مصر وموريتانيا توجهان رسالة قوية للجزائر وبوليساريو

القاهرة ونواكشوط تنسحبان من مناورات عسكرية تستضيفها الجزائر احتجاجا على مشاركة جبهة بوليساريو فيها، في قرار يؤكد دعم البلدين للمغرب ورفضا لحيلة جزائرية عبثية لمنح الانفصاليين شرعية.

القاهرة – انسحبت كل من مصر وموريتانيا من مناورات 'سلام شمال أفريقيا 3' التي من المقرر اجراؤها من 21 إلى 27 مايو/أيار على الأراضي الجزائرية وذلك رفضا لمشاركة جبهة بوليساريو في تلك المناورات، في قرار يعكس موقف القاهرة الثابت الداعم لوحدة المغرب وسيادته على كل أراضيه وتأكيدا لعدم اعترافها بالجبهة الانفصالية التي تصفها وسائل الاعلام المصرية بأنها ميليشيات ومرتزقة، بينما يظهر قرار نواكشوط أنها تحرص على علاقاتها الوطيدة مع المملكة لإدراكها حساسية ملف الصحراء بالنسبة للمغاربة واتجاهها أيضا للخروج عن "الحياد الإيجابي" في هذا الملف في سياق توجه محتمل لدعم مغربية الصحراء.

ولم يتضح موقف الجزائر من انسحاب مصر وموريتانيا من تلك المناورات، لكن عادة ما يتخذ الجانب الجزائري إجراءات انتقامية غير معلنة باعتبار أن الانسحاب من المناورات يعتبر ضربة لجهود السلطة الجزائرية لتوفير غطاء لبوليساريو من خلال اقحامها في فعاليات عسكرية وسياسية لإظهار أن الدول العربية أو الأجنبية المشاركة فيها تعترف بالجبهة.

وبحسب المرصد الأطلسي للدفاع والتسليح، فإن مصر رفضت أصلا قبول دعوة للمشاركة في المناورات العسكرية التي أقحمت فيها الجزائر الجبهة الانفصالية التي من المتوقع أن يتم تصنيفها من قبل قوى غربية تنظيما إرهابيا.

ويحسب لمصر هذا الموقف الجريء في مواجهة التمادي الجزائري الذي سبق وأن ورط تونس في مشاكل وتوترات مع المغرب بسبب استقبال الرئيس التونسي قيس سعيد لكبير الانفصاليين زعيم بوليساريو إبراهيم غالي بمناسبة انعقاد الدورة الثامنة لندوة طوكيو الدولية للتنمية في إفريقيا في أغسطس/اب 2022.

ووصفت وسائل إعلام مصرية مشاركة جبهة بوليساريو في المناورات بأنها مشاركة "ميليشيات" و "مرتزقة"، مؤكدة على أن مصر دولة ذات سيادة وجيش نظامي ولا يمكن أن تشارك جنبا إلى جنب مع مثل تلك الكيانات.

ويحمل القرار المصري دلالات سياسية مهمة إذ على الرغم من بعض التوترات التي قد تحدث بين الحين والآخر، تؤكد القاهرة باستمرار على عمق العلاقات التاريخية والاستراتيجية مع المملكة المغربية.

ويربط المغرب ومصر بعلاقات قوية وتعاون في مختلف المجالات، بينما تتفهم القاهرة حساسية قضية الصحراء بالنسبة للمملكة وتسعى إلى عدم اتخاذ أي خطوات قد تفسر على أنها تقويض لموقف الرباط.

ولا تعترف مصر بالكيان غير الشرعي المسمى "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" التي أعلنتها جبهة بوليساريو.

وجاء قرار موريتانيا بالانسحاب من المناورات العسكرية التي تنظمها الجزائر تضامنا مع مصر وتناغما مع المواقف الدولية التي لا تعترف ببوليساريو.

وتعتبر نواكشوط أن مشاركة جبهة بوليساريو التي لا تعترف بها رسميا، في هذه المناورات العسكرية المشتركة، يمثل تجاوزا للأعراف الدبلوماسية ويتعارض مع موقفها الذي يدعو إلى حل سلمي للنزاع المفتعل حول الصحراء.

وهذا الانسحاب المتزامن لمصر وموريتانيا يوجه رسالة واضحة إلى الجزائر بشأن حساسية قضية الصحراء وأهمية مراعاة مواقف الدول الأخرى في المنطقة.

واقحام كيان غير شرعي لا يحمل أي صفة دولية، يعتبر استفزازا جزائريا للمغرب وتحديا للمواقف الداعية لحل سلمي للملف ولإنهاء النزاع المفتعل. كما يمثل احراجا للدول التي قررت المشاركة في المناورات على أساس انها مناورات مشتركة تعزز التعاون بين الدول وليس توفير غطاء للكيان الوهمي.