معرض الفنون التشكيلية في الأحجام الكبيرة يثمن تجربة سامي بن عامر

معرض فني تونسي متعدد التجارب والاتجاهات التشكيلية في تونس يكرم الفنان والناقد والاكاديمي سامي بن عامر الذي يعتبر ان الرسم ينبني في نفس الوقت على الصدفة والإرادة، التلقائية والتمكن، اللاوعي والوعي، الإفتراضي واليقيني، الحسي والفكري واللامتوقع والمتوقع.
سامي بن عامر ركز اهتمامه الفني منذ سنوات على الأرض والتراب
رسومات تدرب على خفايا العلاقات الحميمة لأرض فيزيائية وعضوية واركيولوجية وايكولوجية وكونية وثقافية.
أعمال للرسام التونسي تحيل إلى ثقافة عربية إسلامية ولطاقة روحية

يفتتح الجمعة المعرض الخاص بالأحجام الكبيرة في الأعمال الفنية التشكيلية وذلك برواق كنيسة سانت كروا التابعة لبلدية تونس في تنظيم من قبل جمعية "آركوت" .
وتتواصل هذه الفعالية الفنية الى غاية يوم 15 أكتوبر/تشرين الاول ويشارك فيها عدد هام من الفنانين التشكيليين حيث يتم الاحتفاء بالفنان التشكيلي والباحث الناقد الدكتور سامي بن عامر بالنظر لمسيرته الفنية الابداعية والأكاديمية وحضوره التشكيلي تونسيا وعربيا ودوليا. 
وتنظم جمعية "آركوت" بادارة الفنانة نورة بن عياد عددا من الأنشطة الفنية التشكيلية والمعارض في كل مناسبة وذلك بمشاركة فنانين ووفق عناوين متعددة.
هذا النشاط من تنظيم الجمعية التونسية للفن التشكيلي المعاصر باشراف وزارة الشؤون الثقافية وبلدية تونس العاصمة وبمشاركة فنانين منهم : اسلام بلحاج حمودة وسمير قويعة ووسام بن حسين ومنير بن موسى وحبيب بيده وسعاد المهبولي وسمير مخلوف والهام السباعي وكوثر تيتش وعبداللطيف الرمضاني ولمجد النوري وعبدالوهاب الشارني ونصاف شكندالي ومنجي معتوق ووليد الزواري وعلي الزنايدي.
وقال الفنان سامي بن عامر "عملين اشارك بهما في معرض الاحجام الكبيرة الذي تنظمه الجمعية في الفضاء الثقافي البلدي سانت كروا، نهج جامع الزيتونة، المدينة العتيقة".
وسامي بن عامر له مشاركات متعددة في تونس وخارجها في معارض وندوات وسمبوزيونات تتصل بالتشكيل والجماليات اضافة الى معارضه الخاصة وكان له يوم السبت 18 سبتمبر/ايلول لقاء حول مؤلفه "معجم مصطلحات الفنون البصرية"بدار الثقافة بغار الملح. ببنزرت.
وقد عبر عن سعادته بلقائه ببعض من طلبته القدامى وبثلة من أصدقائه الفنانين وببقية الحضور وذلك في حفل تقديم وتوقيع كتابه.

وقال سامي بن عامر "انطلقت مسيرتي الفنية فعليا مع أطروحة الدكتورة في الفنون التشكيلية التي أنجزتها في جامعة السربون باريس 1 والتي ناقشتها سنة 1984 وعنوانها "وظيفة اللامتوقع في فن التصوير". 
واضاف "تتمثل أهمية هذا الموضوع، في كونه يطرح قضية منهجية متضمنة للفعل التشكيلي، مكنني من فتح آفاق متعددة في البحث وذلك على الصعيدين النظري والممارسة الفنية.فقد أيقن الفكر المعاصر أن الفن عمل إنساني. عمل يعني أشرك جسمه مع المادة و تصرف وفق ذلك، لهدف اكتشاف واقع جديد. فليس العمل تتمة للنشاط الفكري و النظري، ليس كذلك إنتاجا متأت عن الوعي الإنساني، بل خلافا لذلك هو المنبع الذي منه تستلهم كل معرفة.
واردف "إن اعتبر النشاط الإبداعي وبصفة خاصة النشاط التشكيلي، عملا، فهو إذا، إنتاج للمادة وللفكر ونتيجة للعلاقة الجدلية التي تربط عنصري التصميم والإنجاز والمعطيات المحددة المادية والذهنية.فنشاط الفنان ينبني على الفعل، وبالتالي على التعامل مع المادة. لكن كل تعامل مع مادة ما، يفضي بالأساس إلى الخضوع إلى احتمالاتها الصدفوية والى افتراضاتها المتعددة. فتوفيقات المادة كثيرة جدا. علاوة على أن الفنان غير قادر البتة على مراقبة جسده بالكامل وعلى توقع ما يفرزه اللاشعور اثناء العمل".
 واعتبر انه ونظرا لتعدد وتعقد العناصر المادية والشعورية والفكرية في الفعل الإبداعي ونظرا لعدم قدرة الفنان على التمكن من مراقبة ما تفضي إليه هذه العناصر من تفاعلات فيما بينها، يصبح اللامتوقع في الممارسة الفنية التشكيلية، أمرا مفروضا وحتميا.
وافاد ان الرسم يعتبر نتيجة لجدلية بين ذاتية الفنان والعناصر المادية والموضوعية المشاركة في العملية الابداعية.والمعلوم أن الفنان التقليدي قد سعى إلى التصدي إلى ظاهرة اللامتوقع، فحاول تبصر نتيجة العمل الإبداعي قبل حدوثه وقبل إنجازه، واضعا تفرقة بين عنصرين اثنين، هما في الحقيقة متداخلين وهما: التصميم والإنجاز. فكان انقر مثلا، يدعو إلى تصور اللوحة قبل إنجازها. في حين عمد الفنان الحديث والمعاصر، إلى تبني اللامتوقع، وجعله محركا للفعل الإبداعي ومنطلقا للبحث. 
يقول فليكس براكمونت BRAQUEMOND FELIX في كتابه من الرسم و اللون:  "العمل الفني لا يملي، فلا يمكن البتة تصور سياقه مسبقا. إن التصميم و الإنجاز لا يقبلان التجزئة[1]. 
ويقول سولاج متأثرا بما كتبه بيكاسو: "اني ابحث عما أجده وأنا أرسم" وما يقال اليوم على الرسام هو ذلك الذي يصنع أشياء، هو ذلك الذي يجرب خامات مختلفة، وهو ذلك الذي يعيش مغامرة تستمد معناها مما تخبؤه ومما تتضمنه من افتراضات ومن إمكانات غير متوقعة.
وقال الرسام التونسي "في هذا الإطار تندرج تجربتي التشكيلية والتي من خلالها أهدف إلى تفعيل واع لما يمكن أن تفرضه المادة والخامات وأدوات العمل وتلقائية الجسد وخبايا اللاشعور، من تفعيلات لا متوقعة، تصبح منطلقا للبحث وحافزا للإبداع، قلت اهدف إلى تفعيل واع، وذلك إشارة للطابع الفكري الذي يؤسس الممارسة الفنية. فكما يقول ليوناردو دي فانشي في عصر النهضة: "الرسم شيئ ذهني". اما جون فرونسوا لييوتار: "عندما نفكر في اللوحة فنحن بذلك نفكر في التفكير".
ويضيف "فرغم ان المغامرة وما تتضمنها من تفعيلات لامتوقعة، كانت وما تزال تحكم ممارستي التشكيلية، إلا أني شديد القناعة بان ما يكرس في الرسم هو في نفس الوقت، الصدفة والإرادة، التلقائية والتمكن، اللاوعي والوعي،  الإفتراضي واليقيني، الحسي والفكري ، اللامتوقع والمتوقع.وهنا يطرح السؤال: كيف تتعايش كل هذه الثنائيات المتضمنة لعناصر متناقضة ومتعايشة في أعمالي الفنية؟ ما هي نوعية العلاقة التي تربط بينها؟ 
 في مداخلتي هذه، أحاول أن أركز على طبيعة هذه العلاقة الجدلية وعلى تداعياتها، وذلك بالاعتماد على ما أنجزته من أعمال فنية خلال العشريتين السابقتين، والتي أهدف من خلالها إلى تفعيل واع لما يمكن أن تفرضه المادة والخامات وأدوات العمل وتلقائية الجسد وخبايا اللاشعور، من تفعيلات لا متوقعة، تصبح منطلقا للبحث وحافزا للإبداع.
فبالرغم من أن المغامرة وما تتضمنها من تفعيلات غامضة، كانت وما تزال تتحكم في ممارستي التشكيلية، إلا أني ما أعتمده في الواقع في الرسم هي جدلية بين الوعي واللاوعي، بين اليقيني والافتراضي، بين التمكن والتلقائية، بين المتوقع واللامتوقع، بين الفكر والمادة بين الإرادة والصدفة. إلا أن هذه الجدلية ليست نتيجة صدفة، بل هي صادرة عن تمش واع وبرنامج عمل مدروس التزمت به في نشاطي التشكيلي.
فما أطمح إلى تحقيقه في ممارستي الفنية، هو التوصل إلى تصور وسائل تقنية ووضع منهج منطقي، من شأنهما إثارة الاكتشاف والاستنباط، أي إلى اللجوء إلى عقلنة الفعل الإبداعي الذي يصبح قادرا على صنع حواجزه وصعوباته بنفسه، معتمدا في نفس الوقت تحليلا تصاعديا وقرارات متدرجة، مما يضفي إلى تغذية العلاقة الجدلية الممكنة بين عنصري التصميم والإنجاز، ويمكنني من التخلي عن الأفكار المسبقة، وتطهير الشكل من التصنع.
هذا التمشي يعتمد المراحل والوسائل التالية: البحث عن طرق وأساليب تقنية، قادرة على إثارة الصدفة وعلى فتح سبل جديدة وتأثيرات تشكيلية مختلفة إنشاء منهج منطقي للاكتشاف يتمثل في العمل عبر مراحل مستقلة عن بعضها البعض مما يمكن من فتح مجالات وسبل مختلفة يمكن اتباعها، ومما يمنع التبصر الدقيق للنتيجة النهائية للوحة وبالتالي توقعها العمل على فهم وتحليل ما يفرضه اللامتوقع لاختيار القرار المناسب اثر ذلك. وهذا يفرض تأملا متواصلا وتفكيرا يبنى بطريقة متدرجة خلال سياق الإبداع ليولد المفهوم ويبرز المعنى.
التقنية المبدعة..اختياري إذا لمجموعة التقنيات التي أعتمدها في ممارستي التشكيلية، ناجم عن هذه القناعات الفكرية التي أعمل على تطويرها.
 قناعات تجعل من التقنية المعتمدة والتي هي أساسا نتيجة إعمال الفكر، مصدرا لإثارة الصدفة والتلقائية والتيه واللامتوقع.
فلست ممن يعتبر أن التقنية تمثل وسيلة عمل محنطة وطريقة لا شخصية متواترة وموروثة. عكس ذلك، كنت دائما أطمح إلى تقنية مكتشفة ومبدعة. 
فاللجوء إلى قائمة من القواعد والمعايير بهدف التعرف على كيفية الطريقة للوصول إلي الهدف المرغوب، لا يمكن أن يكون إلا مضرا للمبدع.
 تصبح التقنية مبدعة عندما ينظر إليها لا كوسيلة، بل كعنصر مثير للإبداع، يعني، عندما نعمل على توخي طرق جديدة، لنبرز علاقات مادية مغايرة وطريفة. عندما لا نكتفي باعتماد نفس الخامة ونفس الأداة، فنمتحن خامات وأدوات أخرى. عندما نصطدم بالحواجز ونعمل على تخطيها.
 فاستكشاف التقنيات ليس إثراء لوسائل العمل بل تنويعا في المضامين التشكيلية الممكنة ذاتها، غير أن تحقيق ذلك لا يمكن أن يحدث دون الوقوع في الخطإ ودون التلمس والندم. الخطأ يثري الإبداع.
فمثلا اهتمامي بتقنية التلصيق في أواخر الثمانينات، راجع لتفتح هذه الأخيرة على حقل ثري بالإمكانات التعبيرية التشكيلية، التي مكنتني من استكشاف الكثير من التقنيات المتنوعة والمزدوجة التي تتفاعل فيما بينها في نفس العمل، لتفضي إلي إفراز تعبيرات خاصة.
فهذه الأشكال الهندسية المعمارية والحروفية التي أقصها وأركبها وأزيحها بعد تسليط الضوء عليها، تفضي في النهاية إلى تلصيق ضوئي يختص بمساحاته المجزأة  وبتأثيراته الضوئية الثرية.
أما المزق في سلسلة الأعمال "التلصيق-الرسم"، فيصبح حركة تنبئ بأشكال مجزأة، ثرية بالإيحاءات. تجاور وتنضيد وتراكم وتركيب هذه الأوراق الممزقة والملونة، يصبح عملا شيقا يفضي في النهاية إلى إبراز أشكال متوترة.
ورغم أن المواد والألوان في سلسلتي الأعمال المتعلقة "بالكلاج المصطنع" أو" بالرسوم الناتئة"، ممررة بطريقة مباشرة على الحامل، فإن علاقتها بالتلصيق شديدة. فالنتوءات أو المساحات ذات الحياكات البارزة التي تتضمنها، يسببها تلصيق مواد مختلفة كالجبس.
مثال آخر متعلق باختيار التقنية القادرة على إثارة الصدفة، يتمثل في اللجوء إلى تلقائية الحركة. فاليد التي تتحرك بكل عفوية، قادرة أن تحيلنا إلى بقاع خفية في أنفسنا وإلى عالم الأفكار اللاشعورية فينا. فهي تثير البحث عن العضوي، عن التلقائي، عن السائل، عن المتحرك والدينامي. هي مصدر إشارة لسبل متعددة يمكن اتباعها وتوظيفها.طريقة منطقية للاكتشاف: العمل عبر مراحل متتالية.
 وسيلة أخرى مكنتني من تغذية هذه العلاقة الجدلية بين عنصري التصميم والإنجاز، تتمثل في العمل عبر مراحل مختلفة ومتتالية.في كل المنجزات التي قمت بها، كنت دائما أقسم العمل إلى مراحل مختلفة. هذه الطريقة، تفرض عديدا من الاحتمالات العملية الممكن توخيها. 
لذلك فهي توحي لي بعديد من الإمكانات القادرة على إثارة خيالي وتمنعني من توقع النتيجة النهائية قبل الأوان.فبإبقاء العمل النهائي على انفتاحه، أتمكن من استغلال وتوظيف أكثر قدر ممكن من مدركاتي وأحاسيسي. فكل مرحلة تفرض قرارا ونتيجة مؤقتة، دون أن أتوصل إلى الكشف على علاقتها المباشرة مع النتيجة النهائية.
فرسومي الناتئة مثلا، تنشأ عبر ثلاث مراحل متتالية ومختلفة.المرحلة الأولى، تشمل عملية تمرير ألوان مائية عجينية وسائلة على مساحة الحامل بطريقة تلقائية وسريعة، مما يتسبب في تكوين أشكال خطية ولطخات ونسيج متنوع، أمرر عليها اثر ذلك حبر الطباعة السائل الذي يبقى عالقا داخل المساحات الغائرة للألوان العجينية.
المرحلة الثانية، تتمثل أولا في تمرير مادة صمغية بطريقة تلقائية، أغمرها ثانية بمادة ترابية.المرحلة الثالثة، تكمن في التعامل مع ما تفضي إليه المرحلتين السابقتين بالاعتماد على الألوان الزيتية أو الأكريليك وعلى تقنيات متنوعة كتقنية الحك، التي تمكنني من الكشف عن أشكال وألوان ونسيج مطموس.
 الجدلية وتبين المفهوم..
أما العنصر الثالث الذي يضفي على هذه الجدلية بين عنصري التصميم والإنجاز أكثر تماسك، يتمثل في الفهم والتحليل المتدرج وتبين المفهوم والعمل على إبرازه.فلا شك في أن اللبس والغموض والشك، تعتبر ظواهر تنظم إدراكي وتصوري خلال السياق الإبداعي، مما يجعلها تفتح سبلا ممكن اقتفاؤها، لكن شريطة أن أكون منتبها لها لأتمكن في كل مرة من اختيار الحل الأكثر تناسبا والأكثر ملاءمة.
 فتفاعلات المادة غير المتوقعة وتأثيراتها التشكيلية التي تنتج عن ذلك، ليست كافية في حد ذاتها. كان لا بد إذا أن أتعامل معها وأنا متسلح بقدرة الفهم والتحليل، الذي لا يمكن أن يكون إلا تصاعديا. فلا يمكن لاختيار أو لقرار معين أن يحكم نتيجة اللوحة، والتي تعتبر بالأساس، استتباع لتأمل متصاعد، لتفكير ينبني بطريقة متدرجة.
ولعل هذا البناء المتدرج لا ينحصر في إطار العمل الواحد، بل هو يشمل مسيرتي الفنية وتطورها عبر الزمن. فمثلا إن كان تباين الداكن والفاتح كتأثير تشكيلي، قد توصلت إليه في أعمال الفوتوغرام بطريقة غير مقصودة، فإن اعتماده في الإنجازات التي لحقت، خصوصا في الرسوم الناتئة، يصبح مرتبطا باختيار شخصي يحكمه الفكر ويمليه المفهوم. بعد الآن، يصبح هذا التباين طريقة لاستكشاف عمقا روحيا وصوفيا وفضاءات تحت أرضية ومجهرية وجنينية.
 لذلك تركيزي على مثل هذه المعاني وهذه التعبيرات، قد فرض علي التخلي عن سلسلة الألوان المشبعة والمتباينة في ما بينها، للاعتماد على أحادية اللون أو على ألوان رمادية.أفضى هذا التمشي إلى الاهتمام بموضوع الأرض والذي أصبح منذ سنوات مركز اهتماماتي الفنية الأرض التراب التي اعتمدها في ممارستي التشكيلية كخامة، تفضي إلى نتوءات وأنسجة مختلفة الأرض المعبرة عن المواقع العضوية الأرضية والتي تشعرنا بالممتد بالتشقق وبالارتفاعات..الأرض الكونية التي تحيلنا إلى حجمها الكروي: القبة الزرقاء. 
هذا الكوكب الكوني المنتمي إلى نظام حركة الشمس هذه الأرض الخامة أصل الشكل ورمز الحياة المادية والجسدية، هذه الأرض العضوية بمقعراتها وامتداداتها وارتفاعاتها، حقل من الطاقة والحيوية، هذه الأرض الكروية التي تنشد سنفونية الكون، أليست جديرة بالإجلال؟ ولقد كان ذلك موضوع المعرض الشخصي الذي أقمته أخيرا في رواق كاليستاي بتونس العاصمة، في افريل 2007 لقد رسمت صفاء وأنشودة الأرض وإيقاعاتها الصامتة.
 و اني أرى في رسوماتي، انفصالات أجزاء متناثرة، طاقة هدامة. إني أتوق إلى العمل في المادة وفي داخلها. هذه المادة التي تصبح وكأنها نبش أو إخراج من الأرض، وكأنها مبعدة، وكأنها مفتوحة ومنفجرة من الداخل، لتفضي إلى ظاهر السطح من خلال نتوءات وتشققات هشة.
 مجموعة من أعمالي تختص أيضا بعلاقتها بعلامات تحيلنا إلى ثقافة عربية إسلامية أين تبرز الكتابة العربية وبعض العلامات الأخرى كالهلال المتضمن لشحنة روحية وكونية.
ونفهم ايضا أن رسوماتي تعبر عن توترات مختلفة ومتباعدة. فهي تقابل بن المفاهيم والأحاسيس. فنحن نشعر من خلالها بالتضاد بين الداخل والسطح بين الأرض والسماء، بين العالم الصغير والعالم الكبير بين القديم والجديد بين الجلي الملموس والميتافيزيقي بين المادي والروحي، بين الهدم والبناء.
لقد سعى الإنسان على مدى الزمن إلى تملك هذه الأرض والى محاولة فهم مكوناتها الحسية والى اكتشاف ما يمكن أن يثير فيه دافع الإبداع والتعبير الروحي.
 أما رسوماتي فهي تمثل حوارا في مجال ما بعد الإحساس الواقعي، تدريب على خفايا العلاقات الحميمة لأرض فيزيائية وعضوية واركيولوجية وايكولوجية وكونية وثقافية. هي إجلال لهذه الأرض التي تطالب بصفائها في زمن ما بعد الصناعة المعبر عن خيبة الأمل .
الخاتمة..إن السياق الإبداعي هو إذا هذا المجال الزمني الذي يتفاعل فيه بطريقة جدلية الفعل والتفكير، الصدفة والتحكم، الوعي واللاوعي، المتوقع واللامتوقع، الأنا والآخر، الهدم وإعادة البناء.
إن الجمالية والإنشائية تتعاملان بطريقة متداخلة. فالفعل التشكيلي والحكم الجمالي متداخلان. فالمغامرة التشكيلية تفرض مغامرة جمالية. والتساؤل الجمالي، هو جزء هام وضمني للفعل الإبداعي أو هو تواصل طبيعي له.
الفكر في خدمة اللامتوقع المفضي إلى تلقائية وإلى عفوية موظفة يصبح المفهوم عذاؤها، هذا هو الشرط الذي التزمت به وما زلت، في ممارستي التشكيلية...".
هذا معرض فني متعدد التجارب والاتجاهات التشكيلية في تونس يكرم فنانا و ناقدا وأكاديميا عو سامي بن عامر ويمنح أحباء الفن والجماليات مجالات تذوق وتقبل متنوعة.