مرشحو الرئاسة يتسابقون على ناخبين يرفضون التصويت في الجزائر

فصل جديد من الأزمة في الجزائر مع بدء حملة الانتخابات الرئاسية المتوقع ان تكون محورا رئيسيا للمواجهة بين السلطات والحركة الاحتجاجية.

الجزائر - بدأ المرشحون الخمسة في الانتخابات الرئاسية الجزائرية الأحد حملاتهم للانتخابات المقررة في 12 ديسمبر كانون الأول لكن بعض محتجي المعارضة الذين يقولون إن التصويت لن يتسم بالنزاهة علقوا أكياسا من القمامة في الأماكن المخصصة للملصقات السياسية.
وتقول حركة "الحراك" المعارضة التي انبثقت هذا العام من رحم الاحتجاجات الأسبوعية العارمة التي تطالب النخبة الحاكمة بترك السلطة إنها لن تؤيد أي انتخابات حتى يتنحى المزيد من المسؤولين الكبار.
وللمرشحين الخمسة صلات وثيقة بالمؤسسة الحاكمة، ورغم سعي بعضهم لإجراء إصلاحات إلا أن كثيرين يرونهم جزءا من النخبة المتشبثة بالسلطة منذ فترة طويلة.
وقال محتج يدعى سامين (23 عاما) اكتفى بذكر اسمه الأول خشية التعرض للانتقام "الانتخابات مرفوضة تماما. لن نقبلها ولهذا السبب سيتم رفضها باعتبارها قمامة".

الانتخابات مرفوضة تماما. لن نقبلها باعتبارها قمامة

واحتشد المحتجون في شوارع المدن الجزائرية في أواخر فبراير/شباط بعدما تبين أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سيسعى لفترة جديدة في السلطة.
ورغم افتقارهم إلى زعيم، نجح المحتجون في الإطاحة ببوتفليقة في أبريل/نيسان بعدما تحول الجيش ضده، وتقرر وقتها إجراء انتخابات رئاسية في يوليو/تموز لكنها أرجئت.
ومنذ ذلك الحين، ظهر الجيش بقيادة الفريق أحمد قايد صالح كأقوى مؤسسة في السياسة الجزائرية واحتجزت السلطات العديد من حلفاء بوتفليقة بتهم فساد وسجنت بعضهم.
لكن الجيش يرغب في عودة الأوضاع إلى طبيعتها وإنهاء فترة الفراغ الدستوري التي يتولى خلالها رئيس مؤقت السلطة حتى إجراء الانتخابات.
وقال الجيش وجبهة التحرير الوطني، وهو الحزب الذي قاد النضال حتى نيل الاستقلال عن فرنسا عام 1962 ويحكم البلاد منذ ذلك الحين، إنهما لن يدعما أيا من المرشحين ووعدا بخلو الانتخابات من أي تدخل.
لكن معارضة الحراك للانتخابات تنذر بمواجهة بشأن التصويت الذي يتطلع الجيش والمؤسسة الحاكمة أن يشهد مشاركة كافية تضمن شرعية الرئيس الجديد الذي يمكن له بعدئذ التحرك لإنهاء الاحتجاجات.
وقال المحلل السياسي فريد فراحي "لا أحد يعلم كيف ستتصرف الأغلبية الصامتة يوم الانتخابات. إن لم تكن مع الحراك فهذا لا يعني أنك مع النظام".
ووصف دبلوماسي غربي في الجزائر المرشحين الخمسة بأنهم "نسخة أخف لنظام بوتفليقة".
وكان أحد المرشحين وهو علي بن فليس رئيسا للوزراء إبان حكم بوتفليقة لكنه أسس فيما بعد حزبا معارضا وخاض الانتخابات ضد الرئيس عام 2014 في محاولة لم تكلل بالنجاح.

تعبئة جديدة
تعبئة جديدة

كما كان المرشح الثاني، وهو عبد المجيد تبون، أيضا رئيسا للوزراء وأقاله بوتفليقة بعد 90 يوما فقط في المنصب عقب اشتباكه مع أحد حلفاء الرئيس حينئذ.
وشغل الثالث وهو عز الدين ميهوبي منصب وزير الثقافة لسنوات تحت حكم بوتفليقة. وكان الرابع عبد العزيز بلعيد عضوا كبيرا بجبهة التحرير.
وكذلك المرشح الخامس عبد القادر بن قرينة، وهو إسلامي معتدل، فقد شغل في السابق منصب وزير السياحة.
وكان المحتجون اسقطوا انتخابات كانت مقررة في الرابع من تموز/يوليو لعدم وجود مترشحين.

المرشحون الخمسة نسخة أخف لنظام بوتفليقة

لكن الأمر مختلف في انتخابات 12 كانون الأول/ديسمبر، إذ تبدو السلطة وخصوصا قيادة الجيش ماضية في تنظيمها وايصال مرشح إلى قصر المرادية (مقر رئاسة الجمهورية).
والسبت دعت قيادة الجيش "كافة المواطنين الغيورين على وطنهم إلى المساهمة النشيطة إلى جانب قوات الجيش، للوقوف صفا واحدا لإنجاح هذا الموعد المصيري في حياة ومستقبل البلاد"، كما جاء في بيان لوزارة الدفاع.
وترفض الحركة الاحتجاجية إجراء الانتخابات تحت إشراف الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح وحكومة نور الدين بدوي وحتى الفريق قايد صالح.
ولا أدلّ على هذا "الرفض" بحسب المحلل السياسي محمد هنّاد من أن ايا من المرشحين لم ينشر صوره في الأماكن المخصصة لذلك في العاصمة. وتمنى في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية "ان يبقى الاحتجاج سلميا ولا ينزلق إلى العنف".
وظلت اللوحات المخصصة لدعاية المرشحين في وسط العاصمة خالية من صورهم بينما "قام ناشطون بإلصاق صور بعض المعتقلين على بعضها" و"كُتبت عبارات سب وشتم على اخرى"، على حد قول هناد.
وقال أستاذ القانون والعلوم السياسية إسماعيل معراف إن"الحركة الاحتجاجية ستعرف تصعيدا في تعبئتها وسيزداد عدد المتظاهرين. لكن في غياب قيادة له بعد ان تم اعتقال أغلبهم والحصار الإعلامي فلن يمنع ذلك من إجراء الانتخابات".
وأضاف "السلطة تعودت على تنظيم الانتخابات في ظروف استثنائية كما فعلت خلال سنوات الإرهاب (الحرب الأهلية بين 1992و2002 التي اسفرت عن 200 ألف قتيل) حيث كان التقتيل يوميا وتهديد من يشارك في الانتخابات بالموت".
ورغم ذلك فإن المهمة ستكون "صعبة" على المرشحين كما كتبت صحيفة الخبر التي اعتبرت أنهم "سيجدون صعوبة في تجنيد المتردّدين" الذين يرون أن "النتيجة محسومة مثل مختلف المواعيد السابقة" التي شهدت تزويرا للنتائج حسب المعارضة. وينتظر ان تستمر الحملة الانتخابية 21 يوما لتنتهي قبل ثلاثة أيام من يوم الاقتراع.