مستقبل قاتم للاقتصاد التركي بسبب تداعيات كورونا

وكالة فيتش تؤكد ان استجابة تركيا متوسطة للغاية حتى الآن مع التداعيات مقارنة مع دول أخرى ذات أوضاع مماثلة داعية الى بذل المزيد من التحفيز المالي.

انقرة - لا يزال الاقتصاد التركي لم يشهد الاسوا فيما يتعلق بتداعيات نفسي فيروس كورونا والإجراءات المتخذة لتطويقه خاصة على قطاعات حيوية مثل السياحة والنقل والتصدير.
وقال مسؤول تنفيذي في فيتش للتصنيفات الائتمانية الخميس إن تركيا تملك المجال لمزيد من التحفيز المالي من أجل التصدي للتداعيات الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا حيث أن استجابتها "متوسطة للغاية" حتى الآن مقارنة مع دول أخرى ذات أوضاع مماثلة.
لكن هناك مجالا محدودا للمزيد من خفض أسعار الفائدة، حسبما ذكر دوجلاس وينسلو، مدير التصنيفات الأوروبية بالوكالة.
وعمد البنك المركزي التركي حتى الآن إلى زيادة حجم برنامج لشراء السندات، يشمل دينا حكوميا بنحو 27 مليار ليرة (3.64 مليار دولار). أرجأت تركيا كذلك مدفوعات سداد الديون وخففت العبء الضريبي عن قطاعات شتى في إطار حزمة إجراءات حجمها 100 مليار ليرة تتضمن مضاعفة الحد الأقصى لصندوق ضمان القروض.
وقال وينسلو إن الخطوات المعلنة حتى الآن تعادل نحو اثنين بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وقال في ندوة عبر الإنترنت "إذا وسعتم نطاق الرؤية فإنها حزمة متوسطة بالمقارنة مع الدول التي تأثرت بنفس القدر بفيروس كورونا،" مضيفا أن الدين العام التركي كان عند بداية الأزمة في مستوى أقل بكثير من دول أخرى حاصلة على نفس التصنيف إذ بلغ حوالي 33 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتتوقع فيتش أن يرتفع لأكثر من 38 بالمئة هذا العام، وهو ما سيظل دون مستوى يبلغ 51 بالمئة تتوقعه وكالة التصنيفات للدول المناظرة.
وقال وينسلو "نعتقد بلا ريب أن هناك مجالا ماليا أرحب من ذلك المتاح على صعيد السياسة النقدية، وهذا محور رئيسي للتصنيف الائتماني البالغ "BB-"." وأوضح أن المراجعة التالية لتصنيف تركيا مقرر لها أغسطس/آب.
وفي خطوة أكبر من المتوقع للحد من الأضرار الاقتصادية للوباء، خفض البنك المركزي أسعار الفائدة إلى 8.75 بالمئة الأربعاء.
وقال وينسلو إن فيتش تتوقع أن يكون سعر الفائدة الرئيسي عند ذلك المستوى في نهاية السنة.
وتتجه تركيا إلى ركود اقتصادي سيكون الثاني لها في أقل من عامين بعد زيادة في حالات الإصابة بالفيروس. وتعمل أنقرة على احتواء التفشي عن طريق إغلاق المدارس والحانات والمقاهي، فضلا عن غلق الحدود وتقييد حركة السفر الداخلي.

اجراءات مشددة لمواجهة كورونا اثرت على قطاعات حيوية في تركيا
اجراءات مشددة لمواجهة كورونا اثرت على قطاعات حيوية في تركيا

وقال وينسلو إن من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد بنسبة اثنين بالمئة في 2020.
لكن باعتبارها مستوردا رئيسيا للطاقة، فإن انخفاض أسعار النفط قد يساعد تركيا في تخفيف أثر تراجع حركة السياحة بسبب الفيروس.
وقال "انكشاف تركيا الرئيسي على الأزمة يرتبط بمتطلباتها الضخمة من التمويل الخارجي وانخفاض احتياطيات النقد الأجنبي وضعف مصداقية السياسة النقدية، وهو ما يجعلها رهينة لمعنويات السوق.
وتابع "هذه هي الأوجه التي نلحظ بعض الإجهاد فيها."
وأظهرت بيانات البنك المركزي عجزا في ميزان الحساب الجاري في تركيا خلال شهر فبراير/شباط الماضي على الرغم من عدم ظهور إصابات بالوباء آنذاك.
وتواجه تركيا أزمة مالية حادة نتيجة السياسات النقدية الفاشلة والتي وضعت الاقتصاد التركي في موقف ضعيف في مواجهة ارتدادات انتشار الفيروس.
واستبق إنذارات تداعيات الفيروس على الاقتصاد التركي، انخفاض الناتج الصناعي أحد أبرز مؤشرات النمو في تركيا، وفق ما أورده معهد الإحصاء الرسمي.
وأفادت بيانات المعهد بتراجع  إنتاج السيارات في تركيا في مارس/آذار بنسبة 22 بالمئة عن الشهر نفسه من العام الماضي، وذلك بسبب التدابير المتخذة لمنع تفشي فيروس كورونا.
وأدت تداعيات انتشار الوباء في تركيا إلى تضرر الصادرات التي انخفضت بنسبة 30 بالمئة في مارس/آذار مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، إذا تراجعت عائدات الصادرات في مارس/آذار 2020 بـنسبة 28 بالمئة بمعدل 2.11 مليار دولار.

قطاع السياحة في تركيا من اكثر القطاعات تضررا
قطاع السياحة في تركيا من اكثر القطاعات تضررا

وتعيش تركيا على وقع انكماش اقتصادي حاد تظهر ملامحه من خلال تفاقم معدل البطالة وارتفاع التضخم وتهاوي الليرة إلى أدنى مستوياتها بفعل المخاوف من تناقض صافي احتياطات البلاد وتأثر المعنويات سلبا وتراجع المستثمرين بسبب التدخلات التركية العسكرية المجانية في أكثر من جبهة صراع.
وتنذر أزمة كورونا بمضاعفة المشاكل التي تخنق تركيا جراء تدهور الاقتصاد، حيث تشير آخر التقارير أن ديون الشركات التركية تصل حاليا إلى تريليون ليرة في هيئة قروض طويلة الأجل بالعملة الأجنبية، بعد تراجع العملة المحلية لمستوى قياسي جديد أمام الدولار.
وبينما تتراجع قطاعات البناء والإنتاج والصناعة التي تعد أساس القطاع الخاص في تركيا، يبقى نمو الاقتصاد التركي مقتصرا فقط على القطاع العام، فيما تواجه تركيا عجزا ماليا في سداد ديونها الخارجية المستحقة على مدى العامين القادمين.
وحسب خبراء غربيين فإن احتياطات البنك المركزي التركي تُقترض جلها من البنوك المحلية، وهي احتياطات عاجزة عن تغطية الديون الخارجية لتركيا.
وتظهر آخر البيانات الخاصة بشهر فبراير/شباط الماضي أن صافي احتياطات تركيا تراجع بشكل كبير إلى 1.5 مليار دولار، فيما بلغ حجم الاقتراض في نهاية مارس/آذار عن طريق المقايضات 25.9 مليار دولار.