مطالب أميركية تعيد ملف الاختفاء القسري في العراق للواجهة
بغداد - دعت سفيرة الولايات المتحدة لدى بغداد إلينا رومانسكي الجمعة، الجهات المعنية في العراق الى إجراء تعديلات تشريعية بما يخص ضحايا الاختفاء القسري، لتنضم إلى مناشدات العراقيين للسلطات الحكومية والقضائية بوقف المماطلة والتعامل الانتقائي مع ملف المغيبين قسريا ضمن الحسابات الطائفية والسياسية، والنظر إليها كملف إنساني وأخلاقي لإنهاء محنة الآلاف منهم
وكتبت رومانسكي الجمعة على منصة إكس منشورا بمناسبة اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري، قالت فيه إن "السفارة الأميركية في بغداد تُكرِّم المتضررين من هذه الجريمة البشعة".
ودعت الى "إجراء تعديلات تشريعية حتى يشعر الناس بالأمان والكرامة في مجتمعاتهم دون خوف من الاختطاف".
وتعيش عائلات هؤلاء الضحايا على أمل الحصول على أي إشارات أمل للعثور على أبنائها لكن مشكلة "الإفلات من العقاب" تعيق حل المشكلة.
ويُقصَد بالاختفاء القسري الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها.
وقد غابت الإحصاءات الدقيقة لإعداد المغيبين في العراق، فخلال الحرب الطائفية اختفى آلافاً منهم ولم يعرف مصيرهم منذ عام 2006 وما تلاه خلال الحرب الطائفية، وفي كل مرحلة من مراحل الصراع فقدت العائلات العراقية أفراداً منها من دون معرفة مصائرهم، إذ غيب تنظيم "داعش" آلاف سكان المناطق التي احتلها، وفي حروب التحرير من التنظيم غيبت الميليشيات المسلحة بدوافع انتقامية وطائفية بعض أهالي المناطق المحررة إثر اقتيادهم أمام ذويهم إلى أماكن مجهولة، كما لم يسلم حراك أكتوبر/تشرين الأول 2019 من ظاهرة الخطف والإخفاء، وأدت الميليشيات الموالية لإيران والمؤيدين للحراك نصيبها من تغييب العراقيين.
ورافقت عمليات تحرير المدن والمحافظات من قبضة تنظيم "داعش" انتهاكات بحق المدنيين، وطاول القتل والتعذيب والتهجير القسري والتغيب أبناء هذه المحافظات على رغم مرور أكثر من ثمانية أعوام على انتهاء العمليات، إذ ترفض الميليشيات عودة سكان بعض المناطق ومنها جرف الصخر والعويسات وعزيز بلد والعوجة التي بقي كثير من عائلاتها في خيم النزوح، كما لم يعرف مصير المغيبين من أبنائها.
وتحدث العديد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي عن وقائع عديدة تخص المغيبين والتواطؤ السياسي الطائفي في هذا الملف، وقال أحدهم:
وقال مرصد "أفاد" أن هناك بقع تغييب قسري في العراق، مع محنة الالاف من الضحايا وعائلاتهم:
وتشير تقارير إلى أن نحو "مليون عراقي غير معروفي المصير، اختفوا في العقود الخمسة الماضية، وفقا للجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري.
وأفادت لجنة الأمم المتحدة إنها تشعر بقلق عميق لأن "ممارسة الاختفاء القسري كانت منتشرة على نطاق واسع في معظم أنحاء العراق على مدى فترات مختلفة، ولأن الإفلات من العقاب ومعاودة الإيذاء سائدان".
وأضافت أنها تلقت خلال زيارتها البلاد، في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 "عددا كبيرا من شهادات ضحايا حالات الاختفاء، بما في ذلك الاختفاء القسري"، وقالت إن المشكلة "لا تزال تحدث".
ونقلت عن امرأة قولها للجنة "ذهب ابني لزيارة ابن عمه. اتصلت به بعد وقت قصير من مغادرته لأنه نسي الخبز الذي أردته أن يقدمه لابن أخي أجاب، قائلا إنه كان عند نقطة تفتيش وأن بعض الرجال في الزي العسكري كانوا يتفقدونه، وأنه سيعاود الاتصال بي بعد ذلك مباشرة. لم يفعل أبدا. ومنذ ذلك الحين، بحثت عنه في كل مكان، في جميع السجون، مع جميع السلطات. لكن لا شيء، لا شيء، لا شيء".
وتقول اللجنة إن هذه الشهادة تسلط الضوء على "نهج نموذجي مستمر".
ويعقب الاختفاء القسري رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون. وتنتشر هذه الظاهرة في مناطق الصراع المسلح، ولكنها يمكن أن تكون أيضاً وسيلة للسياسيين من أجل إقصاء المعارضين لهم.
وبحسب الأمم المتحدة فإن من الأنماط المستمرة الأخرى "الاختفاء القسري المزعوم للأطفال، وخاصة الأطفال الإيزيديين الذين ولدوا بعد تعرض أمهاتهم للاعتداء الجنسي في مخيمات داعش".
وأبلغت اللجنة وفقا لبيانها، أن الأمهات "يجبرن في بعض الحالات، على ترك أطفالهن في دور الأيتام بعد عودتهن إلى العراق، بنية إعادتهم إلى ديارهم في أقرب وقت ممكن".
ومع ذلك، "عندما عدن إلى دار الأيتام، قيل للأمهات إن أطفالهن "أعطوا" لأسرة أخرى، ويزعمن أن ذلك كان بضلوع مباشر لبعض موظفي الدولة"، وفقا للجنة.