مصر.. جذور التشيّع في جماعات الإسلام السياسي السني

وفد من الجماعة الإسلامية زار الخميني وأبدى إعجابه بسياسة إيران في الشرق الأوسط وتبنت الجماعة هذه الأفكار لذا نظّم أعضاؤها تظاهرات في قلب القاهرة تأييداً للثورة الإيرانية.

بقلم: أحمد الجدي

يروي محمد إبراهيم الحسيني، الشيعي البارز في الإسكندرية والذي كان إخوانياً بارزاً قبل تشيّعه، لرصيف22، أنه ترك الإخوان عام 2003 بعد ما يقرب من 15 عاماً داخل الجماعة أصبح فيها عضواً عاملاً، وأعلن تشيّعه بعد ذلك بشهور، "بعد قراءتي العديد من الكتب حول المذهب الشيعي لأتأكد بعدها أنه المذهب الإسلامي الصحيح الذي يجب أن أكون عليه".

يعترف الحسيني بانجذاب الإخوان الكبير إلى إيران مؤكداً أن هذا الانجذاب هو الذي حرّك فضوله لمعرفة المذهب الشيعي أكثر والقراءة فيه. وعبّر عن هذا الانجذاب بقوله: "كنّا دائماً في اجتماع الأسر الإخوانية في الإسكندرية نتحدث عن حزب الله وإنجازاته في الحرب على إسرائيل، كما كان المسؤول عنّا يتحدث دائماً عن الثورة الإسلامية الإيرانية وكيف يتمنى الإخوان أن يحققوها في مصر، وكانوا يشيدون دائماً بالإمام الخميني".

ويضيف: "كل هذا جعلني أتقرّب أكثر من المذهب الشيعي وأتشيّع، ولما تركت الإخوان بعد تشيّعي دعتني الجماعة للعودة إليها وعدم الانشقاق عنها مع الاحتفاظ بتشيّعي وهو ما رفضته لأن الانشقاق لم يكن سببه تشيّعي بل كان سببه عدم اقتناعي بجدوى التنظيم نفسه".

ولكن عضو مجلس شورى الإخوان أحمدي قاسم، ويعيش حالياً في السودان، ينفي تشيّع أي كادر إخواني ذي منصب قيادي مشيراً إلى أن كل مَن تشيّعوا هم من الأعضاء العاديين.

لا ينفي قاسم تأثر الإخوان الشديد بالثورة الإسلامية، وكذلك الإعجاب بحزب الله، ويؤكد وجود مساعٍ كبيرة من الجماعة للتقريب بين المذاهب منذ تأسيسها عام 1928.

أما في ما يخصّ الجماعة الإسلامية، فيكشف الباحث في شؤون الإسلام السياسي والمنشق عن الجماعة المذكورة عام 2013 منتصر عمران أن جماعته السابقة كانت من ضمن المؤيدين بشدة للثورة الإيرانية عام 1979 وكان أعضاؤها "يذكرون محاسنها في جلساتهم ودروسهم مع العناصر الجديدة المنضمة وكنت أنا واحداً منهم، إلى درجة أن حلمي صار أن أسافر إلى طهران وأقابل الخميني، ومثلي كثيرون".

يستذكر منتصر عمران موقفاً آخر يؤكد تجذّر فكرة قبول المذهب الشيعي داخل الجماعة الإسلامية والتأثر الشديد بإيران ما بعد الثورة الإسلامية، ويروي: "عام 1986، أثناء وجودي مع رئيس مجلس شورى الجماعة كرم زهدي في سجن أسيوط، قال لنا إن وفداً من الجماعة زار الخميني وأبدى إعجابه بسياسة إيران في الشرق الأوسط وتبنت الجماعة هذه الأفكار، لذا نظّم أعضاؤها تظاهرات في قلب القاهرة تأييداً للثورة الخمينية، وكل هذا بالطبع جعل أعضاء الجماعة ينظرون إلى المذهب الشيعي نظرة مختلفة ويتمنّون أن يتشيّعوا كي يكونوا جزءاً من هذه الإنجازات العظيمة التي حققها أبناء هذا المذهب فإيران".

ويتابع: "بالفعل تشيّع كثيرون بشكل سرّي وسافر بعضهم وعاش في إيران وأرفض الإفصاح عن أسمائهم بخلاف مَن أعلنوا تشيّعهم كياسر فراويلة الذي كان عضواً في الجماعة حتى عام 2013".

كان ياسر فراويلة عضواً في الجماعة الإسلامية حتى عام 2013 حين انشق ثم أعلن تشيّعه في نهايات عام 2017. يؤكد أن "حب آل البيت هو السبب الرئيسي في قراءتي عن المذهب الشيعي واقتناعي به، خاصة أنه مذهب معترف به من الأزهر الشريف وهو ما يؤكد أنه مذهب إسلامي صحيح".

وعن علاقة نشأته داخل الجماعة الإسلامية بتشيّعة، قال لرصيف22: "تأثرنا كثيراً بالثورة الإيرانية، ومشايخ وقادة الجماعة أثنوا كثيراً على الخميني ودوره في إشعال هذه الثورة. كل هذا جعلني أفكر في القراءة أكثر وأكثر عن الخميني وعن إيران وهذا قادني في ما بعد إلى القراءة عن الشيعة باعتبارهم أصحاب مذهب إسلامي معترف به".

ويضيف: "لما قرأت، ازداد إعجابي بهذا المذهب وقررت أن أكون أحد معتنقيه وكان هذا في نهايات عام 2017، وما شجعني على ذلك رغبتي في الدفاع عنه في ظل الحرب السلفية الشرسة عليه والتي وصلت إلى حد الاضطهاد الطائفي وكان من نتائجه قتل القطب الشيعي البارز حسن شحاتة، تلك الحادثة التي جعلتني أقرأ من جديد في التشيّع وأصبح واحداً من أبناء هذا المذهب وأخرج في لقاءات تلفزيونية أدافع عنه ضد المتشددين والمتطرفين".

رغم ذلك، يرفض القيادي في الجماعة الإسلامية طارق فكري الزعم بأن جماعته تدعم التشيّع حتى لو تشيّع عدد من أعضائها السابقين، ويؤكد لرصيف22 أن هناك إخواناً وسلفيين وأساتذة أزهريين تشيّعوا و"هذا لا يعني أن فكر هذه الكيانات هو السبب في تشيّعهم".

وأشار فكري إلى أن الجماعة الإسلامية حاربت المذهب الشيعي من خلال دورات عُقدت في صعيد مصر عام 2011 عندما بدأ التشيّع ينتشر هناك وقاد تلك الدورات مفتي الجماعة الشيخ عبد الآخر حماد، كما رفضت الجماعة عودة السياحة الدينية الإيرانية إلى مصر.

ملخص مقال نشر في موقع الرصيف
لماذا يتشيّع بعض أعضاء الإخوان والجماعة الإسلامية في مصر؟