مصارف لبنان تغلق أبوابها عقب سحب مودعين أموالهم بالقوة

المحاكم تبدو بطيئة في إصدار أحكام لصالح المودعين الذين يحاولون الحصول على مدخراتهم عن طريق رفع دعاوى قضائية ضد البنوك، مما دفع البعض للبحث عن طرق بديلة للحصول على أموالهم.
وزير داخلية لبنان: سنتخذ إجراءات مشددة للحفاظ على الأمن والنظام
6 عمليات اقتحام للبنوك في يوم واحد لسحب ودائع بالقوة

بيروت - أعلنت جمعية مصارف لبنان غلق كافة المصارف لمدة ثلاث أيام اعتبارا من الاثنين المقبل، عقب سلسلة اقتحامات تعرضت لها عدة بنوك اليوم الجمعة من قبل مودعين. وأوضحت في بيان أن قرار الإغلاق يأتي "استنكارا لما حصل من اعتداءات على المصارف والموظفين ولاتخاذ التدابير التنظيمية اللازمة".

وكانت قد حثت أمس الخميس على محاسبة المتورطين في اعتداءات لفظية وجسدية على البنوك وقالت إن البنوك نفسها لن تتساهل، بينما دعا وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال القاضي بسام مولوي إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن المركزي للبحث في الإجراءات الأمنية التي يمكن اتخاذها في ضوء الأحداث المستجدة على المصارف.

وقال لاحقا في مؤتمر صحفي "سنتخذ إجراءات مشددة للحفاظ على الأمن والنظام ولا تستهدف المودعين".

واقتحم مودعون لبنانيون الجمعة عدة مصارف في مواقع مختلفة في محاولات لاسترداد جزء من ودائعهم المجمدة، وفق ما أفاد مصدر أمني ووسائل إعلام محلية، فيما تأتي سلسلة الاقتحامات بينما يعيش لبنان أزمة مالية طاحنة تفشى معها اليأس والإحباط ودفع عدد من المودعين لسحب ودائعهم باستخدام القوة في مشهد يعكس وضعا قاتما وينذر بالأسوأ.  

وبعد أن سجلت حادثة اقتحام صباح الجمعة لمصرف في مدينة صيدا في جنوب لبنان، أبلغ عن أربعة حوادث مماثلة في مناطق متفرقة من بيروت وجنوب البلاد.

واقتحام المصارف اليوم الجمعة لم يكن حدثا استثنائيا فقد سبقه في الفترة الماضية حادثان مماثلان ووصفت بعض وسائل الإعلام المحلي في منفذ أول عملية اقتحام بسلاح ناري وقنبلة يدوية بـ"البطل" بعد أن نجح في سحب 50 ألف دولار من وديعته.

وتفرض البنوك اللبنانية قيودا صارمة على السحب وعلى التحويل بالدولار بينما تعيش البلاد أسوأ أزمة على الإطلاق.   

وقال مصدر أمني إنه تم القبض على رجل يحمل مسدسا تبين بعد ذلك أنه لعبة اقتحم مصرفا لبنانيا في مدينة الغازية بجنوب البلاد اليوم الجمعة. وقال بنك لبنان والمهجر (بلوم) في بيان إن مسلحا اقتحم فرع البنك في منطقة الطريق الجديدة في بيروت صباحا للمطالبة بمدخراته، مضيفا أن الوضع تحت السيطرة.

وتعالت الهتافات المساندة للرجل الذي تم تعريفه باسم عابد سوبرة، من جانب حشد كبير خارج البنك وهو مشهد تكرر في العديد من هذه الحوادث. وقال أحد السكان ويدعى رابح كوجوك، إن سوبرة تاجر وإنه معرض للسجن لأن هناك دائنين يطالبونه بأموال بالرغم من أنه يملك أموالا في البنك.

وفي حادث ثالث، دخل مسلح بمسدس خرطوش فرعا لبنك لبنان والخليج في منطقة الرملة البيضاء في بيروت لاستعادة مدخرات تقدر بنحو 50 ألف دولار، حسبما قال موظف في البنك، مضيفا أن الوضع لا يزال مستمرا وأن هناك موظفين وعملاء عالقين بالداخل. وكان هذا هو الحادث الخامس من نوعه على الأقل هذا الأسبوع في لبنان.

واعتُقل رجل الشهر الماضي بعد أن اقتحم بنكا في بيروت لسحب أموال من أجل علاج والده المريض، لكن أخلي سبيله بدون توجيه اتهام له بعد أن أسقط البنك دعواه القضائية ضده.

وكانت مصادر رسمية قد تحدثت عن وقوع 6 عمليات اقتحام جديدة لفروع مصرفية في مختلف المناطق اللبنانية، غالبيتها في بيروت. وخلال الفترة الماضية، تكررت مثل هذه الحوادث في البنوك اللبنانية، على إثر رفضها منح المودعين أموالهم بالدولار.

ومنذ أكثر من عامين ونصف العام، تفرض مصارف لبنان قيودا على أموال المودعين بالعملة الأجنبية، لا سيما الدولار، كما تضع سقوفا قاسية على سحب الأموال بالليرة اللبنانية.

ويعاني اللبنانيون منذ عام 2019، أزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلا عن شح في الوقود والأدوية وانهيار قدرة المواطنين الشرائية.

ومنعت البنوك اللبنانية معظم المودعين من سحب مدخراتهم منذ أن تفاقمت الأزمة الاقتصادية قبل ثلاث سنوات، تاركة الكثير منهم غير قادرين على سداد تكاليف الاحتياجات الأساسية.

ولم يتم تقنين وضع ضوابط لرؤوس الأموال، لكن المحاكم بطيئة في إصدار أحكام لصالح المودعين الذين يحاولون الحصول على مدخراتهم عن طريق رفع دعاوى قضائية ضد البنوك، مما دفع البعض للبحث عن طرق بديلة للحصول على أموالهم.

وأوضح المصدر الأمني أن الرجل الذي اقتحم بنك بيبلوس في مدينة الغازية تمكن اليوم الجمعة من استرداد جزء من أمواله قبل اعتقاله، مضيفا أنه من المعتقد أن السلاح الذي كان بحوزته لعبة.

وقال بنك بلوم إن قوات الأمن تفاوضت مع سوبرة الذي اقتحم فرعا للبنك في بيروت، لإقناعه بالخروج من المبنى، مضيفا أنه من المعتقد أنه سلم السلاح لقوات الأمن.