'مسرح العمى' إضاءة في غمام استوائي داكن

الكاتب السوري أحمد خميس يسلّط الضوء على عالم المكفوفين ضمن سرد واقعي يبتعد عن مشاعر الألم والعذاب والاحساس بالظلم والمعاناة، ويطرح الجوانب الحقيقية المرتبطة بإيمان الإنسان وقدراته الخارقة على الاستمرار والنجاح.

"مسرح العمى" عنوان الرواية الجديدة للروائي السوري  أحمد خميس، وهي من إصدار دار "موزاييك" للدراسات والنشر، وتعدّ الثالثة للكاتب بعد روايتيه: "خنادق الحبّ" 2019 و"قيامة اليتامى" 2020.
تسلّط الرواية الضوء على عالم المكفوفين (فاقدي البصر) ضمن سرد واقعي بعيد عن مشاعر الألم والعذاب والمظلومية والمعاناة المحيطة بأفراد ذلك العالم، وذلك من خلال بطل الرواية الأعمى/ الكفيف "حسن" الذي يعمل كمدققٍ لغوي في إحدى دور النشر الأوروبية، والذي يطرح الكاتب من خلاله الجوانب الحقيقية المرتبطة بإيمان الإنسان وقدراته الخارقة في الاستمرار والنجاح.
دوافع كتابة "مسرح العمى"   
وحول دافع كتابته الرواية، يقول أحمد الخميس: "تؤرقني فكرة البقاء وحيداً، تسيطر علي لدرجة أنني أصبحت وحيداً بالفعل وهذا ما دفعني لكي أكون على ما أنا عليه اليوم.
الوحدةُ هذا المفهوم الجاف، الممحل، يتقاطع بشكل كبير وحالة اللاعدمية الكبرى المتمثلة بالموت ولربما هذا هو السبب الوحيد الذي يمنحه أي الموت صفة مقدسة لا تشبهها صفات أخرى، تلك العزلة الخرساء، والسكينة المخيفة، المهيبة التي لم ولن ترق مخيلتي حتى هذه اللحظة التي أكتب فيها هذه الاعترافات، إن جاز لي تسميتها كذلك، من وصفها كما يجب، والإحاطة بها إحاطة الخبير العالم، اعترافات أناس يعيشون وحدتهم الفريدة، وسط عالم أجوف عميق كثقب أسود، كنفق طويل مظلم تصطف فيه مفاهيم الحياة البسيطة منها والمجردة بشكل لن يتمكن أحد مهما بلغ من رشد، وعلم، وخيال، ومعرفة من سبرها وتشريحها والحديث عنها.
كلنا منقوصون حتماً، نقص يُرى، وآخر لا نراه، مكتملون بقدر ما نثق وليس بالقدر الذي نحن عليه حقّاً، عميان بطريقة أو بأخرى.
ولن أقول وأنا جازم تمام الجزم إننا إذ نتحدث عن حالة إنسانية يعانيها ملايين الناس حولنا في هذا العالم الرحب الوسيع ألا وهي (العمى) بأن الأمر عاديّ، وإن مواضيعَ كهذه يجب علينا عدم تناولها، لأن أبوابها زجاجية، وتحطيمها وارد بالفعل، وقد تتسبب بنبش ما لا ينبغي نبشه، وإنها محرمات لا ينبغي علينا الاقتراب منها إلا إذا ما أردنا معالجتها معالجة سريرية تطبيقية بحتة.
في روايتي هذه كتبتُ عن العمى لأنني أعمى رغم أنني أمتلك القدرة على رؤية الأشياء، أبحرتُ في نفوس أناس يحيطون بي كيفما تلفّتُ، ولأنني لا أرى فيهم شيئاً غريباً كتبتُ ما هو غريبٌ فيهم.
في هذه الرواية القصيرة شخصيات حقيقية أحبها إيما حبّ، تعلمتُ منها أن الحياة ليست حلبة صراع فحسب بل مكان واسع وكبير للحلم، وللسلام، والأمنية".
أحمد خميس، من مواليد مدينة الرقّة. درس الابتدائيّة والإعداديّة والثانويّة في قرية (علي باجلية) التابعة لمدينة تل أبيض في ريف الرقة الشماليّ. يحمل إجازة في كلية الآداب- قسم علم الاجتماع، من جامعة تشرين في اللاذقية.
عمل في ميدان الصحّة النفسيّة قرابة ثماني سنوات، متنقّلاً بين كثير من المنظّمات التي عملت في الشأن السوريّ، يقيم حالياً في ألمانيا.
صدر له عن دار فضاءات الأردنيّة روايتان متتاليتان، أولهما "خنادق الحبّ" 2019، وثانيهما "قيامة اليتامى" 2020. كما صدرت له رواية إذاعيّة عن راديو ومحطّة (شوفي مافي). ولديه أيضاً مخطوطات لروايات ستُطبع لاحقاً بالإضافة إلى مجموعة قصصيّة.