مستشار الرئيس التونسي يثير جدلا حول نية تجميد العمل بالدستور

حزب التيار الديمقراطي الذي سبق له أن أيد التدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي في 25 يوليو يطالب قيس سعيد بتوضيح موقفه من تصريحات مستشاره الذي تحدث عن نية تجميد العمل بالدستور وتغيير النظام السياسي.
التيار الديمقراطي يطالب الرئيس التونسي باحترام الدستور
الحزب الدستوري الحر يعرض المساعدة على قيس سعيد في حل البرلمان
مستشار سعيد: دستور 2014 وضع نظاما سياسيا لم يعد مجديا
اتحاد الشغل يعرض خطة لادارة المرحلة خلال الاجراءات الاستثنائية

تونس - أثارت تصريحات وليد الحجام مستشار الرئيس التونسي قيس سعيد حول نية الأخير تعليق العمل بدستور العام 2014 جدلا في تونس واستنكارا من قبل حزب التيار الديمقراطي الذي سبق له أن أيد التدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس في 25 يوليو/تموز الماضي وجمّد بموجبها عمل البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه وإعفاء رئيس الحكومة من مهامه.

والدستور التونسي للعام 2014 الذي أشادت به دول العالم واعتبر أساسا لتعزيز الديمقراطية الناشئة في تونس، فيه ثغرات عديدة بحسب تقديرات مختصين في القانون الدستوري، فتحت المجال لما اعتبرته قوى سياسية عبثا سياسيا أنهك الدولة التونسية وأتاح فرصة للوبيات الفساد للتغلغل في مؤسسات الدولة.

وقال التيار الديمقراطي التونسي ذو التوجه الاجتماعي (22 نائبا بالبرلمان من أصل 217)، في بيان نشره عبر صفحته على فيسبوك "نستنكر تصريحات مستشار رئيس الجمهورية، التي عبّر فيها عن نية الرئيس قيس سعيد تعليق العمل بالدستور".

وطالب الرئيس سعيد "بتوضيح موقفه من هذه التصريحات"، مذكرا إياه "بضرورة احترام الدستور والعمل ضمن فصوله التزاما بما تعهد به في اليمين الدستورية التي أداها".

واعتبر أن "سبب الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية لا يعود أساسا إلى الدستور أو نظام الحكم، بل إلى استشراء الفساد داخل الطبقة الحاكمة وفي مفاصل الدولة وسوء اختيار المسؤولين وانعدام الكفاءة وغياب البرامج".

وشدد على أن "أي محاولة فردية لتغيير العقد الاجتماعي واستغلال حالة الغضب المشروعة للتونسيات والتونسيين لفرض خيارات سياسية لا تحظى بتوافق".

ودعا كذلك "لوضع حد لحالة تجميع السلطات في غياب أي سلطة رقابية أو تعديلية ولتعيين رئيس حكومة بتوجه اجتماعي واضح لا يخضع للإملاءات الخارجية ويعمل بكامل الصلاحيات الدستورية".

كما حث على "فرض خارطة طريق اجتماعية واقتصادية وسياسية تقطع مع الفساد واقتصاد الامتيازات والتصدي لأي محاولة للخروج عن الدستور لتحقيق أهداف سياسية لا تستجيب إلى استحقاقات المرحلة".

وفي مقابلة مع قناة 'سكاي نيوز عربية' (التي تبث من أبوظبي) الخميس، قال الحجام "في دستور 2014 تم وضع نظام سياسي لم يعد مجديا"، مضيفا "النظام سيكون رئاسيا وليس رئاسويا عانت منه تونس سابقا"، في إشارة إلى حكم نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي الذي أطاحت به ثورة يناير/كانون الثاني 2011.

وقال الحجام إن "هناك ميلا لتعديل النظام السياسي في تونس ربما عبر استفتاء وإنه يُفترض تعليق الدستور وإصدار نظام مؤقت للسلطات"، مضيفا "هناك ميل لتغيير النظام السياسي الذي لا يمكن أن يتواصل. تغيير النظام يعني تغيير الدستور عبر الاستفتاء ربما. الاستفتاء يستوجب وقتا وإعدادا لوجستيا".

وبحسب مستشار الرئيس التونسي فإن لدى الأخيرة خطة باتت في مراحلها الأخيرة وسيعلن عنها رسميا في وقت قريب من دون أن يقدم مزيدا من التفاصيل أو التوضيحات.

وسبق للاتحاد العام التونسي للشغل أكبر مركزية نقابية في البلاد أن دعت الرئيس التونسي إلى التسريع بتعيين رئيس للحكومة وإجراء استفتاء على تعديل الدستور معلنا أيضا أنه من غير الوارد العودة للوراء في الإجراءات التي أعلنها قيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو/تموز الماضي.

وكان سعيد قد أعلنت في أكثر من مناسبة أنه لا عودة للوراء ولا تراجع عن الاجراءات الاستثنائية رافضا أيضا دعوات الحوار التي أطلقتها النهضة الإسلامية تحت عنوان العمل على إصلاح المنظومة السياسية.

وسبق للحركة الإسلامية وعدة أحزاب تدور في فلكها أن وصفت قرارات الرئيس التونسي بأنها انقلاب على الدستور.

وتُجمع كل المؤشرات على أن سعيّد يعتزم إجراء تعديلات جذرية على النظام السياسي الذي يعتبره كثيرون نظاما هجينا وأحد أسباب حالة الانسداد السياسي في البلاد ومعركة الصلاحيات التي تسببت في أزمة سياسية قبل أن ينهي الرئيس التونسي ما وصفه محللون بأنه عبث سياسي أرهق تونس طيلة العشر سنوات الماضية وتفاقم في السنوات الأخيرة مع هيمنة حركة النهضة وحلفائها على الحكم.

وقبل فترة كشف رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان جمال مسلم في تصريح لصحيفة 'الصباح' المحلية أن قيس سعيد أبلغهم بعزمه تعيين رئيس للحكومة قريبا، لكن وليد الحجام لم يقدم من جهته تفاصيل وتوضيحات حول هذه المسألة التي فجرت مخاوف من تفرد الرئيس بالسلطة بعد أن جمع جميع السلطات بين يديه.

وينفي سعيد في المقابل أي نية له للتفرد بالحكم، موضحا أنه أستاذ قانون دستوري وأكاديمي درّس القانون ولن يفعل مثل هذا الأمر، نافيا كذلك أن تكون إجراءات 25 يوليو/تموز انقلابا على الشرعية كما يزعم خصومه.

وثيقة الاتحاد

وقد كشف الاتحاد العام التونسي للشغل عن وثيقة هي عبارة عن مقترح لإدارة المرحلة خلال الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي استنادا للفصل 80 من الدستور.

وبحسب الوثيقة التي تضمنت الخطوط العريضة لخطة التسيير وإعادة السير العادي لمؤسسات الدولة والتأسيس للمرحلة المقبلة بعد القيام بجملة من الإصلاحات الضرورية، فإن مقترحه قابل للنقاش بعدا عن الاصطفافات السياسية.

وتضمن اقتراح الاتحاد أربعة محاور تشمل الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والصحية ونصت خطته على وجوب إجراء الإصلاحات المقترحة.  

واقترح الاتحاد في الوثيقة التي أعدها قسم الدراسات، تشكيل حكومة مصغرة تضم كفاءات

وفي الجانب السياسي اقترح الإتحاد تكوين حكومة مصغّرة بالتشاور بين رئاسة الجمهورية والمنظمات الوطنية وتتكوّن من كفاءات وتكون غير معنية بالانتخابات.

وتدعو الخطة أيضا  الرئاسة لوضع جدول زمني لنهاية الإجراءات الاستثنائية والحسم نهائيا في مصير البرلمان المجمد. كما نصت الخطة على إحالة تقرير محكمة المحاسبات المتعلّق بالتجاوزات في انتخابات 2019 على القضاء للبتّ فيها.

ومن ضمن المقترحات مراجعة النصوص القانونية المنظّمة للأحزاب والجمعيات وقطاع الإعلام.  

وبالنسبة لمكافحة الفساد، دعا الاتحاد إلى إرساء مقاربة لهذا الغرض ولمكافحة التهرب الضريبي والتجارة الموازية.

وفي الشق الاقتصادي والاجتماعي من الخطة، اقترحت المركزية العمالية النقابية إجراء إصلاحات عاجلة في انتظار القيام بالإصلاحات الكبرى. ودعا رئيس الدولة إلى عدم تبني قانون الإنعاش الاقتصادي والاستغناء عنه وإعداد مشروع بديل.

صحيا، قدمت الوثيقة حزمة من التدابير المتعلقة بمكافحة فيروس كورونا وكبح الجائحة التي تسببت في وفاة أكثر من 20 ألف تونسي وإصابة الآلاف.

عرض الحزب الدستوري الحر المحسوب على المعارضة في تونس، على الرئيس قيس سعيد اليوم الجمعة تعاونه لتسهيل حل البرلمان دستوريا.

وفي تطور آخر على علاقة بالإجراءات الاستثنائية، عرض الحزب الدستوري الحر المحسوب على المعارضة في تونس، على الرئيس قيس سعيد اليوم الجمعة تعاونه لتسهيل حل البرلمان دستوريا.

ويرفض الرئيس التونسي التعامل مع الحزب الذي يعتبر امتدادا لحزب نظام الرئيس السابق الراحل زين العابدين بن علي.    

وقال الحزب الدستوري الحر الذي يمثل الكتلة الخامسة في البرلمان، إنه مستعد للتعاون مع الرئيس لمنح تواقيع نوابه من أجل تسهيل أي آلية دستورية تؤدي إلى حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة في الآجال القانونية.

ويأتي هذا الموقف في أعقاب التصريحات التي أطلقها وليد الحجام مستشار قيس سعيد حول وجود نية لتعليق العمل بدستور العام 2014 وتغيير النظام السياسي بعد أكثر من شهر من فرض التدابير الاستثنائية في البلاد وتجميد البرلمان من قبل الرئيس.

وأثار موقف الحزب الدستوري تباينا في مواقف قوى سياسية، لكنه برر خطوته الداعمة للرئيس التونسي بـ"الحفاظ على مؤسسات الدولة ودرءا لكل المخاطر واستجابة لمطالب الشعب التونسي في التخلص من المنظومة الحالية المدمرة".

إلا أن الحزب انتقد كذلك الرئيس قيس سعيد لعدم طرحه برنامجه على مكونات المجتمع ووسائل الإعلام والشعب التونسي بشكل مباشر وشفاف.

وأوضح في بيان أنه "يرفض بشكل مطلق كل خارطة طريق لا تحترم الآليات الدستورية وتؤدي إلى المساس من شرعية رئيس الجمهورية الضامن للدولة واستقلالها واستمراريتها وتزج بالبلاد نحو المجهول".