مفاوضات جديدة بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة دون بوادر انفراج

جولة التفاوض الجديدة تتزامن مع إعلان أديس أبابا نجاح الملء الرابع والأخير لخزانها المائي، في خطوة اعتبرتها القاهرة "انتهاكا جديدا".

أدبس أبابا - انطلقت بالعاصمة الإثيوبية اليوم السبت جولة ثانية من مفاوضات جديدة بين مصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة، فيما لا تلوح بوادر انفراج، خاصة بعد أن أعلنت أديس أبابا منذ نحو أسبوعين انتهاء المرحلة الرابعة من عملية ملء الخزان المائي، في خطوة اعتبرتها القاهرة "انتهاكا جديدا".
وذكر بيان لوزارة الري المصرية، المسؤولة عن الشق الفني في مفاوضات السد الإثيوبي، أن المباحثات الجديدة تأتي بناء على توافق مصر وإثيوبيا والسودان على الإسراع بالانتهاء من الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة في ظرف 4 أشهر، في أعقاب لقاء قيادتي مصر وإثيوبيا في 13 يوليو/تموز الماضي.
وتأتي المفاوضات الجديدة في إطار استكمال الجولات التفاوضية التي بدأت في القاهرة يومي 27 و28 أغسطس/آب الماضي، وفق البيان ذاته.
وفي 13 يوليو/تموز المنصرم اتفق الرئيسان المصري عبدالفتاح السيسي والإثيوبي آبي أحمد على بدء مفاوضات "عاجلة" بخصوص قواعد ملء وتشغيل السد تنتهي خلال أربعة أشهر.
وفي كلمته باجتماع أديس أبابا قال هاني سويلم وزير الري المصري إن "مصر تستمر في التعامل مع المفاوضات كعهدها دائماً بالجدية وحسن النوايا اللازمين بغرض التوصل لاتفاق عادل ومتوازن".
وجدد الوزير المصري رفض القاهرة "استمرار إثيوبيا في عملية ملء سد النهضة"، مشيرا إلى أن "استمرار مثل هذه التصرفات الأحادية المخالفة للقانون الدولي يلقي بظلال غير إيجابية على العملية التفاوضية الراهنة ويهدد بتقويضها".
وأكد الوزير المصري على "أهمية حشد الجهود ليتسنى التوصل للاتفاق المطلوب في المدة الزمنية المقررة، لا سيما مع الأخذ في الاعتبار وجود العديد من الحلول الفنية والقانونية التي تتيح إبرام اتفاق قانوني ملزم على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة يراعي مصالح الدول الثلاث".

وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري اليوم السبت إنه "ليس هناك مجال للاعتقاد الخاطئ بإمكانية فرض الأمر الواقع عندما يتصل الأمر بحياة ما يزيد عن 100 مليون مصري".
وأضاف شكري أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك "تعتمد مصر على نهر النيل بنسبة 98 بالمئة وإثيوبيا تمادت بالاستمرار في ملء سد النهضة وتشغيله بشكل أحادي في خرق صريح لقواعد القانون الدولي".
واستدرك "على الرغم من استمرار الممارسات الأحادية للأشقاء في إثيوبيا تحرص مصر على استمرار الانخراط بجدية في عمليات التفاوض الجارية والتي امتدت لما يزيد عن عقد كامل للوصول إلى اتفاق ملزم بشأن قواعد الملء والتشغيل".
وتابع "ما زلنا ننتظر أن يقابل التفاعل المصري المخلص بعزم وسعي صادق من أديس أبابا للتوصل لاتفاق يراعي مصالح مصر والسودان وإثيوبيا".

بدوره قال وزير الري السوداني ضو البيت منصور إن بلاده "ملتزمة بالتفاوض البناء للوصول إلى توقيع اتفاق حول أزمة سد النهضة يراعي مصالح وشواغل السودان ومصر وإثيوبيا".
وأشار إلى أن ذلك الالتزام يأتي رغم القتال الدائر بين جيش البلاد وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل/نيسان الماضي.
وأكد الوزير السوداني "ضرورة العمل على تقريب وجهات النظر للوصول لحلول توافقية وعدم اتخاذ مواقف متشددة من الأطراف".
وفي 10 أيلول/سبتمبر الجاري أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد نجاح ملء الجولة الرابعة من سد النهضة، فيما اعتبرت القاهرة هذا الإعلان "انتهاكا جديدا من أديس أبابا وعبئا على المفاوضات المستأنفة بينهما".

وقال بيان لوزارة الخارجية المصرية إن "إعلان إثيوبيا إتمام عملية الملء الرابع للسد يعد استمراراً من جانبها في انتهاك إعلان المبادئ الموقع بين القاهرة وأديس أبابا والخرطوم عام 2015 والذي ينص على ضرورة اتفاق الدول الثلاث على قواعد ملء وتشغيل السد الإثيوبي قبل البدء في عملية الملء".

وأكد أن "انتهاج إثيوبيا لإجراءات أحادية يُعد تجاهلا لمصالح وحقوق دولتي المصب وأمنهما المائي والذي تكفله قواعد القانون الدولي"، مشيرا إلى "أن الآثار السلبية لهذا النهج الإثيوبي تضع عبئا على مسار المفاوضات المستأنفة والتي تم تحديد أربعة أشهر للانتهاء منها".

وتأتي المفاوضات الجديدة للسد بعد تجميد استمر أكثر من عامين وتحديدا منذ أبريل/نيسان 2021 إثر فشل مبادرة للاتحاد الإفريقي في تقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث.
وتتمسك القاهرة والخرطوم بالتوصل أولا إلى اتفاق ملزم مع أديس أبابا بشأن ملء وتشغيل السد، لضمان استمرار تدفق حصتيهما المائية من نهر النيل، بينما ترفض إثيوبيا وتؤكد أنها لا تستهدف الإضرار بدولتي مصب النيل، مصر والسودان.