مساع أميركية لحث ترامب على إنشاء تحالف نفطي مع السعودية

مسؤولون من وزارة الطاقة الأميركية يسعون لإقناع إدارة ترامب لحث السعودية للعمل مع الولايات المتحدة من أجل جلب الاستقرار إلى أسعار النفط.

واشنطن - كشف وزير الطاقة الأميركي اليوم الاثنين أن إقامة تحالف نفطي بين واشنطن والرياض، أكبر منتج في أوبك، هو أحد "الأفكار العديدة" التي يتداولها صناع السياسات الأميركيين لكن المقترح لم يتحول بعد إلى قرار رسمي.

وقال الوزير دان برويليت لتلفزيون بلومبرغ الاثنين "لا أعرف ما الذي سَيُقدم بصورة رسمية... في إطار عملية السياسات العامة".

وأضاف إن قرارا لم يتخذ بشأن "أي شيء من ذلك القبيل".

وكانت صحيفة وول ستريت جورنال أوردت يوم الجمعة أن مسؤولين من وزارة الطاقة يسعون لإقناع إدارة ترامب للضغط على السعودية من أجل الانسحاب من منظمة البلدان المصدرة للبترول والعمل مع الولايات المتحدة من أجل جلب الاستقرار إلى الأسعار.

وتراجعت أسعار النفط أكثر من النصف في الأسبوعين الأخيرين مع شن السعودية وروسيا حرب أسعار في الوقت الذي تعصف فيه جائحة فيروس كورونا بالطلب.

والخام الأميركي متداول بنحو 22 دولارا للبرميل اليوم، بعد أن هوى 29 بالمئة الأسبوع الماضي في أشد تراجعاته منذ اندلاع حرب الخليج بين الولايات المتحدة والعراق في 1991.

وقال مصدر مطلع على النقاشات الجارية داخل وزارة الطاقة لرويترز الاثنين إن أولئك المسؤولين منخرطون عن كثب في محادثات بين الوزارة والبيت الأبيض بخصوص سبل إشاعة الاستقرار في أسواق الطاقة.

وترسل إدارة ترامب قريبا ممثل طاقة خاصا إلى السعودية من وزارة الطاقة الأميركية حيث سيقضي أشهرا على الأقل هناك لتطوير المحادثات بين البلدين. وباعتبارها أكبر مصدر للنفط في العالم، قادت السعودية لفترة طويلة جهود أوبك لتحقيق استقرار أسعار الخام.

وأبلغ برويليت تلفزيون بلومبرغ أن إدارة ترامب ستشرع عند نقطة ما في جهد دبلوماسي بخصوص أسواق النفط. وقال إنه سيعمل على ذلك المسار بالتعاون مع وزير الخارجية مايك بومبيو ومسؤولين آخرين.

وتتخوف واشنطن من تراجع قطاع الصناعات النفطية الأميركي أكثر مع الانهيار التاريخي لأسعار النفط الناجم عن رفض روسيا تمديد تخفيضات الإنتاج المعمول بها منذ يناير/كانون الثاني 2017 ضمن تحالف "أوبك+"، وهو ما تسبب في انهيار الاتفاق بين أوبك والمنتجين المستقلين في السادس من مارس/آذار ما دفع السعودية لخفض الأسعار ومواصلة ضخ نفطها بوتيرة قياسية.

ال
روسيا تستهدف صناعة النفط الصخري الأميركي

وبينما تبحث الرياض عن زيادة تخفيضات الإنتاج لدعم الأسعار التي تضررت من وباء فيروس كورونا، تهدف موسكو عن كبح الشركات الأميركية لمنعها من الاستحواذ على صناعة النفط الصخري التي تعتمد بصورة كبيرة على أسعار أعلى للنفط في بحر من الخام ذو الأسعار الرخيصة.

وتهدف هذه المصارعة الروسية لاستعادة الحصة السوقية من المنقبين الأميركيين الذين دفعت معدلات نموهم رغم استنادها على الديون إلى أخذ اللقب من موسكو كأكبر منتج للنفط في العالم، العام 2018، في صورة عكست التفوق الأميركي وكيف أعادت التكنولوجيا تشكيل المشهد العالمي للطاقة.

لكن ترامب الذي يقبع تحت ضغط كبير حيال ما يمكن القيام به في حقبة أسعار نفط غاية في الرخص، لمح الأسبوع الماضي إلى أنه ربما يتدخل في حرب الأسعار في "الوقت المناسب".

ونقلت صحيفة وول ستريت جونال عن مصادر لم تذكر أسمائها أن إدارة ترامب تدرس القيام بمسعى دبلوماسي لحث السعودية على تقليص الإمدادات وأن تستخدم تهديدا بالعقوبات على روسيا لإجبارها على الحد من الإنتاج.

وتضر أسعار النفط المنخفضة بمنتجي الخام الأميركيين الذين يتحملون تكاليف أكبر من نظرائهم في السعودية وروسيا ومن المرجح أن يشرعوا في عمليات اندماج.

وكانت مصادر قد تحدثت عن إجراء تسعة أعضاء جمهوريين بمجلس الشيوخ، من بينهم كيفن كرامر من ولاية نورث داكوتا المنتجة للنفط والذي كان مستشار ترامب للطاقة خلال حملته الانتخابية في 2016، مكالمة الأربعاء مع سفيرة السعودية إلى الولايات المتحدة الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، على أمل إقناع المملكة لتحقيق الاستقرار في سوق النفط العالمي.

وتحدث ترامب بخصوص أسواق النفط مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مكالمة هاتفية يوم 9 مارس. وتحدث سفير الولايات المتحدة إلى السعودية، جون أبي زيد، مع وزير الطاقة السعودي يوم الخميس الماضي أيضا بخصوص أسواق النفط، حسبما ذكرته وزارة الخارجية الأميركية.

ونقلت مجلة "ذا نيشن" عن مسؤولين أميركيين تأكيدهم أن مبعوثا ‏أميركيا خاصا للطاقة سيسافر إلى الرياض للتعامل مع انهيار ‏أسعار النفط بصورة كبيرة لأول مرة منذ ما يقرب من 50 عاما.‏

وقال مسؤولو إدارة ترامب إن المملكة العربية السعودية كانت منذ ‏عقود رائدة ثابتة في الاستقرار في سوق النفط العالمية، مشيرين إلى أن ‏ممثل الطاقة سيساعد الدول على العودة إلى مسار الاستقرار، وإن ‏انهيار الأسعار مدمر أيضًا لمنتجي النفط الأميركيين، وقد بدأ ‏بعضهم بالفعل في وضع الموظفين في حالة ضجة.‏

وقال رايان سيتون، المفوض في هيئة الطاقة بولاية تكساس، ‏الهيئة التي تنظم النفط والغاز في الولاية، إن الأمل هو أن يتمكن ‏ترامب من التفاوض مع السعودية وروسيا وإقناعهما ‏بمطابقة التخفيضات مع خفض مماثل في الإنتاج في تكساس. ‏

ويرى مراقبون أن حرب الأسعار التي دفعت بها روسيا أولا عبر رفض مواصلة اتفاق خفض الانتاج، ستتيح للسعودية باعتبارها أكبر مصدر للنفط في العالم مع امتلاك الدولة أكبر طاقة إنتاج إضافية، تحديد قيادة اتجاه الأسواق وملامح استراتيجيات الطاقة في العقود المقبلة.