مستقبل تركيا: دولة فاشلة أم دولة إسلامية؟

الإسلاميون لن يكونوا قادرين على تغيير المسار المستمر منذ قرون، كما أن الطبقة الوسطى القوية نسبياً والثقافات الحضرية والمؤسسات الحكومية ستثبت أنها مرنة للغاية وتقاوم بنجاح محاولة تغيير النظام.

بقلم: غوكهان باجيك

لقد تجاوزت السياسة في تركيا المجالات الطبيعية للمناقشات السياسية: ما يحدث هو تغيير النظام.

يعكف الإسلاميون الأتراك، بقيادة حزب العدالة والتنمية الحاكم والرئيس رجب طيب أردوغان، على إعادة تشكيل تركيا وفقاً لمبادئهم الإسلامية المناهضة للغرب، ليعكسوا مسار استيعاب الثقافة الغربية والتحديث المستمر منذ نحو قرنين من الزمان. الجدل الرئيسي في تركيا اليوم هو ما إذا كنت مع تغيير النظام أو ضده. وباتت كل الموضوعات الأخرى ثانوية.

في حين فشلت أحزاب المعارضة في إدراك ما يحدث وتواصل العمل السياسي كالمعتاد، هل سيتمكن الإسلاميون من إعادة ترتيب تركيا بما يتماشى مع طموحاتهم الأيديولوجية؟ بكلماتهم، هل ستحل "تركيا الجديدة" محل "تركيا القديمة"؟

المناقشات حول تغيير النظام ليست فريدة من نوعها في تركيا. استناداً إلى الدروس المستفادة من أمثلة أخرى، ثمة أربع نتائج ممكنة.

في السيناريو الأول، ستفشل المحاولة الإسلامية لتغيير النظام وستعود تركيا إلى مسارها التقليدي المؤيد للغرب. تشير هذه الحجة إلى أن الإسلاميين لن يكونوا قادرين على تغيير المسار المستمر منذ قرون، كما أن الطبقة الوسطى القوية نسبياً والثقافات الحضرية والمؤسسات الحكومية ستثبت أنها مرنة للغاية وتقاوم بنجاح محاولة تغيير النظام.

في السيناريو الثاني، ينجح الإسلاميون في خلق تركيا جديدة بما يتماشى مع أجندتهم الأيديولوجية، وتتحول البلاد إلى مجتمع إسلامي. يشير مؤيدو هذا الرأي إلى أن الإسلاميين كانوا في السلطة لأكثر من 15 عاماً، وفي هذه الفترة الزمنية أدركوا العديد من التغييرات المؤسسية والسياسية. في السنوات الخمس الأخيرة، طور حزب العدالة والتنمية أجندة أكثر تطرفاً لتحويل الدولة، وبالتالي، إذا ظلوا في السلطة لفترة أطول، فسوف يتمكن الإسلاميون من إعادة تشكيل تركيا بما يتماشى مع نظرتهم للعالم.

في السيناريو الثالث، يستمر الاضطراب السياسي لسنوات قادمة وتصبح تركيا دولة فاشلة سياسياً واقتصادياً. ومن أمثلة هذا السيناريو باكستان ومصر، وهما دولتان تعانيان من مشكلات سياسية واقتصادية عميقة الجذور.

من المثير للقلق، أن التاريخ السياسي التركي يوفر بعض السوابق لهذه النتيجة. ففي أواخر سبعينيات القرن الماضي، أصبحت تركيا دولة فاشلة تقريباً في ظل وجود أحزاب مستقطبة تتنافس على السلطة بينما عصف العنف السياسي بالشوارع والحرم الجامعي.

السيناريو الأخير هو المصالحة التي تؤدي إلى فترة جديدة من الاستقرار، لكنه هذا السيناريو يواجه عقبتين كبيرتين. على القادة السياسيين أن يقودوا العملية، لكن من الصعب تخيل موافقتهم على إطار مشترك مع الأخذ في الاعتبار الاختلافات الأيديولوجية والخلافات السياسية الأساسية حول أمور مثل دور الإسلام والعلمانية والمسألة الكردية.

العقبة الثانية لها جذورها في المجتمع. لقد خلق التوتر السياسي مجموعات منقسمة بشكل كبير فقدت تقريباً أي اتصال مع بعضها البعض. ونتيجة لذلك، على سبيل المثال، تُظهر بعض المجموعات لامبالاة شبه الكاملة أمام مظالم المجموعات الأخرى ولم تعد هناك أرضية مشتركة.

على الرغم من أنها لا تزال دولة على الخريطة، إلا أن تركيا لديها الآن جدران اجتماعية وسياسية سميكة تفصل بين أولئك الذين يؤيدون تغيير النظام والذين يعارضونه.

نشر في أحوال تركية