مصافحة استثنائية شكلية في السويد بين طرفي الأزمة اليمنية

مفاوضو الحكومة والمتمردين لا يتبادلون الحديث بشكل مباشر، إلا عندما يتعلق الأمر بملف واحد هو الاتفاق على تبادل الأسرى الذي أبرم في بداية ديسمبر، فيما يقوم الوسيط ومستشاروه بزيارات مكوكية بين الطرفين في معظم الأوقات.

غريفيث يتحدث عن أجواء ايجابية جدا في محادثات السويد
عدد من الملفات لا تزال عالقة في مفاوضات السويد
مفاوضات السويد تمهد لبناء الثقة بين أطراف الأزمة اليمنية

ريمبو (السويد) - في مشهد نادر يرتدي طابعا رمزيا كبيرا، تصافح المتحاربون اليمنيون أمام صحافيين على هامش مشاورات السلام في السويد حيث يشارك وفدا الحكومة والمتمردين منذ الخميس الماضي في محادثات في بلدة ريمبو السويدية هي الأولى منذ 2016.

إلا أن المصافحة النادرة لم تحجب عمق الخلافات بين الطرفين ولا تعكس انتهاء الأزمة أو تأسيسا فعليا لإنهائها سلميا، فيما شكلت حدثا استثنائيا على مدار أيام من مفاوضات الأخذ والردّ حول ملفات تم مناقشتها لكنها ظلت عالقة في انتظار جولة مفاوضات أخرى.

ووافق سليم مغلس العضو في وفد المتمردين وأحمد غالب أحد أعضاء الوفد الحكومي على أن يتصافحا الاثنين بطلب من صحافيين يمنيين، بحضور أحد المصورين.

وقالت صحافية طالبة عدم الكشف عن هويتها خوفا من تعريض عائلتها للخطر في اليمن "لم أر مثيلا لذلك من قبل"، بينما ذكر شهود عيان أن الرجلين وافقا على الطلب بكل أريحية.

وقال مصدر في الأمم المتحدة إن الوسيط الأممي مارتن غريفيث الذي دفع باتجاه هذه المفاوضات شاهد الصورة التي انتشرت بسرعة على شبكات التواصل الاجتماعي وباتت متوفرة على العديد من المواقع الالكترونية الإخبارية العربية الثلاثاء.

أول مصافحة بين عضوين من وفدي الحوثيين والحكومة اليمنية
أول مصافحة بين عضوين من وفدي الحوثيين والحكومة اليمنية

ويشارك وفدا الحكومة والمتمردين منذ الخميس الماضي في محادثات في بلدة ريمبو السويدية هي الأولى منذ 2016 في مسعى لوضع أطر تمهّد الطريق لإنهاء النزاع المستمر منذ 2014 وأسفر عن مقتل نحو عشرة آلاف شخص ودفع 14 مليونا إلى حافة المجاعة.

ويعقد الطرفان الاجتماع في مجمع فندقي في ريمبو على بعد نحو ستين كيلومترا إلى الشمال من ستوكهولم. ويسعى مسؤولو الأمم المتحدة إلى خلق أجواء "لبناء الثقة" من أجل بدء عملية سلام.

وحذر المراقبون المطلعون على التاريخ المعقد لليمن والحرب التي يشهدها حاليا من أن الطريق طويل ومليء بالعقبات.

وأفادت معلومات غير مؤكدة رسميا أن مفاوضي الحكومة والمتمردين لا يتبادلون الحديث بشكل مباشر، إلا عندما يتعلق الأمر بملف واحد هو الاتفاق على تبادل الأسرى الذي أبرم في بداية ديسمبر/كانون الأول. وفي معظم الأوقات، يقوم الوسيط ومستشاروه بزيارات مكوكية بين الطرفين.

لكن في المقابل يتقاسم مفاوضو الطرفين مقهى واحدا ومصلى واحدا ليتمكن المتمردون الشيعة وأعضاء الحكومة السنّة من الصلاة.

وقال مارتن غريفيث للصحافيين مساء الاثنين "إنهم يختلطون ببعضهم ويلتقون. سمعنا قصصا رائعة. لا أريد كشفها هنا، عن الأحاديث التي يتبادلها الناس".

وأضاف أن "المزاج جيد" لكن اليمنيين تعبوا من الشتاء السويدي والرياح والعتمة والثلوج.

واشتكى وزير الزراعة عثمان مجلي وهو يضع وشاحا حول رقبته ويعتمر قبعة، من أن عليه التفاوض "في البرد".

ويقيم المفاوضون اليمنيون في قصر جوهانسبرغ الذي بني في القرن السابع عشر على تلة حرجية تطل على ملعب للغولف.

واختير الموقع بين ستوكهولم في الجنوب وأوبسالا في الشمال بسبب قربه من مطار أرلاندا الدولي.

ويضم عدة أجنحة ومبان مستقلة يقيم فيها الوفدان اليمنيان تحت حراسة الشرطة وأجهزة الأمن والاستخبارات. ويسمع تحليق طائرة بلا طيار ليلا نهارا.

أما الصحافيون الـ250 المعتمدون لتغطية الحدث فيقيمون في بيت مبني بالخشب الأحمر يطل على أراض خضراء.

واستقدمت المجموعة الإعلامية "سي اف اي ديفلوبمان ميديا" بدعم من وكالة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) صحافيين يمنيين لتغطية المحادثات.

وقال محمد الهاني المستشار لهذا المشروع "لدينا هيئة تحرير من 12 صحافيا من الرجال والنساء يمثلون كل المناطق".

وأضاف أن "وسائل الإعلام الدولية يمكنها الاهتمام بالطابع السياسي حصرا لهذه المشاورات، نركز نحن على القضايا التي تهم السكان".

وخروجهم من صنعاء بحد ذاته كان مغامرة، فمطار صنعاء مغلق منذ ثلاث سنوات ويجب التوجه إلى عدن في الجنوب ليستقلوا الطائرة.

وقال الهاني إن "السفر بين المدينتين يمكن أن يستغرق 28 ساعة في بعض الأحيان بسبب نقاط التفتيش".

وعلى شاشة كبيرة، تابع بعض الصحافيين حفل تسليم جائزة نوبل للسلام بعد ظهر الاثنين في أوسلو.