 30، فيما حصل حزب "القوات" على 4 وزارات، وبالتالي حصدت قوى "14 آذار" 10 وزارات، ولم تصل إلى "الثلث المعطل" (لإصدار القرارات)، وهو 11 وزيرا.

بينما حصل "حزب الله" وحلفاؤه على 18 وزيرا، 6 لـ"حزب الله" وحركة "أمل" الشيعية، و10 وزراء لرئيس الجمهورية ميشال عون و"التيار الوطني الحر"، ووزير للقاء التشاوري السني ووزير لتيار "المردة" المسيحي.

وحصل "الحزب التقدمي الاشتراكي" الوسطي على وزيرين، وذلك بعد تعثر دام أكثر من ثمانية أشهر في عملية تشكيل الحكومة.

وبناء على هذه التشكيلة، لا يمكن لفريق "14 آذار" تعطيل إصدار أي قرار حكومي؛ لأنه لا يملك "الثلث المعطّل".

بالمقابل، يملك "حزب الله" وحلفاؤه النصف زائد واحد من عدد أعضاء الحكومة، ويمكنه تمرير أي قرار يريده، من دون أي قدرة للآخرين على تعطيله.

ما يزيد من مخاوف اللبنانيين هو أن "حزب الله" كان قادرا على فرض ما يريده من دون امتلاكه أغلبية نيابية ولا وزارية، فكيف سيكون الحال وهو يمتلك الأغلبية؟

الحكومة الجديدة تؤمّن مصالح حزب الله" الإستراتيجية، حيث بات يملك مع حلفائه 18 وزيرا، أي الغالبية المطلقة، وأكّد التيار الوطني الحرّ في مرات عدّة وكذلك الرئيس عون الانسجام مع حزب الله في الخيارات الكبرى

يقول المحلل والكاتب السياسي جوني منير إن "الحكومة الجديدة فيها توازن لمصلحة حزب الله، لكننا لا نستطيع القول إنه توجد سيطرة مطلقة للحزب ولا وجود لباقي القوى".

ويضيف أن "حزب الله أمسك بالكثير من المفاصل الوزارية من خلال الوزارات التي تولاها أو من خلال حلفائه، وعلى رأسهم التيار الوطني الحرّ (المسيحي)".

ويردف أن "الحكومة الجديدة تؤمّن مصالح حزب الله" الإستراتيجية، حيث بات يملك مع حلفائه 18 وزيرا، أي الغالبية المطلقة، وأكّد التيار الوطني الحرّ في مرات عدّة وكذلك الرئيس عون الانسجام مع حزب الله في الخيارات الكبرى".

ويلفت منير إلى أن "واشنطن كانت ترغب بتفعيل حكومة تصريف الأعمال برئاسة الحريري وعدم التأليف حاليا (تشكيل الحكومة) بانتظار ظروف جديدة تقلب موازين القوى، بفضل العقوبات (الأمريكية) المفروضة على إيران، لكن التطورات الحكومية تسارعت".

ويوضح أن "واشنطن تفصل بين العقوبات على حزب الله والداخل اللبناني ما زالت تُحيد المصارف اللبنانية عن العقوبات، كذلك المؤسسات الأمنية، وعلى رأسها الجيش اللبناني".

تحالف الحزب والتيار

من جهته يعتبر رئيس حركة "التغيير"  ايلي محفوظ أن "التحالف بين التيار الوطني الحر وحزب الله ساهم بتأمين الرافعة الأساسية كي يخترق الحزب كل المواقع ومراكز السلطة من خلال الساحة المسيحية".

ويتابع أن "حزب الله، الذي أخذ الغالبية الوزارية، استفاد من هذا التحالف للتسويق لفكرة أن التحالف هو ضمانة وطنية، لينكشف أنه كان تعويما وشرعنة لسلاح غير شرعي مقابل كراسي ومناصب وسلطة لتتلاشى معها فكرة الدولة".

ويوضح "تبين حجم الضرر الذي وقع على الدولة من خلال هذا التحالف، الذي أعطى التيار ما يبتغيه من سلطة، مقابل تمكين الحزب أكثر فأكثر من أن يكون له المساحة الأوسع لفرض هيمنته من دون الاضطرار لتصويب المسدس".

حزب الله
رهانات عسكرية بغطاء سياسي

وكان "حزب الله" قد وقّع مع "التيار الوطني الحرّ" في 6 فبراير/ شباط 2006، تفاهمًا ساهم بتغيير موازين القوى الداخلية لصالح "حزب الله"، والوقوف في وجه قوى "14 آذار"، المناؤئة للمحور السوري الإيراني، والمدعومة عربيا ودوليا.

سيطرة إيرانية

إضافة إلى المخاوف الداخلية توجد تحذيرات خارجية من تداعيات سيطرة "حزب الله" على الحكومة، عبّر عنها أكثر من طرف.

وبهذا الصدد، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأحد، إن "إيران تمتلك عددا كبيرا من الوكلاء، وحزب الله أحدهم".

وزاد بأن "حزب الله يسيطر فعلا على الحكومة اللبنانية، وهذا يعني أن إيران تسيطر على حكومة لبنان".

كما أعربت الولايات المتحدة الأمريكية عن قلقها، وحذّرت، الجمعة الماضي، من "ذهاب موارد وخدمات الوزارات التي تولاها مرشحو الحزب لصالح مؤسساته".

وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، روبرت بالادينو: "قلقون من أن حزب الله، الذي أدرجته الولايات المتحدة في قائمة المنظمات الإرهابية، سيظل يشغل مناصب وزارية، وسُمح له بتسمية مرشحه لمنصب وزير الصحة".

ويشغل "حزب الله" وزارة الصحة العامة، التي تعتبر موازنتها رابع أكبر موازنة للوزارات، إضافة إلى وزارة الشباب والرياضة ووزارة دولة.