معارض فنية متعددة الحواس تبدع في التفاعل مع الزوار

تجارب مبتكرة جديدة تتيح مستوى جديدا من التفاعل مع القطع الفنية يتضمن التذوق والأصوات والروائح المصممة لإثارة المشاعر أو جعل ألوان معينة تبدو أكثر كثافة.

ماساتشوستس - هل كنت يوما في متحف ورغبت بشدة بأن تحتضن تمثالا أو تلمس بأصابعك لوحة ثمينة لكنك لم تتمكن من ذلك؟ يبدو أن الحال بدأت تتغير الآن بعد انتشار ما يعرف بالفن متعدد الحواس، إذ بدأ الكثير من المتاحف السماح للجمهور بالتفاعل مع القطع الفنية بطرق مختلفة.
فقبل نحو عامين على سبيل المثال، استضاف متحف "تيت بريتين" معرض تحت عنوان "سينسوريوم" والذي تضمن التذوق والأصوات والروائح المصممة لإثارة المشاعر أو جعل ألوان معينة تبدو أكثر كثافة، بينما عمل متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك مع فنان أضاف الصوت والرائحة إلى نسخ صغيرة من التماثيل الشهيرة في المتحف.
وفي الآونة الأخيرة أطلق مركز "دوروثي وتشارلز موسيان" للفنون في ولاية ماساتشوستس الأميركية مبادرة تحت عنوان "الرجاء اللمس" تسمح للزوار بالاقتراب ولمس القطع الفنية المعروضة، وفقا لتقرير نشره موقع "كريستيان ساينس مونيتر".
وبينما تجذب هذه الأنواع من المعارض جميع أنواع الزوار، تتعاون المتاحف والفنانون بشكل متزايد مع أعضاء جمعيات المكفوفين وضعاف البصر، لإعادة النظر في كيفية عرض الفن والترويج له.

الفن متعدد الحواس
المعرض متعدد الحواس يجلب الحياة إلى المتاحف

وتقول نورما كروسبي، رئيسة الاتحاد الوطني للمكفوفين في ولاية تكساس الأميركية "بدلاً من المشي في المتحف وتحويله لمجرد مكان هادئ وجامد، فإن المعرض متعدد الحواس يجلب الحياة إلى المتاحف ويجعلها تبدع في ابتكار طرق أخرى للتفاعل مع الزائرين."
ويقول مراقبون إن مبادرات مثل "الرجاء اللمس" وغيرها لا تعني فقط أن الغرض فقط هو لمس الأعمال الفنية، إذ ترى الدكتورة جورجينا كليج، التي تدرس الكتابة الإبداعية ودراسات الإعاقة في جامعة كاليفورنيا إن الغرض يتعلق بتجربة فريدة لجميع زوار المتحف من خلال دعوتهم لإشراك الحواس الخمسة للتواصل بشكل كامل مع نية الفنان. وعلى الرغم من أن اللقاءات الإعلامية مفيدة، مثل الجولات الصوتية، فإن المزيد من التجارب الجمالية تعد مجزية أكثر - لكل من محبي الفن سواء كانوا من المكفوفين أو المبصرين.
وتضيف الدكتورة كليج، وهي كفيفة ساعدت في إطلاق مبادرة معرض "الرجاء اللمس" إن لمس العمل الفني يطلق جميع الحواس الأخرى ويبرز جماليات القطع الفنية بشكل مختلف".

يجب على جمهور الفن وكذلك النقاد والباحثين البحث عن وسيلة للحديث عما يفعله الفنانون عندما ينتجون عملا فنيا صمم في الأصل ليُلمس

ويتفق جون أولسون من معرض "فوتوورك ثري دي" في نيويورك مع كليج. ويعمل حاليا على تطوير نسخ ملموسة من الأعمال الشهيرة للمتاحف في جميع أنحاء البلاد، بحيث تتضمن القطع ثلاثية الأبعاد أوصافا بطريقة برايل، وأسطحا مزخرفة، وأصواتا تعمل باللمس، وأحيانا رائحة. 
وفي عرضه "جورج واشنطن يعبر نهر ديلاوير"، يسمح مكون صوتي للزائرين بسماع المياه التي تتلاطم على حطام الأخشاب في النهر بينما يسمع صوت الراوي يحكي التفاصيل التاريخية عن تلك اللحظة.
ويقول أولسون: "يمكن أن تكون الرائحة محفزا قويا للغاية.. فعندما تتمكن من شم الماء ورائحة البارود جراء إطلاق النار، فإن ذلك يساعد بلا شك في تكوين تلك الصورة الذهنية".
وانبثقت مبادرة "الرجاء اللمس" من اقتراح مصمم أراد إعادة التفكير في كيفية إيصال معنى الأعمال الفنية للجماهير المختلفة، كما تقول أنيليس روجليس، مديرة المعارض في مركز موزيان بولاية ماساتشوستس والتي تؤكد أن التحدي الذي واجهه 40 فنانا كان تصميم طريقة لعرض 52 قطعة فنية قابلة للمس والإحساس.

متاحف متعددة الحواس
هل رغبت يوما في احتضان تمثال؟

وتقول روجليس: "في الواقع ليس لدى الفن المرئي طريقة أخرى لفهمه سوى النظر، لذا فنحن من خلال هذه المبادرة نقدم للجميع سواء من المكفوفين أو ضعاف البصر أو المبصرين طريقة جديدة حسية لتذوق الفن والتفاعل معه".
وتؤكد أن إضافة مستوى جديد من التفاعل إلى الفن ينمي أيضا الخبرات المشتركة بين الزوار من خلال تشجيع المحادثة والتواصل والنقاش حول التفاصيل الحسية للقطع الفنية.
من جهتها، تعود الدكتورة كليج للقول إن المعارض التي تدعو الزوار للتفاعل مع العمل الفني لديها القدرة على تغيير تصوراتهم لما يعتبر فنا رائعا، لكن ذلك لن يحدث بين عشية وضحاها، مضيفة "يجب على جمهور الفن وكذلك النقاد والباحثين ايجاد طرق جديدة لفهم ماهية الفن وما الذي يمكن أن يفعله، والبحث عن وسيلة للحديث عما يفعله الفنانون عندما ينتجون عملا فنيا صمم في الأصل ليلمس".