مصر تلوح بقطع الطريق على أي تمدد تركي في ليبيا

الرئيس المصري يردّ بحزم على نظيره التركي، مؤكدا أن بلاده لن تتخلى عن الجيش الوطني الليبي ولن تسمح لأنقرة بتحويل ليبيا إلى دولة ميليشيات.

مصر ستقطع الطريق على أي تمدد تركي في ليبيا
ليبيا تعتبر مجالا حيويا للأمن القومي المصري والعربي
أردوغان يسعى لإيجاد موطئ قدم في غرب ليبياالتدخلات التركية تؤجج الصراع في الساحة الليبية
التوتر يخيم على شرق المتوسط بعد اتفاق مثير للجدل بين أردوغان والسراج

القاهرة - أكدّ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن بلاده لن تسمح لأحد بالسيطرة على ليبيا بعد أيام من تلويح نظيره التركي رجب طيب أردوغان بإرسال قوات تركية إلى طرابلس لدعم حكومة الوفاق الوطني التي يقودها رجل الأعمال فائز السراج.

وقال السيسي في تصريحات للصحف المصرية الحكومية والخاصة نشرت الثلاثاء "لن نسمح لأحد أن يعتقد أنه يستطيع السيطرة علي ليبيا والسودان ولن نسمح لأحد بالسيطرة عليهما".

وكان يشير صراحة إلى محاولات تركيا التمدد في مناطق جيوسياسية حيوية بالنسبة للأمن القومي المصري والعربي بعد أن منح الرئيس السوداني المعزول عمر البشير أنقرة سيطرة كاملة على جزيرة سواكن على البحر الأحمر  خلال زيارة قام بها الرئيس التركي للخرطوم في 2017.

ولاتزال وضعية سواكن مثار جدل بعد أن عزل الجيش البشير في ابريل/نيسان الماضي تحت وطأة احتجاجات شعبية.

ويسعى أردوغان الذي يخوض معارك على أكثر من جبهة لإيجاد موطئ قدم في غرب ليبيا حيث تتمركز جماعات إسلامية متشددة من بينها جماعة الإخوان الداعمة لحكومة الوفاق الوطني.  

وأضاف السيسي في التصريحات التي نشرتها أكثر من صحيفة من بينها 'الاهرام' الحكومية، أنه "أمر في صميم الأمن القومي المصري"، مشيرا إلى أن السودان وليبيا "دول جوار" مباشر لمصر.

مصر نسقت مرارا مع قوات الجيش الليبي في التصدي لمخططات ارهابية
مصر نسقت مرارا مع قوات الجيش الليبي في التصدي لمخططات ارهابية

وتوترت العلاقات بين مصر وتركيا منذ عزل الجيش المصري في 2013 الرئيس الاخواني محمد مرسي وكان السيسي حينها قائدا للجيش قبل أن يخوض انتخابات رئاسية جاءت به للسلطة.

وجماعة الاخوان التي تدعمها أنقرة ووفرت ملاذات آمنة لبعض قياداتها الفارة، محظورة بقرار قضائي ومصنفة 'تنظيما إرهابيا'.

وتدرك القاهرة أن سعي أردوغان لنشر قوات في الغرب الليبي دعما لحكومة السراج التي تشكل واجهة سياسية لاخوان ليبيا، يأتي ضمن محاولة توسيع التمدد التركي في منطقة حيوية بالنسبة للأمن القومي المصري والعربي.

وشدد الرئيس المصري بلهجة قاطعة على أن بلاده "لن تتخلى عن الجيش الوطني الليبي" الذي يقوده المشير خليفة حفتر والذي أطلق الخميس الماضي عملية عسكرية سماها 'معركة الحاسم' لتطهير العاصمة الليبية من الجماعات المتطرفة.

وكان حفتر قد اتهم حكومة السراج بالتفريط في سيادة ليبيا ووصف أعضاءها بـ"الخونة والعملاء"، في إشارة ضمنية للاتفاق الأمني الذي وقعته أنقرة وتركيا والذي يشمل مذكرة تفاهم تتعلق بترسيم الحدود البحرية.

وقد أثار الاتفاق استنكارا عربيا ودوليا كونه وقع بين حكومة ليبية لا تحظى بالتوافق محليا ولا تمتلك شرعية كاملة باستثناء اعتراف أممي، وأنقرة التي انتهكت القانون الدولي بتجاهلها لخصوصية الوضع الليبي ولانحيازها لأحد أطراف الصراع.

وتابع السيسي "لا يمكن أن نرضى بإقامة دولة في ليبيا للميليشيات والجماعات المسلحة والإرهابية والمتطرفة"، في إشارة إلى الميليشيات الداعمة لحكومة السراج.

وأحبطت القوات المصرية مخططات إرهابية كانت تستهدف مصر انطلاقا من ليبيا. ودمر الطيران الحربي في أكثر من مناسبة عربات رباعية الدفع وشاحنات محملة بالأسلحة والذخيرة كانت في طريقها من الحدود الليبية إلى داخل الأراضي المصرية.

ويعتقد أن تلك الأسلحة كانت موجهة أساسا لجماعة ولاية سيناء الفرع المصري لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

وجاءت تصريحات الرئيس المصري غداة لقاء في اسطنبول بين أردوغان والسراج هو الثاني بين الرجلين في غضون ثلاثة أسابيع. كما جاءت بعد أيام من تلويح الرئيس التركي بإرسال قوات تركية إلى ليبيا لدعمه.

لا يمكن أن نرضى بإقامة دولة في ليبيا للميليشيات والجماعات المسلحة والإرهابية والمتطرفة

وكانا قد التقيا في 27 نوفمبر/تشرين الثاني في اسطنبول حيث وقّعا اتفاقا مثيرا للجدل يتعلق بترسيم الحدود البحرية واتفاق تعاون أمني يتيح لتركيا تقديم مساعدات عسكرية إلى حكومة الوفاق التي تعترف بها الأمم المتحدة. وقد طرح الاتفاق الأخير السبت على البرلمان التركي لمناقشته والمصادقة عليه.

وأعلن أردوغان الثلاثاء أن تركيا مستعدة لنشر قوات في ليبيا لدعم حكومة الوفاق إذا ما طلبت الأخيرة دعما من هذا النوع.

وفي مؤشر آخر على التقارب بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية، أعلنت أنقرة أنها ستسمح لليبيين ممن هم دون 16 عاما وفوق الخامسة والخمسين بدخول أراضيها من دون تأشيرات.

وتتنازع سلطتان في ليبيا على الشرعية واحدة يقودها عبدالله الثني في الشرق وتحظى باعتراف البرلمان الليبي وواحدة في الغرب يقودها السراج وتحظى باعتراف أممي وبدعم من جماعات مسلحة معظمها إسلامية متشددة.

وقد أدانت عدة دول الاتفاق البحري الموقع بين أنقرة وحكومة الوفاق، بينها اليونان وقبرص ومصر لأنه يعطي أنقرة سيادة على مناطق شاسعة في شرق البحر المتوسط الغني بالموارد النفطية في خضم صراع على الاستكشافات النفطية والغازية في المتوسط.

وبعد توقيع الاتفاق أكدت الحكومة التركية أنها ستمنع أي عملية استكشاف للنفط لا تحظى بموافقتها. ونشرت تركيا الاثنين الماضي أول طائرة مسيرة مسلحة في شمال قبرص حيث ستتمركز في أجواء من التوتر الشديد بين تركيا ودول أخرى في شرق المتوسط حول استغلال ثروات النفط والغاز في هذه المنطقة.