مرض دوللي: الاستنساخ في موقف الدفاع

الخلايا المستنسخة تهرم قبل اوانها

ادنبره (بريطانيا) - اثارت اصابة النعجة دولي مجددا المخاوف من الشيخوخة المبكرة لدى الحيوانات المستنسخة، كما انها تدل على مخاطر الاستنساخ البشري بما في ذلك خطورة زرع اعضاء حيوانية لدى الانسان على المدى القصير.
واعلن البروفسور الاسكتلندي ايان فيلموت من معهد روزلين في أدنبرة، عاصمة سكوتلانده، الذي اشرف على برنامج استنساخ النعجة، انه ليس ممكنا في حالة دولي معرفة ما اذا كانت اصابتها المبكرة بداء المفاصل في ساقها الخلفية اليسرى عند مستوى الورك والركبة ناجمة عن الاستنساخ، او ان الامر "مجرد حادث مشؤوم".
لكنه اقر بان "واقع ان تصاب دولي بداء المفاصل وهي في الخامسة من عمرها يدعو الى الاعتقاد بوجود مشكلات"، داعيا الباحثين في العالم الى تبادل دراساتهم.
وقال البروفيسور ويلموت إن طرق الاستنساخ الموجودة حاليا ما زال بها أوجه نقص وأن فريقه يشعر بالاحباط لما حدث. إلا أنه لم يعتبر ظهور مرض مثل التهاب المفاصل، الذي لا يظهر عادة إلا في الكبار في السن، بمثابة "انتكاسة كبرى" في عمليات الاستنساخ.
وقال ويلموت أن هناك احتمالات كبيرة وواعدة في عمليات الاستنساخ، وأنه لا بد من إجراء المزيد من الابحاث. إلا أن الجهات المعارضة للاستنساخ سارعت إلى المطالبة بمنع جميع التجارب في هذا المجال.
وصرح ويلموت للصحفيين إن ما حدث دليل آخر على أن تكنولوجيا الاستنساخ الحالية ما زالت تعاني من القصور، مشيرا في هذا الصدد إلى أن عددا قليلا من المخلوقات المستنسخة فقط قد بقي على قيد الحياة. وأقر بأن العلماء لن يتمكنوا أبدا من التوصل إلى دليل قاطع حول ما إذا كان المرض نتيجة مباشرة لا يمكن تجنبها لعمليات الاستنساخ أو إن إصابة النعجة التي يبلغ سنها خمس سنوات ونصف كان حالة انفرادية لا علاقة لها بالاستنساخ.
وقال ويلموت إن دوللي تعالج بنجاح بأدوية مضادة للالتهاب وقد تعيش حتى عمر العاشرة.
ويعد مرض التهاب المفاصل بين الاغنام مرضا منتشرا، ولكنه عادة ما يصيب مفاصل المرافق وفي عمر متقدم.
واعترف ويلموت بأن أعضاء الحيوانات المستنسخة التي قد تصلح لزراعتها في الانسان في المستقبل قد تصيب المريض بالعجز المبكر.
وأضاف أن العلماء يحتاجون إلى إنتاج عدد كبير جدا من الحيوانات المستنسخة للتأكد مما إذا كانت نسبة التهاب المفاصل مرتفعة في هذه الخراف بالمقارنة بالحيوانات العادية.
وأعرب نيك هاريس الباحث في منظمة مناهضة للاستنساخ عن عدم دهشته لعلامات الشيخوخة المبكرة.
وقال أنه يجب أن يكون لهذه المعلومات "أثر كبير في هؤلاء العلماء غير المسئولين الذين يريدون استنساخ البشر .. يجب أن نوقف كل برامج الاستنساخ المتعلقة بالنسيج البشري".
وأدت إصابة دوللي أشهر نعجة في العالم بهذا المرض إلى هبوط بمقدار 15 في المائة في أسعار أسهم شركة بي.بي.أل ثيرابيوتيكس، الشركة التي طورتها.
وكانت أسهم هذه الشركة قد شهدت ارتفاعا كبيرا منذ أيام بعد أن أعلن علماء أميركيون يعملون في نفس الشركة أنهم نجحوا في استنساخ خمسة خنازير معدلة وراثيا لمنع رفض الجسم لزراعة أعضاء من هذه الخنازير.
يشار إلى أن دوللي أصبحت مشهورة بين ليلة وضحاها في عام 1996 عندما أصبحت أول حيوان ثديي يستنسخ باستخدام الحامض النووي المنزوع من حيوان بالغ. وولدت دوللي في الخامس من شهر تموز/يوليو عام 1996 بعدما استخدم ويلموت خلية ثدي نعجة وزرعها في خلية بويضة فارغة.
يذكر انه قد سبق واشير الى الشيخوخة المبكرة لدى دولي في ايار/مايو 1999 عندما اشارت دراسة اجرتها "تيرابوتيكس" الى ان عمر الصبغيات (كروموزم) لدى دولي ليس ثلاث سنوات بل تسع، اذ اضيف الى عمرها الفعلي ست سنوات، وهو عمر النعجة التي اخذت منها الخلية التي سمحت بان ترى دولي النور.
وكانت دولي المولودة في تموز/يوليو 1996 اول حيوان مستنسخ من خلية راشدة من فصيلة الثدييات لكن ولادتها لم تعلن قبل عام 1997.
وعلى اثر الاعلان ارتفعت اصوات الاستنكار والاحتجاج من قبل المنظمات المدافعة عن الحيوانات.
وقال دان ليون من مجموعة حماية الحيوانات "كاج" غاضبا ان "البيولوجيا ليست لعبة «ليغو» او «ميكانو». لا يمكنكم التصرف باحد عناصر الجهاز الحيواني وتوقع ان يستمر الباقي بالعمل بشكل تام". وندد بالاهداف التجارية لمختبرات الابحاث.
وتشكل عمليات زرع الاعضاء سوقا تقدر باكثر من خمسة مليارات دولار سنويا بالنسبة لاعضاء كاملة، وستة مليارات دولار بالنسبة لزرع خلايا لا سيما خلايا تنتج مادة الانسولين لعلاج المرضى بالسكري.
وتأتي هذه المخاوف في الوقت الذي اعلنت فيه شركة "بي بي ال تيرابوتيكس" التي تقف وراء استنساخ النعجة دولي الاربعاء انها انتجت خمسة خنازير صغيرة مستنسخة خالية من الجينة (المورثة) التي تعتبر مسؤولة عن رفض جسم الانسان لعضو خنزير مزروع.
كما اعلن باحثون اميركيون انهم نجحوا في استنساخ خنزير صغير جدا نزعت من خلاياه جينة تتسبب في رفض الجسم لعضو خنزير مزروع مما يمثل خطوة نحو انتاج اعضاء يمكن زرعها للانسان، وفق ما افادت دراسة نشرتها مجلة "ساينس" الاميركية في عددها الصادر الجمعة.
واعربت شركة "تيرابوتيكس" عن ارتياحها "لهذه المرحلة الحيوية التي من شأنها ان تسمح في المستقبل بزرع اعضاء او خلايا حيوانات كهذه للانسان بدون ان يرفضها الجسم".