مصير مجهول للمستشار العسكري لنصرالله بعد غارة إسرائيلية

في حين تعتقد إسرائيل أن محمد حيدر لم يكن لديه الوقت للهروب من القصف، يبقى مقتله أمرا غير مؤكد.
بوريل: لبنان بات على شفير الانهيار

بيروت/القدس - لا يزال مصير رئيس العمليات في حزب الله محمد حيدر (أبوعلي) الذي كان هدفا لغارة إسرائيلية على حي البسطة في بيروت يوم السبت، غير واضح. ووفقا لبعض التقارير الإعلامية، فإنه لم يكن في المنطقة وقت الغارة.

ويقع هذا القطاع في قلب بيروت ويشتهر بسكانه من الطبقة المتوسطة الذين أسسوا منازلهم هناك منذ القرن التاسع عشر. ومع وجود نسيج غني من الفنانين والرسامين ورسامي الكاريكاتير، لا يزال يسكنه أحفادهم. ويقع في موقع استراتيجي بالقرب من المتحف الوطني اللبناني والمباني الحكومية.

وفي قلب حي البسطة، في مبنى فخم من ثمانية طوابق تحول الآن إلى أنقاض، كان يعيش أبوعلي، الشخصية البارزة في حزب الله. وكان هذا يعتبر العقل المدبر الذي نظم عمليات ميدانية مهمة.

وبسبب العلاقة الطويلة والخاصة التي جمعت حيدر بزعيم حزب الله القتيل حسن نصر الله، فقد تم تعيينه في البرلمان اللبناني من عام 2005 إلى عام 2009 للاستفادة من الحصانة البرلمانية بعد الاشتباه في تورطه في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في عام 2005. وبمجرد أن هدأ التهديد، عاد حيدر إلى الأدوار العملياتية داخل حزب الله.

وتشير معلومات حديثة إلى أن أبوعلي تعاون مع فيلق القدس الإيراني الذي أشرف على الهجمات. وبعد اغتيال رئيس أركان حزب الله فؤاد شكر في يوليو/تموز الماضي، كان يُعتقد أنه خليفته ورئيس قسم العمليات الخاصة في حزب الله.

ونعيم قاسم الذي تم تعيينه ليحل محل نصرالله بعد أن عمل نائبا له لسنوات عديدة يفتقر إلى الخبرة القتالية، فهو لم يشغل مناصب ميدانية قط ومثله مثل سلفه (نصرالله)، فإنه يظل مختبئا. ومن المرجح أن إسرائيل تراقب تحركاته عن كثب، وأي محاولة للقيام بمناورات غير عادية قد تؤدي إلى استهدافه.

وفي الوقت الحالي، يؤيد الأمين العام الجديد لحزب الله بشكل خفي "التجربة" مع مبادرات السلام، في حين تواصل إدارة الجهاد التابعة للحزب التي يرأسها حيدر، شن الهجمات.

أما قضية حيدر (أبوعلي) "العقل المدبر" فهي أكثر تعقيدا، فوفقا لتقارير أجنبية، حاولت إسرائيل منذ عام 2019 القضاء عليه عندما أسقطت طائرتان مقاتلتان تابعتان لسلاح الجو قنابل على مبنى في منطقة الضاحية الجنوبية في بيروت. وفشلت المحاولة، ولقي آخرون حتفهم، لكن حيدر نجا وعزز محيطه الأمني.

ومن بين أدواره الأخيرة قيادة مقاتلي حزب الله في سوريا وتقديم المشورة العسكرية للأمين العام السابق حسن نصر الله، والإشراف على عمليات حزب الله ضد إسرائيل. وبحسب المعلومات المتوفرة، كان "أبوعلي" يعمل بلا كلل على مدار الساعة.

ولم يتبق من المبنى المكون من ثمانية طوابق في شارع المأمون في حي البسطة سوى حجارة. ولم تترك خمس قنابل خارقة للتحصينات خلفها سوى القليل، ولا يسع أولئك الذين يتابعون الحدث في لبنان إلا أن يتعجبوا كيف عرفت إسرائيل مرة أخرى على وجه التحديد أين تصوب ومتى دخل "أبوعلي" شقته، في وقت يبدو قريبا جدا من وقت القصف بحيث لم يتمكن من الفرار.

وتأتي هذه التطورات بينما قال الجيش الإسرائيلي إن جماعة حزب الله اللبنانية أطلقت الأحد عشرة صواريخ على وسط إسرائيل للمرة الثانية. وأُرسلت فرق طوارئ إلى مدينة بتاح تكفا حيث من المحتمل أن يكون الصاروخ قد سقط، وسط تقارير عن إطلاق نار.

وفي الوقت نفسه، استهدفت الصواريخ الجليل الغربي وبعد وقت قصير من ذلك تم إرسال وابل من الصواريخ إلى حيفا والمناطق المحيطة بها.

ومنذ ساعات الصباح الباكر الأحد تم إطلاق 130 صاروخا في عشرات الدفعات باتجاه المنطقتين الغربية والجليل الأعلى وفي معالوت أصيبت امرأة واحدة على الأقل بشظايا، وفي دفعة لاحقة أصابت الصواريخ حيفا ونهاريا بشكل مباشر.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن مبنى أصيب بالقرب من تل أبيب، وذلك غداة غارة جوية إسرائيلية أودت بحياة ما لا يقل عن 20 شخصا في بيروت.

وقال حزب الله إنه أطلق صاروخين موجهين على مواقع عسكرية في تل أبيب ومناطق قريبة منها، وذلك بعد أن توعد في وقت سابق بالرد على الهجمات على بيروت باستهداف تل أبيب.

ولم ترد بعد تقارير من إسرائيل عن وقوع أضرار، لكن هيئة البث العامة الإسرائيلية "راديو كان" نشرت لقطات لشقة تضررت بنيران الصواريخ في بيتح تكفا شرقي تل أبيب. وأظهرت لقطات بثتها خدمة "نجمة داوود الحمراء" للإسعاف سيارات مشتعلة في بيتح تكفا.

وقال الجيش الإسرائيلي إن حزب الله أطلق 170 صاروخا على إسرائيل اليوم الأحد معلنا اعتراض عدد كبير منها، لكنه أضاف أن أربعة أشخاص على الأقل أصيبوا بشظايا صاروخ.

وفي سياق متصل حثّ مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من بيروت على "وقف فوري لإطلاق النار" بين حزب الله وإسرائيل فيما أطلق الحزب 160 مقذوفا على الدولة العبرية.

وقال بوريل خلال مؤتمر صحافي بعد لقائه رئيس الوزراء نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري "نرى سبيلا واحدا للمضي قدما: وقف فوري لإطلاق النار، وتطبيق كامل لقرار مجلس الأمن الدولي 1701" الذي أرسى وقفا لإطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل في العام 2006.

وحذّر من أن لبنان بات "على شفير الانهيار"، مشددا على أنه "ينبغي زيادة الضغط على الحكومة الاسرائيلية ومواصلة الضغط على حزب الله للقبول بالمقترح الأميركي لوقف إطلاق النار" وأعلن كذلك أن الاتحاد الأوروبي مستعدّ لتقديم 200 مليون يورو إلى الجيش اللبناني.