مشروب العرق المصنوع من التمور تراث على وشك الاندثار في العراق

سعد حسين واحد من آخر من تبقوا من منتجي المشروب بنكهة الينسون، ويأمل في تعريف شريحة عمرية جديدة به بعد فرار معظم المسيحيين واليزيديين العراقيين من البلاد.

بغداد - لا يزال سعد حسين، وهو يزيدي عراقي، يصنع شراب العرق الكحولي من التمور المحلية بنكهة الينسون. أصبح حسين واحدا من آخر من تبقوا من منتجي هذا المشروب في محافظة نينوي بشمال العراق.
اضطر الرجل الذي يبلغ من العمر 42 سنة للفرار من بلدته بعشيقة، قرب الموصل، بعدما سقطت في أيدي مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014، لكنه عاد بعد هزيمة المتشددين وطردهم ليفتح من جديد معمله الصغير.
ووصف نشاطه بأنه جزء من التراث أوشك على الانقراض.
وقال إنها "شغلة تراثية... تقريبا انقرضت في المنطقة وما حدا يشتغلها".
وأضاف "أنا حبيت هي الشغلة من زمان وسابقا كنت أشتغل فيها، فحبيت أرجعها من جديد.. هو هذا السبب، شغلة تراثية ومهمة جدا".
يأمل حسين في تعريف شريحة عمرية جديدة بالمنتج الذي يصنعه، بعد أن فر معظم المسيحيين واليزيديين العراقيين الذين كانوا يمثلون غالبية الزبائن الراغبين في بضاعته.
واليزيديون أقلية دينية قديمة تجمع بين معتقدات من الزرادشتية والمسيحية واليهودية والإسلام. وتعرضوا لاضطهاد وحشي على يد تنظيم الدولة الإسلامية الذي كان يعتبرهم عبدة للشيطان.
ذبح التنظيم أكثر من 3000 يزيدي، وحول 7000 امرأة وفتاة إلى إماء، وشرد القسم الأكبر من طائفة كان يبلغ قوامها 550 ألف نسمة من موطنهم الأصلي في شمال العراق.

يملأ حسين أوعية ضخمة زرقاء اللون بالتمور ويضيف الماء ويقوم بعملية التقليب. بعدها يضع المزيج في إناء محكم الغلق لتسخينه وتقطير الكحول.
وأوضح أن هذه طريقة قديمة تُستخدم في المدينة منذ عقود.
وأضاف "إخواننا المسيحيين كان الطلب على هذا المنتج كبير، والهجرة كان لها السبب الأول في تعثر أعمالنا".
وأغرقت المشروبات الروحية المستوردة السوق، التي كانت ضخمة في السابق إلى الحد الذي سمح بوجود كثير من معامل التقطير المحلية الصغيرة.
وقال حسين "صناعة العرق في بعشيقة هي صناعة قديمة جدا، يعني ما أقدر أذكر السنة بالتحديد.. بس هي تعود للثلاثينات وأربعينات القرن الماضي.. واستمرت لعدة سنوات إلى بعد التغير في 2003 صار في اعتماد (أصبح هناك اعتماد) على المستورد أكثر من مشروب بعشيقة فسبب مشكلة بأنه توقفت جميع المعامل بسبب المستورد".
وأضاف "هي بعشيقة هي الوحيدة إلي كانت تشتغل في العراق.. بعشيقة وبعزاني.. كل واحد كان عنده معمل في البيت، لأنه تعتبر مصدر رزق.. فالكل كان عنده معامل.. وكان الكل يشتغل بس ما يلحق، على طول كان إكو طلب لبغداد ولبقية المحافظات".
ومن زبائنه غزوان خيري الذي قال وهو يغادر ورشة حسين حاملا معه زجاجة من العرق "المنتج أني أعرف دا يشتغل شغل نظيف، وأعرف مصدره، أعرف المواد إلي يشتغلها، وثاني شي النكهة، والنكهة من أهم الأسباب".