مغتربون هنود يلاحقون أمطار الصيف في الإمارات

مجموعة من المغتربين يتتبعون الغيوم في أنحاء الإمارات والاستمتاع بقطرات تُعد نادرة في البلد الخليجي الصحراوي، مدفوعين بالحنين إلى بلادهم.

الشارقة (الإمارات) - يلجأ الهندي محمد سجّاد لصور الأقمار الاصطناعية وبيانات الطقس لرصد مواقع هطول الأمطار المحتملة وملاحقتها في الإمارات، وترافقه مجموعة من المغتربين الذين يحنّون إلى موسم الرياح في بلدهم الأم.

انطلق سجّاد في رحلته لملاحقة الأمطار منذ سنوات، مدفوعا بالاشتياق إلى المتساقطات الغزيرة في مسقط رأسه في كيرالا الهندية.

وينضم إليه اليوم العشرات لتتبّع الغيوم في أنحاء الإمارات والاستمتاع بقطرات تُعد نادرة في البلد الخليجي الصحراوي.

وعن تتبع الأرصاد الجوية، يشرح هاوي (35 عاما) أن فكرته جاءت عندما هاجر قبل عقد من الزمن، ولم يستطع حينها التأقلم مع الطقس الصحراوي.

وقال سجّاد، وهو موظف في شركة للعقارات في دبي، لوكالة فرانس برس "عندما جئت إلى الإمارات في أغسطس/آب 2015، كانت ذروة الصيف، بينما كانت الرياح الموسمية في ذروتها في كيرالا، حيث تهطل أمطار متواصلة ليومين أو ثلاثة".

وترافق سجّاد عشرات السيارات في رحلاته شبه الأسبوعية، بعدما اكتسب شهرة على مواقع التواصل من خلال حسابه "رجل الطقس" (UAE Weatherman) والذي بدأه في العام 2022.

وبعد قرابة أربع ساعات على الطريق، حطّت قافلة ملاحقي الأمطار هذه المرة في إمارة الشارقة القريبة من دبي. وفور وصولهم إلى الموقع، خرجوا من السيارات راقصين فرحا تحت المطر، والتقطوا صورا مع أصدقائهم وعائلاتهم.

وأفاد ساجد، وهو مقيم في دبي منذ 27 عاما ومشارك في الرحلة، "جميعنا من الهند. في منطقتي تهطل الأمطار بكثرة خلال فترة الرياح الموسمية"، مضيفا "هذا أمر مدهش. لا يمكن وصف هذا الشعور"، موضحا أنه يفعل ذلك لإسعاد الناس، معلّقا "أريد جمع الناس تحت مظلة واحدة".

ومعظم سكان الإمارات هم من الأجانب، وتُعد الجالية الهندية الأكبر في الدولة الخليجية، إذ تضم نحو 3.5 مليون هندي.

وقالت أناكا، وهي هندية من كيرالا أيضا وتقيم في الإمارات "هذه المرة الأولى لي… أنا متحمسة جدا"، مضيفة "في المرة السابقة شهدنا فيضانات وأمطارا، لكننا لم نستطع الاستمتاع بها لأنها اجتاحت الإمارات بأكملها"، في إشارة إلى فيضانات العام الماضي.

وفي أبريل/نيسان 2024، هطلت أمطار غزيرة بكميات لم تشهدها الإمارات منذ بدء تسجيل منسوباتها قبل 75 عاما، ووصفها المركز الوطني للأرصاد بـ"حدث استثنائي في التاريخ المناخي للدولة".

واعتبر بعض خبراء المناخ أن ما حصل في الإمارات حالة جوية قصوى وأرجعوا سببها إلى التغيّر المناخي.

وأوضحت ديانا فرانسيس، وهي خبيرة في المناخ تدرّس في جامعة خليفة بأبوظبي، لوكالة فرانس برس "تزايدت وتيرة الظواهر الجوية المتطرفة (مثل الأمطار الغزيرة المفاجئة) وشدّتها، ويرجع ذلك إلى الاحترار العالمي".

لم يحظ ما يقوم به سجّاد بشعبية واسعة عندما بدأ رحلته لملاحقة الأمطار خلال الصيف، ولم تحرز الفيديوهات التي كان يشاركها في السابق انتشارا واسعا.

ولفت إلى أن الناس لم يثقوا بفكرته في البداية لاعتقادهم أن الأمطار تنحصر في فصل الشتاء، مضيفا "في الواقع المطر يهطل في ذروة الصيف".

وشرحت فرانسيس اختلافات الأمطار الموسمية، قائلة "معظم التساقطات في الإمارات تكون في الفترة بين ديسمبر/كانون الأول وأبريل/نيسان ويكون أغلبها في عواصف قصيرة وشديدة، موضحة أن بين مايو/أيار وسبتمبر/أيلول، "يُعد هطول الأمطار قليلا جدا، غالبا أقل من 5 ملم"، مضيفة أنها "تهطل أساسا في المناطق الجبلية الشرقية (مثل رأس الخيمة والفجيرة)".

وأضاف سجّاد "بدأتُ أقوم بالبث المباشر على إنستغرام وفيسبوك وتيك توك، ثم بدأ البعض بالانضمام لي ونشر المعلومة". واليوم، يتابع حسابه في منصة وحدها إنستغرام نحو 130 ألفا.

ولتتبّع الغيوم المحمّلة بالأمطار، يعتمد سجّاد على صور الأقمار الاصطناعية والبيانات المتاحة على الإنترنت، بعضها مجاني وبعضها مدفوع، للوصول إلى بيانات الطقس.

وبعد تجميع البيانات، يشارك سجّاد توقعات التساقطات على صفحته في إنستغرام. ويحدّد نقطة تجمّع لكل الراغبين بالانضمام إليه، ثم يتوجّهون إلى موقع الأمطار.

وفي بعض الأحيان، يعودون خائبين في حال لم تجد عليهم السماء بأي قطرات. لكن يؤكد سجّاد أن "بنسبة 80 في المئة أو 90 في المئة، تأتي الغيوم كما هو متوقع تماما".

وتُعد المتساقطات خلال الصيف قليلة في الإمارات، خصوصا على طول المناطق الساحلية، بعيدا عن الجبال، وفق البنك الدولي.

ورغم استخدام الإمارات لتقنيات متقدمة في تلقيح السحب، يُقدّر هطول الأمطار فيها بـ100 ملم سنويا، ما يجعلها مصنّفة ضمن الدول التي تعاني من شح المياه، بحسب وكالة أنباء الإمارات (وام).

وهذا العام، شهدت الإمارات درجات حرارة مرتفعة جدا منذ شهر أبريل/نيسان، وسجّلت درجة قياسية لشهر مايو/أيار منذ بدء المركز الوطني للأرصاد التسجيل في العام 2003.