مساع أميركية لإحياء قانون مجمد يتيح مقاضاة أوبك

مشروع القانون التي تحاول أطراف أميركية إحياءه يستهدف تغيير قانون مكافحة الاحتكار الأميركي ليسمح بمقاضاة منتجي أوبك بتهمة التواطؤ وسيجعل تقييد إنتاج النفط أو الغاز أو تحديد أسعارهما مخالفا للقانون ويزيل الحصانة السيادية التي تقضي المحاكم الأميركية بوجودها بموجب القانون الحالي.

قانون نوبك يحاكي في محتواه وأهداف قانون جاستا
رؤساء أميركيون سابقون عارضوا قانون "نوبك"
إقرار قانون نوبك سيستدعي حتما إجراءات مضادة من الدول النفطية
السعودية عبرت لواشنطن عن قلقها من إثارة قانون نوبك من جديد
إثارة قانون نوبك يأتي تجاوبا مع ضغوط يمارسها ترامب على أوبك
فرص إقرار قانون نوبك هذا العام محدودة لضيق الوقت سياسيا وانتخابيا

نيويورك/دبي - في ظل ارتفاع أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في أربع سنوات، يتجدد الاهتمام في الكونغرس الأميركي بمقترحات ظلت مجمدة لفترة طويلة تسمح للولايات المتحدة بمقاضاة دول أوبك، فيما كانت فرص تحول تلك المقترحات إلى قانون فعلي، ضئيلة.

ومن المقرر أن تستمع لجنة فرعية بمجلس الشيوخ الأميركي إلى شهادة بشأن ما يُطلق عليه قانون منع التكتلات الاحتكارية لإنتاج وتصدير النفط أو نوبك والذي سيلغي الحصانة السيادية التي حمت طويلا أعضاء أوبك من أن تتخذ الولايات المتحدة إجراء قضائيا بحقهم.

وتأتي جهود إحياء تلك المقترحات المثيرة للجدل والتوتر أيضا بين الولايات المتحدة وأعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط، على اثر ضغوط يمارسها الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ فترة باتهامه أوبك برفع أسعار النفط.

وفي الوقت ذاته يعمل ترامب وإدارته على خفض إيرادات إيران النفطية العضو في أوبك إلى الصفر، ما يعني حتما حدوث خلل في الإمدادات واضطرابا في سوق النفط العالمية وهو أمر قد يرفع أسعار النفط إلى مستويات قياسية جديدة.

وتريد الولايات المتحدة من أوبك أن تسدّ الفجوة التي من المرجح أن تحدث في إمدادات النفط من إيران مع بدء تنفيذ حزمة عقوبات جديدة في نوفمبر/تشرين الثاني أشد قسوة من الحزمة الأولى وتستهدف بالأساس قطاع الطاقة الإيراني.

وكانت دول أوبك وعلى رأسها السعودية أكبر منتج للنفط في العالم ومنتجون من خارجها تتصدرهم روسيا، قد أكدت أنها تتابع عن كثب تبعات فرض عقوبات على إيران وأنها تعمل على الحفاظ على استقرار أسعار النفط والموازنة بين العرض والطلب، في رفض ضمني لضغوط ترامب الرامية في النهاية إلى خفض أسعار النفط التي اعتبرها غير عادلة.

محاولات احياء قانون نوبك تأتي في ظل عقوبات أميركية تستهدف خفض ايرادات ايران النفطية للصفر
محاولات احياء قانون نوبك تأتي في ظل عقوبات أميركية تستهدف خفض ايرادات ايران النفطية للصفر

وتخطت أسعار النفط حاجز الـ80 دولارا للبرميل وهو سعر تراه معظم دول أوبك وروسيا مرضيا بعد أن كانت قد توصلت في السابق إلى اتفاق لخفض الإنتاج للضغط على تخمة المعروض النفطي في السوق ودعم الأسعار التي هوت في يونيو/حزيران إلى نحو 20 دولارا للبرميل قبل أن تتعافى تدريجيا في 2017 (بفعل اتفاق خفض الإنتاج) من طفرة سابقة في الأسعار بلغت نحو 115 دولارا للبرميل (قبل يونيو/حزيران 2014)

ويستهدف مشروع القانون التي تحاول أطراف في الكونغرس الأميركي إحياءه، تغيير قانون مكافحة الاحتكار الأميركي ليسمح بمقاضاة منتجي أوبك بتهمة التواطؤ وسيجعل تقييد إنتاج النفط أو الغاز أو تحديد أسعارهما مخالفا للقانون ويزيل الحصانة السيادية التي تقضي المحاكم الأميركية بوجودها بموجب القانون الحالي.

مجموعات أعمال وشركات نفط تعارض قانون نوبك نظرا لاحتمال قيام الدول الأخرى باتخاذ إجراءات مضادة

وعارض رؤساء أميركيون سابقون مشروع قانون نوبك، لكن احتمال نجاحه ربما يزيد في ضوء انتقاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتكرر لمنظمة البلدان المصدرة للبترول وفي الوقت الذي يتوقع فيه البعض احتمال بلوغ خام برنت مئة دولار للبرميل قريبا.

وقال جو ماكمونيجل كبير محللي سياسات الطاقة لدى هيدجآي بوتوماك للأبحاث "أوبك مصدر إزعاج بالنسبة له.. الجميع يعتقدون أنه قد يدعم نوبك ببساطة". وقالت مصادر مطلعة إن السعودية تمارس ضغوطا على الحكومة الأميركية لمنع إقرار القانون.

وتعارض مجموعات أعمال وشركات نفط القانون نظرا لاحتمال قيام الدول الأخرى باتخاذ إجراءات مضادة.

وتتحكم أوبك في إنتاج الدول الأعضاء عبر وضع مستهدفات للإنتاج. وارتفعت الأسعار 82 بالمئة بعد قرار المنظمة بخفض الإنتاج في نهاية 2016، لتبلغ 84 دولارا للبرميل الاثنين. ويوجه المشرعون غضبهم صوب المنظمة، قائلين إنها تلحق الضرر مجددا بالمستهلكين وتمثل تدخلا في الأسواق الحرة.

وقال ماكمونيجل إن جلسة الاستماع التي تعقدها غدا الأربعاء اللجنة الفرعية المعنية بسياسة مكافحة الاحتكار وحماية المنافسة وحقوق المستهلك قد تسلط الضوء على موقف السلطة التنفيذية.

ومن بين الذين سيمثلون أمام اللجنة ماكن ديلرحيم مساعد المدعي العام لقطاع مكافحة الاحتكار بوزارة العدل والذي كتب دعما للتشريع.

ووافقت غرفتا الكونغرس على نسخة من قانون نوبك في 2007 لكنه جُمد بعد أن قال الرئيس الأسبق جورج بوش إنه سيمارس حق النقض على التشريع.

وفرص إقرار القانون هذا العام محدودة، إذ من المقرر أن يعقد مجلس النواب الأميركي جلساته لمدة 16 يوما فقط في الفترة المتبقية من العام الحالي، مما يترك القليل من الوقت لأي أمر باستثناء التشريعات الضرورية مثل الإبقاء على تمويل الحكومة.

السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم، قلقة من أن نوبك قد يحاكي قانون جاستا المثير للجدل والذي يسمح لضحايا هجمات سبتمبر 2001 بمقاضاة الرياض بادعاءات ثبت بطلانها

وقالت المصادر إن السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، قلقة من أن نوبك قد يحاكي قانون العدالة بحق رعاة الإرهاب (جاستا) الذي يسمح لضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول في الولايات المتحدة بمقاضاة الرياض.

ويُنظر إلى قانون جاستا على أنه عامل رئيسي في تردد شركة أرامكو السعودية التي تديرها الدولة في إدراج أسهمها بالأسواق الأميركية في طرح عام أولي تقرر تأجيله.

ومع استثمارات للسعودية بنحو تريليون دولار في الولايات المتحدة فإن الرياض لديها الكثير لتخسره إذا أصبح نوبك قانونا ساريا.

وقال مصدران طلبا عدم نشر اسميهما، إن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح أثار المخاوف بشأن القانون مع مسؤولين أميركيين من بينهم وزير الطاقة ريك بيري خلال اجتماعات خاصة عُقدت في الأشهر الأخيرة.

وفي وقت سابق من العام الحالي، أبلغت غرفة التجارة الأميركية ومعهد البترول الأميركي الكونغرس معارضتهما لمشروع القانون. وقالا إن ارتفاع إنتاج أميركا من الطاقة قلص نفوذ أوبك.

ومنذ تجديد العقوبات الأميركية على إيران في مايو/أيار من العام الحالي، اتفقت دول أخرى من بينها السعودية على زيادة الإنتاج، لكن ذلك لم يوقف بعد الاتجاه الصعودي للأسعار.