مساع أميركية دبلوماسية أخيرة تجاه الشرق الأوسط

بلينكن يبحث مع نظيريه الإماراتي والسعودي جهود التوصل إلى حل دبلوماسي في لبنان، وإطلاق سراح الرهائن ورسم مسار يسمح للفلسطينيين في غزة بإعادة بناء حياتهم.

واشنطن – تواصل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن التي توشك ولايتها على الانقضاء جهودها الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاقات لإنهاء صراعي إسرائيل في غزة ولبنان، قبل موعد تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب في 20 يناير المقبل وذلك لتحقيق إنجازات حتى وإن كانت محدودة، في مسعى لتعزيز إرثها في السياسة الخارجية.

وفي هذا الإطار تحدث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الجمعة مع نظيريه في الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان والسعودية الأمير فيصل بن فرحان.

وقال مسؤولون أميركيون إنهم سيبذلون جهدا أخيرا للتوصل إلى صفقات في الصراعات، لكن لم يتضح مدى النفوذ الذي يتمتعون به على إسرائيل والجهات الفاعلة الأخرى في المنطقة التي تتحول أنظارها الآن إلى الإدارة القادمة للرئيس المنتخب ترامب.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض ماثيو ميلر إن بلينكن أكد في اتصالاته الجمعة رغبة الإدارة المستمرة في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة في أقرب وقت ممكن وحسم الصراع بين إسرائيل وحزب الله في لبنان دبلوماسيا، فضلا عن مناقشة الصراع في السودان.

وأضاف ميلر أن بلينكن ناقش في مكالمته مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان "جهود التوصل إلى إطلاق سراح الرهائن ورسم مسار يسمح للفلسطينيين في غزة بإعادة بناء حياتهم وتعزيز الحوكمة والأمن وإعادة الإعمار".

وقال ميلر إن بلينكن ناقش مع الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير خارجية الإمارات "جهود التوصل إلى حل دبلوماسي في لبنان يسمح للمدنيين على جانبي الخط الأزرق بالعودة إلى منازلهم".

وتحدث بلينكن الخميس أيضا مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو حول هذه الجهود.

وجاء هذا بعدما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الخميس، أن وزير الخارجية يعتزم مواصلة عمله لإنهاء الحرب في غزة ولبنان في الفترة المتبقية من ولايته، قبل أن يتسلم ترامب منصبه.

وقالت إن الإدارة ستواصل العمل حتى إنهاء الحرب في غزة وإنهاء الحرب في لبنان، وستستمر بالعمل على إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.

وكذلك رأت أن من واجبها المضي في هذه السياسات حتى ظهر يوم 20 يناير حين يتولى الرئيس المنتخب مهماته، وفق تصريحه.

وكان الرئيس المنتخب دونالد ترامب، قد أكد أنه "سينهي الحرب في الشرق الأوسط سريعا" بعد تسلمه منصبه.

وتوقع محللون أن يكون التعاون بين بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو "محدودا"، إذ قد يفضل الأخير انتظار عودة ترامب للبيت الأبيض بهدف الدفع بالاحتياجات الأمنية الإسرائيلية العاجلة، خاصة مع الانتقادات التي وجهت للإدارة الحالية بتأخير وصول ذخائر أرادتها إسرائيل بشدة.

وبينما دعا ترامب إلى السلام، شدد على وضعه كأقوى حليف لإسرائيل، حتى أنه وعد رئيس نتانياهو بأنه "سيتم المهمة" ضد حماس في غزة.

وأعلن ترامب أنه سيطلق يد إسرائيل في حربها في غزة، منتقدا موقف الرئيس بايدن الذي تعرض بدوره لانتقادات من يسار حزبه الديمقراطي لعدم ممارسته ضغوطا كافية على إسرائيل.

بعد انتخابه عام 2016، اتخذ الرئيس ترامب عدة مبادرات تصب في مصلحة إسرائيل.

فمنذ ديسمبر 2017، اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وخرج عن الحياد التاريخي للمجتمع الدولي في هذه القضية، ونقل السفارة الأميركية إلى المدينة المقدسة لدى الديانات الثلاث، على الرغم من احتلال إسرائيل للجزء الشرقي منها منذ عام 1967 قبل أن تعلن ضمه.

واعترف ترامب أيضا بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان السورية الاستراتيجية التي تحتلها إسرائيل أيضا منذ عام 1967 ويعتبرها المجتمع الدولي أراضي سورية.

وأكدت إدارته أيضا أنها لا تعتبر المستوطنات في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل غير قانونية، وهو موقف يتعارض مع القانون الدولي.

وخلال فترة ولايته، عمل الدبلوماسيون الأميركيون أيضا بشكل حثيث للتطبيع بين إسرائيل والعديد من الدول العربية عبر توقيع اتفاقات إبراهيم التي يرى العديد من الإسرائيليين أنها تضمن الأمن لهم.

ويتوقع محللون أن التقدم في ملف التطبيع وفي مقدمتها السعودية قد يكون في عهد ترامب، لكن نتنياهو لن يوقف تعاونه مع بايدن الذي سيمهد الطريق له عبر خطوات تحضيرية.

وقام وزير الخارجية الأميركي بـ 11 جولة في الشرق الأوسط منذ هجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر 2023، وهو يدفع منذ أشهر للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة يشمل الافراج عن الرهائن.

وتحدث عن محاولات أخيرة خلال الشهرين المقبلين بتوسيع "التبادلات الاقتصادية أو الثقافية بين إسرائيل ودول مثل الإمارات والمغرب، وتشجيع تدابير بناء الثقة بين السعودية وإسرائيل، مثل التعاون التجاري أو الأمني السري ولو حتى كان من دون الوصول إلى تطبيع رسمي".

وقالت السعودية بشكل علني إن التطبيع مع إسرائيل مرهون بتحقيق تقدم ملموس نحو حل الدولتين، ما يعكس موقفها الداعي إلى معالجة تطلعات الدولة الفلسطينية.

ورغم عدم القدرة على الوصول إلى حل الدولتين في هذا الوقت الضيق، إلا أن إدارة بايدن قد تحاول تنفيذ مبادرات تدريجية لدعم التنمية الاقتصادية للفلسطينيين أو تعزيز الحكم الذاتي الفلسطيني كخطوة أولية نحو مفاوضات مستقبلية، وفي الوقت ذاته ستغري إسرائيل بمعالجة المخاوف الأمنية المباشرة لها، وتعزيز أنظمة الدفاع مثل القبة الحديدية، أو دفع مشاريع التحديث العسكري من خلال التدريبات المشتركة، أو توسيع تبادل المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالتهديدات الإيرانية.