مطالب بإقالة وزير تونسي عالق في فرنسا بعد خرقه تدابير كورونا

تونسيون ينتقدون تعامل الحكومة بمكيالين مع التدابير التي اتخذتها لمنع التنقل خلال عطلة عيد الفطر للحد من انتشار فيروس كورونا ويطالبون بإقالة وزير الطاقة منجي مرزوق بسبب سفره إلى فرنسا باستخدام جنسيته الفرنسية.

تونس - طالب نشطاء تونسيون وزير الطاقة والمناجم منجي مرزوق بالاستقالة من الحكومة بعد أن خالف الاجراءات التي منعت المواطنين من التنقل داخل المدن للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد خلال إجازة عيد الفطر، حيث استخدم الوزير المقرب من حركة النهضة الإسلامية جنسيته الفرنسية للسفر إلى باريس ضمن رحلة إجلاء مخصصة للعالقين الأجانب في تونس.

وانتقدت وسائل إعلام ونشطاء تونسيون على مواقع التواصل الاجتماعي منذ بداية الأسبوع الماضي خروج منجي مرزوق من تونس وتركه لمسؤولياته في وزارة الطاقة في خرق واضح للتدابير التي دعت السلطات المواطنين إلى تطبيقها لمنع انتشار الوباء بالإضافة لاستخدامه جنسيته المزدوجة التي كان من المفروض التخلي عنها فور تسلمه مهامه، حسب رأيهم.

وطالب المنسق العام لمنظمة مراقبون رفيق الحلواني منجي مرزوق "بتقديم استقالته من منصبه وتقديم اعتذار إلى الشعب التونسي"، مشيرا إلى أن "ما قام به ضرب لمبدأ المساواة واحترام المواطنين (حلال عليّا، حرام عليك)".
وتساءل الحلواني عبر تدوينة على فيسبوك عن موقف رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ من "هذه الرّحلة الرّائقة" وإذا كان قد "أعطى موافقته" لوزير الطاقة".

وفور تداول خبر سفره ضمن رحلة إجلاء بعد أن علق في فرنسا بسبب تأجيل رحلة العودة إلى تونس، اضطر الوزير إلى تبرير موقفه عبر تدوينة على موقع فيسبوك زادت من وتيرة الاحتقان والانتقادات ضده.

وكتب مرزوق في تدوينة نشرها عبر صفحته على فيسبوك "مع بداية انفراج الأزمة الصحية، والظروف الاستثنائية، اغتنمت عطلة العيد لزيارة عائلتي المقيمة بباريس، على أمل العودة إلى تونس بعد أيام قليلة… وقد حجزت الرحلة ذهابا وإيابا على الخطوط التونسية، ومع التزامي بكل الشروط الصحية للسفر… ومع الأسف الشديد وقع إلغاء رحلة العودة، مما اضطرني إلى تأخير رجوعي إلى أرض الوطن".

وبرر مرزوق الانتقادات التي وجهت له لإهماله مسؤولياته بأن سفره "لم يمنعنه من الاضطلاع بشؤون الوزارة ومتابعة فريق العمل والاجتماعات عن بعد"، مشيرا إلى أن "التواصل مستمر مع إطارات الوزارة والتعاطي مع الملفات في انتظار العودة إلى تونس".

وأوضح أنه سيلتزم "حال عودته بإجراءات الحجر الصحي الإجباري المعمول بها".

واتخذت حكومة إلياس الفخفاخ اجراءات صارمة خلال عطلة عيد الفطر حيث قيدت حركة التنقل بين المحافظات وشددت الرقابة على التراخيص الاستثنائية بعد أكثر من شهرين من الحجر الصحي الشامل الذي توقف خلاله النقل العمومي.

وأربكت تلك القرارات التي فرضها الوضع الصحي عادات التونسيين خلال رمضان وأيضا عيد الفطر الذي عادة ما يتميز بالتنقل الكثيف للمواطنين بين المحافظات لزيارة الأهل والأقارب على امتداد الأسبوع الأخير من شهر رمضان، لكن الالتزام بقرارات الحكومة جعل أغلبية التونسيين يكتفون بالمعايدات الهاتفية خوفا على ذويهم من عدوى قد يحملونها معهم.

كما أعلنت الحكومة عن مواصلتها تأمين رحلات إجلاء تهم فقط غير المقيمين في تونس والتونسيين العالقين خارج البلاد عبر الخطوط التونسية مع فرض الإقامة بالحجر الصحي الإجباري على كل الوافدين من الخارج مدة أسبوعين.

من جهة أخرى يثير ملف الجنسية المزدوجة لعدد من المسؤولين في الدولة جدلا كبيرا في السنوات الأخيرة في تونس، حيث يطالب التونسيون بسن قانون يجبر الوزراء ورؤساء الدولة وكل من يضطلع بمهمة رسمية بالتخلي عن الجنسية الأجنبية فور توليه مهامه.

ومنذ اسقاط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، تميّزت مختلف الحكومات المتعاقبة بامتلاك عدد من وزرائها لجنسيات مزدوجة. ومع ترشح بعضهم للانتخابات الرئاسية السابقة في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي طفا إلى السطح الجدل القائم حول أهلية مزدوجي الجنسية لتقلد منصب الرئيس.

يذكر أن مرزوق كان من بين الشخصيات التي روجت لها حركة النهضة الإسلامية على أنها "مستقلة" لتولي رئاسة الحكومة بعد فوزها بأغلبية الأصوات في الانتخابات التشريعية السابقة لكنها فشلت في تمريرها بعد أن اختارت كمليف الحبيب الجملي لتلك المهمة.

وتولى مرزوق منصب وزير الطاقة والمناجم في حكومة الحبيب الصيد خلال تعديل وزاري في 2016  كما كان وزير تكنولوجيات المعلومات والاتصالات خلال حكم الترويكا برئاسة النهضة.

hg
التنقل بين المدن خلال عيد الفطر منع على الشعب وليس على المسؤولين في تونس

ومع تفشي فيروس كورونا حول العالم، حاملا معه الموت والخوف، تعرضت التدابير الصارمة للسيطرة على الجائحة، والتي تفرض تضحيات جسيمة على عامة الشعب للانتهاك في الغالب من جانب المسؤولين الذين يفترض أن يسهروا لضمان تنفيذها.

وكان عدم ارتداء المسؤولين للكمامات خلال تصريحاتهم وتنقلهم قد أثار سخطا شعبيا كبيرا في بلدان عربية وغربية حيث لم تكن تصرفات بعض القادة والوزراء تصرفات يقتدى بها، خاصة عندما ينظر إليها أفراد عاجزون عن رعاية أحبائهم، أو حتى حضور جنازاتهم، نتيجة الحفاظ على التباعد الاجتماعي.

وفي بريطانيا تصدر دومينيك كامينغز، المستشار البارز لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، عناوين الصحف منذ أيام بعد أن انتهك قواعد الإغلاق العام وقاد سيارته لمئات الكيلومترات من لندن بينما كان يُشتبه في أنه وزوجته مصابان بفيروس كورونا.

وقد أدى رفضه الاستقالة أو الاعتذار، وإحجام جونسون عن عزله إلى زيادة حدة الغضب العام في بريطانيا، حيث أنه رغم الانتقادات التي وجهت له، برر ما قام به، وقال صراحة " لم ولن أتقدم بالاستقالة، ولم أفكر في ذلك".

وأدت تلك الحادثة إلى استقالة وزير الدولة لشؤون إسكتلندا دوغلاس روس من حكومة جونسون، على خلفية تشكيكه بتبريرات كامينغز الذي خرق تدابير العزل التي كانت مفروضة على البريطانيين. 

من جهته يظهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يؤكد لمواطنيه على ضرورة ارتداء الكمامة كلما طل عليهم في خطاباته المتلفزة، بدون كمامة أو وسائل وقاية وهو يقف إلى جانب المسؤولين والصحفيين.

وتعرض وزير الصحة النيوزيلندي ديفيد كلارك إلى تقليص مهامه بعدما قاد عائلته في رحلة ذهاب وعودة لمسافة 40 كيلومترا إلى الشاطئ أثناء الإغلاق في نيسان/أبريل الماضي.

واضطر رئيس الوزراء الأيرلندي ليو فارادكار، الذي عمل كطبيب لسبع سنوات، إلى الدفاع عن نفسه بعدما خرج في نزهة مع أصدقاء له في دبلن، وقال متحدث باسمه إن رئيس الوزراء لم ينتهك اللوائح.

وأظهرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي مسؤولون في حكومات في عدة بلدان وهم يستمتعون بوقتهم خارج منازلهم خلال فترات الحجر المنزلي.