مستشار للكاظمي يفضح 'وصاية' سليماني على العراق

رئيس الوزراء العراقي يتعرض لحمة ضغوط جديدة بسبب تصريحات مستشاره هشام داود حول تصرفات قائد فيلق القدس الذي قتل في غارة أميركية قبل عام، ما اضطره لتجميد عضويته وفتح تحقيق معه لاحتواء غضب الموالين لإيران.
مستشار للكاظمي يثير غضب إيران وميليشياتها بحديثه عن سليماني
"الأصول العامة للدولة العراقية لم تكن ضمن أولويات سليماني"
مستشار الكاظمي: سليماني لم يكن يتصرف كمنسق مع العراق بل مسؤولا عنه
عضو في منظمة بدر يعتبر أن الكاظمي لا يستحق البقاء في منصبه بعد تصريحات مستشاره

بغداد - أثار مستشار لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي موجة غضب في صفوف سياسيين وميليشيات موالية لإيران بتصريحات كشف فيها عن تصرفات قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني الذي قتل في ضربة جوية أميركية قبل عام على طريق مطار بغداد الدولي، مؤكدا أن "الأصول العامة للدولة العراقية لم تكن ضمن أولوياته"، ملمحا إلى أنه كان يتصرف بمنطق الوصي على العراق.

وتعرض الكاظمي على خلفية تصريحات مستشاره هشام داود لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي الفارسية) حول سليماني، إلى ضغوط شديدة من الموالين لإيران، ما اضطره لإصدار أمر الثلاثاء بتجميد عمل مستشاره وفتح تحقيق معه، وفقا لمسؤول حكومي.

وقرار رئيس الوزراء العراقي بتجميد عضوية داود والتحقيق معه هو إجراء المراد منه احتواء غضب تلك الميليشيات التي هددته مرارا وتدفع لإقالته خاصة أن حكومته بلا أحزمة سياسية.

ويتزامن هذا التطور مع الذكرى الأولى لمقتل سليماني وابومهدي المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي على طريق مطار بغداد الدولي، فيما يستمر التوتر بين الكاظمي ومجموعات موالية لإيران تتهمه بالتواطؤ في اغتيال سليماني.

وقال داود في مقابلة بثتها هيئة الإذاعة البريطانية 'بي بي سي' الفارسية في الذكرى الأولى لاغتيال مهندس الإستراتيجية الإيرانية في الشرق الأوسط "كان سليماني يعتقد أنه ليس فقط منسقا مع العراق، بل ربما أنه مسؤول عن العراق. لهذا السبب يدخل متى يشاء ويخرج متى يشاء من العراق".

وأضاف "بالتالي، لم تكن الأصول العامة للدولة العراقية ضمن أولوياته، مشيرا إلى أن الحكومة العراقية فرضت على قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قآني الذي خلف سليماني أن "يأتي بتأشيرة دخول ويدخل من الباب الصحيح".

وعلى اثر تلك التصريحات دعا عضو لجنة الدفاع النيابية مهدي الأمرلي في بيان "الكاظمي إلى أن يتخذ موقفا واضحا من مستشاره الوضيع ويقيله فورا أو يبين لنا موقفه بكل صراحة".

ورأى النائب شعلان أبوالجون عضو منظمة بدر التي يتزعمها هادي العامري وتعد بين الجماعات المسلحة الموالية تاريخيا لإيران، أن "رئيس الوزراء الذي لا يدافع عن أبناء بلده وضيوفهم داخل العراق لا يستحق أن يبقى رئيسا للوزراء".

ورد النائب البارز المقرب من إيران أحمد الأسدي على مستشار الكاظمي بالقول إن "الحاج سليماني كان يدخل العراق بشكل رسمي من أوضح أبوابه القانونية. وكانت السلطات الشعبية والرسمية وبمختلف مستوياتها تفرش له شغاف قلوبها بدل السجاد الأحمر لأنها خَبرت إخلاصهُ وصدقه وعظيم دوره في نُصرتها".

وأضاف "أين كان المستشار حينما كان سليماني ينتقل بين السواتر دفاعا عن العراق ولم يتوقف في دعمه حتى سالت دماؤه الطاهرة على أرض مطاره الدولي في فعلة غدر لن ينساها أحرار العراق وأصحاب الكرامة من أبنائه؟".

وبعد هذه الحملة اضطر هشام داود إلى نشر توضيح قال فيه إنه "بمثابة اعتذار لكل من فهم حديثي بغير مقاصده".

وقال في بيان توضيحي الثلاثاء، إن "المقابلة الصحفية كانت في نطاق فيلم تسجيلي ذي طابع تاريخي وأنها جرت قبل أكثر من شهرين من بثها"، مضيفا "تحدثت في هذا الفيلم بلغة حرة باعتباري باحث وأكاديمي مختص في الشأن العراقي ولم أتحدث بصفة رسمية".

وقال "ما ورد في حديثي ينطلق من كوني باحثا استقيت معلوماتي من أبحاث أجريتها في السنوات السابقة وهي ليست بالضرورة معلومات حكومية"، مشددا على التزامه بـ"معايير الدولة الوطنية العراقية وخطابها الرسمي وثوابتها"، مؤكدا أن "أي لبس أو سوء فهم في هذا الموضوع لم يكن مقصودا".

وصرح مسؤول عراقي طلب عدم الكشف عن هويته بأن "وظيفة السيد داود مجمدة بأمر من رئيس الوزراء".

وإلى جانب الحملات التي يقودها نواب وأحزاب عراقية موالية لإيران، شنت وسائل إعلام إيرانية حملة على مستشار الكاظمي واصفة تصريحاته بحق سليماني بأنها "تخرصات" من "المدعو هشام داوود" وأن ما بدر منه نكران للجميل.  

ويشهد العراق توترات سياسية منذ اغتيال سليماني، فالبلد الذي يمر بأسوأ أزمة اقتصادية مع انخفاض أسعار النفط، عالق بين رئيس وزراء بدون قاعدة شعبية أو كتلة برلمانية له علاقات جيدة مع الولايات المتحدة، ومجموعات صغيرة موالية لإيران لم تعد تستجيب لأحد في بغداد.

وشكلت تصريحات هشام داود ذريعة إضافية للميليشيات العراقية الموالية لإيران لتصعيد خطابها، مجددة اتهامها للكاظمي بأنه يعمل لصالح أجندة خارجية.

وتسود مخاوف في العراق من أعمال انتقامية تجر البلاد مجددا للفوضى خاصة أن الخوض بشكل يفضح ممارسات سليماني أو يذكره بـ "سوء" يعتبر لدى كثير من الميليشيات المنفلتة، تجاوزا للخطوط الحمراء.

وكان مستشار سابق للحكومة العراقية هو هشام الهاشمي قد دفع حياته ثمنا لمواقفه الرافضة للنفوذ الإيراني، حيث اغتاله مسلحون مجهولون أمام منزله في بغداد في يوليو/تموز 2020، في عملية أكد نشطاء من الحراك الشعبي ومصادر عراقية أن طهران تقف وراءه.

وفي مراسم جنازته حمل محتجون صورا للمرشد الأعلى في إيران علي خامنئي تظهر عليه دماء على مستوى الفم، في إشارة رمزية للدور الإيراني في تصفية هشام الهاشمي.