مرتزقة اردوغان العالقون بليبيا يزوّرون تقارير طبية للعودة إلى سوريا

المرصد السوري يكشف احتيال المرتزقة السوريين في تزوير شهادات طبية عبر دفع رشاوي لقادة الفصائل التركية لضمان مغادرة الأراضي الليبية والفرار من الوضع المزري بعد تخلف تركيا عن الإيفاء بوعودها وتوريطهم هناك.
تركيا تضلل العالم بعمليات انسحاب بيضاء لمرتزقتها من ليبيا
وصول دفعة جديدة من المرتزقة السوريين إلى تركيا بمرتبات 500 دولار
المرصد: كلما غاردت دفعة من المرتزقة ليبيا دخلت أخرى عبر الأراضي التركية
المرصد السوري يشكف عن نية أنقرة إبقاء المرتزقة لحراسة قواعدها العسكرية بليبيا

طرابلس - كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان الأربعاء عن احتيال المرتزقة السوريين العالقين بليبيا في تزوير تقارير طبية عبر دفع رشاوي لقادة الفصائل التركية لضمان العودة إلى الأراضي السورية بعد أن دفعت بهم تركيا في الحرب الليبية خدمة لأجنداتها التوسعية.

وبينما توقفت عمليات العودة بعد مغادرة بعض المرتزقة السوريون ليبيا، بحسب مصادر المرصد التي رصدت وصل أعداد قليلة منهم إلى سوريا، يعمد كثير من المرتزقة وسط استياء كبير والإفلاس يعد أن تقطعت بهم السبل ولم يعد لهم دور مع الهدوء النسبي في الأراضي الليبية، إلى دفع رشوة للأطباء بهدف تزوير تقارير طبية تمكنهم من العودة إلى سوريا.

وتوقفت عمليات رجوع المرتزقة منذ 25 مارس/آذار الماضي وهو موعد آخر رحلة جاءت عقب توقف دام لأشهر منذ آخر رحلة في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

وأكد المرصد السوري أن ما ورد من أنباء عن عودة المرتزقة السوريين قبل أسابيع كان مجرد عمليات تبديل، حيث تعود دفعة إلى سوريا وتتجه أخرى إلى ليبيا، مشيرا إلى أن مهمة هؤلاء هي حراسة المنشآت النفطية الليبية وحمايتها.

كما أشار المرصد إلى أن هناك نوايا تركية لإبقاء مجموعات من الفصائل السورية الموالية لها في ليبيا لحراسة قواعد تركيا العسكرية وحماية مصالحها هناك، فيما تتمسك أنقرة ضمن خططها التوسعية في المنطقة بإبقاء تواجدها العسكري في البلد الغني بالنفط لتحقيق لأطماعها.

ولا تزال أنقرة تجند المقاتلين السوريين على أراضيها وتجهيزهم لإرسالهم لأحد جبهات القتال المتدخلة فيها، حيث أفادت مصادر المرصد من منطقة عفرين بأن فصيل السلطان سليمان شاه الموالي للأتراك، جهز مؤخرا دفعة من مقاتليه وأرسلها إلى تركيا بمرتبات شهرية تعادل 500 دولار.

وقالت مصادر المرصد إن "الكثير من المرتزقة لا يرغبون بالعودة إلى سورية بل يريدون الذهاب إلى أوروبا عبر إيطاليا".

وعاني المرتزقة السوريون الموالون لتركيا والذين بلغ عددهم مع جنسيات أخرى حوالي 20 ألف عنصر، الويلات منذ وصولهم إلى الأراضي الليبية والدفع بهم من قبل القوات التركية في الصفوف الأمامية من القتال، مع تخلف أنقرة عن سداد مستحقاتهم المالية بعد أن تم إغرائهم بمبالغ تصل إلى 2000 دولار شهريا مستغلة احتياجاتهم بسبب الوضع المتأزم في وسوريا.

ونُقل عن أحد المرتزقة آنذاك أن استياء كبيرا خيم عليهم بعد وصولهم إلى ليبيا واكتشاف تحايل تركيا عليهم بوعود زائفة وإغراءات واهية فضلا عن الوضع المزري في مناطق إيوائهم وإقبالهم على معارك ضارية.

ضاقت بهم بعد هدوء نسبي في ليبيا
ضاقت بهم بعد هدوء نسبي في ليبيا

وكانت تركيا قد أصدرت في مارس/آذار الماضي تخت الضغوط الدولية أوامر بسحب مرتزقتها من ليبيا، إلا أن شكوكا حامت حول نوايا الجيش التركية وتحدثت عن تلاعب الاتراك بعملية الانسحاب، حيث غادرت مجموعة من المرتزقة ليبيا دون معرفة ما إذا كانت وصلت الأراضي التركية أم انتقلت إلى منطقة أخرى من الأراضي الليبية أو هربت باتجاه أوروبا، في تحركات أشبه بعمليات بيضاء لتمويه المجتمع الدولي المطالب بسحب كل القوات الأجنبية والمرتزقة.

ومنذ بداية العام الجاري صدرت أوامر تركية رسمية للمرتزقة بالاستعداد للعودة إلى الأراضي السورية بعد تزايد الضغوط الدولية على أنقرة لسحب مرتزقتها من ليبيا.

وكانت تقارير تحدث عن أن طريق عودتهم مجهول وأن تركيا قد تلجأ لإعادتهم  بشكل سري وغير معلن حتى لا تتحمل إدانات دولية وتكلفة تتبع محكمة الجنايات الدولية بشأن قضية تجنيد المرتزقة في الأراضي الليبية، فيما يواجه آلاف المرتزقة الذين أرسلهم الرئيس التركي رجب طيب اردوغان مصيرا مجهولا بعد وقف النار وتقدم العملية السياسية في ليبيا.

وأرسلت تركيا إلى ليبيا منذ توقيعها في العام 2019 اتفاقية أمنية مع حكومة الوفاق آنذاك نحو 20 ألف مرتزق بينهم سوريون وآخرون يحملون جنسيات مختلفة وعناصر من تنظيم الدولة الإسلامية، في عملية أثارت انتقادات دولية واسعة واتهامات لأنقرة بتأجيج الحرب الليبية في وقت كانت الأطراف الدولية تسعى لإيجاد حل سلمي يجنب الليبين مزيدا من الاقتتال.

لكن تركيا التي تسعى إلى ترميم الشروخ في العلاقات مع المجتمع الدولي وخاصة الدول العربية لتخفيف عزلتها، بدت أنها تحاول إيهام المجتمع الدولي بأنها تسحب مرتزقتها بعمليات بيضاء دون التخلي عن تمركزها في ليبيا.

وسعت أنقرة من خلال نشرها للمرتزقة فضلا عن تواجد عناصرها العسكرية في طرابلس إلى إغراق ليبيا في الفوضى وإشعال النزاع بين طرفي الصراع، استنساخا للسيناريو السوري، فيما دأبت السلطات التركية للاستثمار في الاضطرابات الأمنية والسياسية بهدف تثبيت تواجدها في الأراضي الليبية وتوسيع نفوذها في منطقة غنية بالمحروقات، وذلك ضمن مشروع اردوغان الطامع في نفوذ أوسع بالمنطقة، بعد أن داس على القوانين الدولية، متحديا المجتمع الدولي ومتنكرا لتعهدات مؤتمر برلين وخارقا لحظر الأسلحة الأممي على ليبيا.