مضيق هرمز ورقة ضغط إيرانية في خضم توتر غير مسبوق

فرضية عدم قدرة ناقلات النفط على عبور الممر الاستراتيجي يؤدي إلى تأخيرات كبيرة في الإمدادات وزيادة تكاليف الشحن ما ينتج عنه زيادة أسعار الطاقة العالمية.
الدول المنتجة للنفط في المنطقة تتأثر سلبا بالتوتر في مضيق هرمز
خمس تجارة الغاز الطبيعي تمر عبر مضيق هرمز

طهران - يعود مضيق هرمز مرة أخرى لتصدر المشهد الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، إثر إعلان الحرس الثوري الإيراني قبل أيام سيطرته على سفينة شحن ترفع علم البرتغال ويملكها رجل أعمال إسرائيلي، خلال عبورها المضيق حيث بات المضيق الذي يمتلك أهمية استراتيجية ورقة ضغط إيرانية في ظل الصراع المتفاقم في الشرق الأوسط.
وفي 13 أبريل/ نيسان الجاري، قالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا"، إن القوات البحرية الخاصة التابعة للحرس الثوري سيطرت قرب مضيق هرمز على سفينة حاويات تحمل اسم " ام اس سي ماريس" تديرها شركة مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي يدعى إيال عوفر.
وهذه ليست المرة الأولى التي يشهد فيها المضيق توترات، فمنذ أكثر من 4 عقود يشهد الممر المائي توترات عسكرية بين إيران وجهات أخرى، بصدارة الولايات المتحدة. ويربط مضيق هرمز الواقع بين عمان وإيران، الخليج العربي بخليج عمان وبحر العرب، ويعد أهم ممر للنفط في العالم لأن كميات كبيرة من النفط تتدفق عبر المضيق.
ومساء السبت، أطلقت إيران نحو 350 صاروخا وطائرة مسيّرة، في أول هجوم تشنه مباشرة من أراضيها على إسرائيل، ردا على هجوم استهدف القسم القنصلي بسفارة طهران لدى دمشق مطلع أبريل الجاري.
وتتهم طهران تل أبيب بشن هجوم دمشق الصاروخي الذي أسفر عن مقتل 7 من عناصر الحرس الثوري الإيراني، بينهم الجنرال البارز محمد رضا زاهدي.
ولم تعترف تل أبيب أو تنف رسميا مسؤوليتها عن هجوم دمشق، وتعتبر كل من إيران وإسرائيل الدولة الأخرى العدو الأول لها، وبينهما عقود من العداء واتهامات بشن هجمات متبادلة.
ويعتبر مضيق هرمز ورقة ضغط إيرانية تلوح بها عند نشوب أية توترات مع الغرب، بصفته ممرا رئيسا لحركة غالبية النفط المنتج في دول الخليج العربي والعراق. حيث يعود أبرز اضطرابات المضيق في مجال نقل النفط لعام 1984 في خضم الحرب الإيرانية العراقية، حين تم تدمير أو إلحاق ضرر بأكثر من 500 سفينة.
بينما في يوليو/تموز 1988، تحطمت طائرة تابعة للخطوط الإيرانية، إثر إصابتها بصاروخين أطلقا من فرقاطة أميركية في مضيق هرمز وقتل 290 شخصا حينها.
وفي 2019، أثارت هجمات غامضة على سفن في منطقة الخليج وإسقاط طائرة مسيرة واحتجاز ناقلات نفط، مخاوف من تصعيد بين طهران وواشنطن.
وخلال يوليو/تموز 2021، أدى هجوم على ناقلة نفط لشركة يملكها ملياردير إسرائيلي إلى مقتل شخصين بريطاني وروماني.
وعام 2022، بلغ متوسط تدفق النفط 21 مليون برميل يوميا، أو ما يعادل نحو 21 بالمئة من الاستهلاك العالمي للسوائل البترولية بحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
وفي النصف الأول 2023، ظل إجمالي تدفقات النفط عبر مضيق هرمز ثابتا نسبيا مقارنة بعام 2022، لأن زيادة تدفقات المنتجات النفطية عوضت جزئيا الانخفاضات في النفط الخام والمكثفات.

ايران جعلت من مضيق هرمز ساحة للصراع العسكري
ايران جعلت من مضيق هرمز ساحة للصراع العسكري

وتقود فرضية عدم قدرة النفط على عبور ممر رئيسي مثل مضيق هرمز بسبب أية عراقيل جيوسياسية أو لوجستية، ولو مؤقتا، إلى تأخيرات كبيرة في الإمدادات وزيادة تكاليف الشحن، ما يؤدي إلى زيادة أسعار الطاقة العالمية.
والدول التي يمر نفطها عبر مضيق هرمز: إيران، العراق، الإمارات، سلطنة عمان، الكويت، السعودية.
إلا أن السعودية والإمارات تملكان خطوط أنابيب تمتد حتى البحر الأحمر غرب المملكة، وبحر عمان على التوالي، لتجاوز أية عراقيل قد تطرأ على مضيق هرمز.
وتدير شركة أرامكو السعودية خط أنابيب النفط الخام الذي تبلغ طاقته 5 ملايين برميل يوميا بين الشرق والغرب ووسعت مؤقتا سعة خط الأنابيب إلى 7 ملايين برميل يوميا في 2019، عندما حولت بعض خطوط أنابيب سوائل الغاز الطبيعي لقبول النفط الخام.
وتربط الإمارات العربية المتحدة حقولها النفطية البرية بمحطة الفجيرة للتصدير على خليج عمان، بخط أنابيب بطاقة 1.5 مليون برميل يومياً.
وبحسب بيانات منظمة أوبك ووكالة الطاقة الدولية، فإنه بين عامي 2020 و2022 ارتفعت أحجام النفط الخام والمكثفات والمنتجات النفطية التي تعبر مضيق هرمز بمقدار 2.4 مليون برميل يوميا مع تعافي الطلب عقب كورونا.
وشكلت التدفقات عبر مضيق هرمز في 2022 والنصف الأول من 2023 أكثر من ربع إجمالي النفط العالمي المنقول بحراً. إضافة إلى ذلك، فإن نحو خمس تجارة الغاز الطبيعي المسال العالمية عبرت أيضا مضيق هرمز في 2022، وفق بيانات وكالة الطاقة الدولية.
وتشير تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، إلى أن 82 بالمئة من النفط الخام والمكثفات التي انتقلت عبر مضيق هرمز ذهبت إلى الأسواق الآسيوية في 2022.
وكانت الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية الوجهات الرئيسية للنفط الخام الذي يتحرك عبر مضيق هرمز إلى آسيا.