مقاربة فنية للظواهر البيئية

جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية بمدينة شفشاون المغربية تواصل تنظيم مهرجانها السنوي الدولي لأفلام البيئة بنجاح وتميز.
شريط "أجساد" للمخرج الشاب بلال باهشام توج بالجائزة الأولى في فئة الافلام الاحترافية القصيرة
إدارة مهرجان شفشاون اختارت الانفتاح على تجربة السينما الكاطالونية من خلال استضافة وفد عن المهرجان الدولي لأفلام البيئة ببرشلونة كضيف شرف

تواصل جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية بمدينة شفشاون تنظيم مهرجانها السنوي الدولي لأفلام البيئة  بنجاح وتميز، ليبلغ دورته العاشرة ، حيت أسدل الستار مؤخرا عن أشغاله بالإعلان عن فوز أفلام جميلة وفرز مواهب توفقت في التعبير بدقة عن مختلف الظواهر البيئية بمقاربة فنية راقية ولمسات مبدعة جمعت بيت اللمز والرمز وقوة وجمالية الصورة، خاطبت حواس الجمهور ونهلت من المخزون الاجتماعي والمشهد الطبيعي والبيئي من مختلف الزوايا والرؤى. وتبارى المشاركون بأفلام احترافية طويلة وقصيرة وأفلام الهواة وأفلام المؤسسات التربوية.
وأعلنت لجنة التحكيم عن فوز "على الخط الجبهة" (ON THE FRONT LINE) من موزمبيق في المرتبة الأولى للأفلام الاحترافية الطويلة، والذي يتحدث عن منتزه "غورونغوسا" الوطني بالموزمبيق حيث يوجد فريق شجاع من الحراس في الخطوط الامامية ويحمي المنتزه من مجموعة من التهديدات من قبيل الصيد وقطع الاشجار بشكل غير قانوني. وبالتالي حاز على جائزة المهرجان الدولي لسينما البيئة (FICMA) كما حاز فيلم "بوركينابي باونتي"  Burkinabè Bounty  للمخرجة" لارا لي من بوركينافاصو جائزة الصندوق العالمي للحياة البرية  (wwf).   
وتوج شريط "أجساد" للمخرج الشاب بلال باهشام بالجائزة الأولى في فئة الافلام الاحترافية القصيرة، والذي تحدث فيه عن قصة عاملين في مجال الفخار وضنك عيشهم اليومي، مشيرا إلى قضية الإنسان من الخلق حتى البعث مستعرضا ما يتخلل الحياة من حب وحرب وبحث عن الذات وسعادة وبؤس ليشتد عوده بل معدنه مثله مثل الطين.  
ويحكي الشريط قصتين مختلفتين لجسدين مختلفين في آن واحد، لهما نفس مصدر الوجود ونفس المآل بعد الفناء، منطلقا من من كون أب البشر آدم عليه السلام خلق من طين على مراحل، ثم عاد بعد ذلك للتراب بعد موته، فحاول المخرج بلال تنزيل الفكرة بطريقة فنية سريالية تتطابق فيها صور الخزف مع قصص الشخصيات الرئيسة. ووجه تنويه خاص لفيلم الحيتان الحدباء (Humpback Whales: A Detective) للمخرج توم موستل من انجلترا وكذا لفيلم "ماذا سنترك بعد الانهيار؟" (Beyond Us)  للمخرج مكسيم تبيركين  من فرنسا. ثم فاز بالرتبة الثانية شريط "بعد الإنهيار" للفرنسي مكسيم تيبرغين. 

Moroccan Cinema
قوة وجمالية الصورة، 

أما فيلم "حياة جديدة لسمكة" للجزائري مصطفى بنغرنوط فحاز المرتبة الأولى عن فئة أفلام الهواة القصيرة، وتسلم جائزة الصندوق العالمي للحياة البرية  wwf. وعالج الشريط  تجربة إنشاء شعاب اصطناعية وغمرها في البحر في منطقة رملية خالية من الشعاب المرجانية والطحالب في مدينة مستغانم الساحلية بالجزائر، وذلك من قبل مجموعة من الشباب المولعين بالبحر. وعادت جائزة لجنة التحكيم لفيلم العنقاء لأبرتر الجابوري من العراق مع تنويه للفيلم الإيراني "على الغلاف" (On The Cover) .
وانتزع شريط "الصرخة الزرقاء" للسيد وليد عبدالمجيد الجائزة الأولى عن فئة نوادي المؤسسات التعليمية وهي جائزة  USHUAIA TV. وأبرز الشريط انشغال التلميذة سلمى يقضية المحافظة على المياه من الهدر، وعبرت عن قلقها عبر رسمها وصرختها المدوية في وجوه الجميع، قائلة كفى من إهدار المياه.
كما تم التنويه بالأفلام المتبقية تشجيعا لهم على المزيد من الإبداع خصوصا داخل النوادي التربوية بالمؤسسات التعليمية، وهم فيلم "الكنز الموروث" لمجاهد جابر، وفيلم ندم لكريم ودغيري وفيلم "يا من تتابعني" للأستاذة  شويط لطيفة.
واختارت إدارة مهرجان شفشاون هذه سنة 2019 الانفتاح على تجربة السينما الكاطالونية من خلال استضافة وفد عن المهرجان الدولي لأفلام البيئة ببرشلونة كضيف شرف.
وشهد الملتقى تكريم جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية لعدة فعاليات سينمائية وطنية في شخص اللبناني نجيب صعب أمين عام المنتدى العربي للبيئة والتنمية ورئيس تحرير مجلة البيئة والتنمية وهو عضو لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الاحترافية، وكذا المخرجة المسرحية نعيمة زيطان كأحد الفعاليات السينمائية الشفشاونية اعترافا وتقديرا لعطاءاتها في مجال السينما والمسرح والمجال الفني عموما.
وتخلل المهرجان تنظيم ندوة دولية حول الإعلام البيئي ودوره في التنمية المستدامة أدارها عبدالاله التازي رئيس جمعية تلاسمطان للبيىة والتنمية ونشطها نجيب صعب أمين عام المنتدى العربي للبيئة والتنمية وعبدالرحيم الكثيري وأسامة أباوس صحفي ومؤسس موقع ECOLOGIE.MA ومريم باران عن قناة "أوشوايا" الفرنسية  (USHUAIA ).
وأفاد عبدالاله التازي رئيس جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية أن المهرجان يأتي في ظل التساؤلات والتفاعلات حول موضوع البيئة دوليا، وطنيا وجهويا. ويستوجب طرح أسئلة المجال الإقليمي والتحديات التي تقف أمامه من قبيل معادلة التوازن بين استغلال الموارد الطبيعية والحفاظ عليها خاصة الغطاء الغابوي باعتباره ثروة حقيقية بالإقليم والتي تعرف تراجعا ملحوظا لعدة عوامل طبيعية وبشرية. والثروة المائية وما تشهده من ضغط إما بسبب قلة التساقطات أو بسبب ضغط السقي من أجل الزراعة الأحادية. وكذا التنوع الحيواني والنباتي الذي يتعرض للتدهور بوتيرة سريعة. ثم مسألة البحث عن طاقات بديلة خاصة الطاقات المتجددة الخضراء والتخلص من الطاقات الأحفورية. وموضوع تدبير النفايات الصلبة، لذا يجب ان ينتقل من التدبير العشوائي إلى التدبير المعقلن الذي يأخذ بعين الاعتبار المعايير البيئية الدولية.
وأعرب التازي عن الرغبة الأكيدة في أن يلعب الفيلم الوثائقي البيئي دورا في التعريف بهذه القضايا والمساهمة في التحسيس بها وإيجاد حلول لها، ذلك أن رهان جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية على الصوت والصورة من خلال هذا المهرجان الذي أريد له أن يجعل من شفشاون عاصمة الأفلام المهتمة بالبيئة، وإيمانا بدورهما في التنمية المنشودة وفي غير ذلك من القضايا الثقافية الاجتماعية والبيئية.
وأكد مدير المهرجان، محمد ستار، أن مهرجان هذه السنة، الذي بات أهم ملتقى سينمائي يعنى بالبيئة بالمغرب، يتميز بزيادة عدد أيام المهرجان وارتفاع عدد الأفلام المشاركة إل 30 شريطا من 15 بلدا، تنوعت بين الأفلام الاحترافية الطويلة والاحترافية القصيرة والوثائقية وأفلام الهواة.
وأفادت جولييت بارثوكس (رئيسة قسم التواصل التلفزيوني  "أوشوايا " USHUAIA)  على هامش مهرجان شفشاون للأفلام البيئية أن القناة التلفزيونية Ushuaia TV ، هي القناة الفرنسية الوحيدة المكرسة منذ إنشائها في عام 2005 للحفاظ على الكوكب، من خلال مختلف الإنتاجات الفرنسية والدولية (الأفلام الوثائقية وكذلك المجلات)، تستقبل القناة المشاهدين يوميًا، تمكنهم من اكتشاف الطبيعة والمحافظة عليها. ذلك أن القناة ترمي إلى رفع الوعي ونسبة التفاؤل، دون قلق ودون إعطاء دروس أو أخلاق وفق عقيدة: تدهش، تفهم ، تحترم. وهذا يعتبر إرث والتزام مؤسس القناة نيكولا هولوت في بثه ، التي أنشأتها منذ 14 سنة.  

ومن الواضح أن التزام القناة يتعلق بالقضايا البيئية، ولكن أيضًا بموضوعات التنوع والتضامن، ذلك أن القناة حاضرة في الأحداث الكبرى مثل مؤتمر الأطراف "كوب"، واليوم الدولي للغابات، واليوم الدولي لحقوق المرأة، ومهرجان الطبيعة ... بطريقة ما، هي سلسلة تسلط الضوء على مبادرات النساء والرجال لتصميم عالم أفضل غدًا (من خلال السلسلة الوثائقية حرفيو التغيير أو حاملو الأمل، على سبيل المثال)؛ أيضا من خلال إظهار ما يمكن القيام به على أساس يومي، لإظهار أنه يمكن للجميع إحداث تغيير. القناة تؤمن بقوة بوجوب تمكين المشاهدين – المواطنين للوصول إلى جمهور أوسع وتوسيع نطاق التزامنا.
وتعد القناةUshuaia TV  أيضًا شريكًا للمنظمات غير الحكومية التي تعمل بنسبة 1٪ على الكوكب أو الصندوق العالمي للطبيعة أو مؤسسة "نيكولاس هولوت " للطبيعة والرجل أو مؤسسة "إيف روشيه"، على سبيل المثال. والقناة شريك في العديد من المهرجانات السينمائية. يستقبل تلفزيون Ushuaia 12 مليون أسرة مشتركة في 30 دولة ناطقة بالفرنسية، بما في ذلك المغرب، وهي دولة ذات تقاليد شفهية تحظى بشعبية كبيرة. وتأتي مشاركة القناة في المهرجان الدولي لأفلام البيئة في شفشاون. 
تضيف جولييت: في سياق الشراكة المنطقية مع مختلف المبادرات الإيجابية، فالفيلم الوثائقي وسيلة شائعة وفعالة بشكل خاص لنقل الرسائل المتعلقة بالحفاظ على كوكب الأرض. وفي مناخ اليوم والطوارئ البيئية، تعد الأفلام الوثائقية هي الصحوة الرهيبة. 
وعبرت جولييت عن سعادتها لحضور المهرجان على أمل تبادل الخبرات في مجال الوعي البيئي من خلال الصورة.  ومثلت في هذه السنة ميريام باران (مديرة سلسلة العلوم الشعبية) بعنوان "فضول الطبيعة" - تلفزيون Ushuaia TV في الندوة الدولية حول تأثير الإعلام البيئي الذي نظمه مهرجان شفشاون للأفلام البيئية. وميريام راوية القصص ستشرع في فك شفرة الطبيعة القريبة منا والتي لا نعرف أسرارها. في هذا العام، تأخذنا عبر المغرب العربي (المغرب والجزائر) برفقة علماء لاكتشاف الحيوانات الرمزية مثل الدردي، الثعالب أو الكوبرا. البرامج التي يمكن العثور عليها الآن على قناة أوشوايا التلفزيونية. 
يشار إلى أن المهرجان شهد عدة أنشطة موازية هي عروض حول أفلام البانوراما وورشات تكوينية تناولت الصناعة السينمائية البيئية. وعرض مسرحي بيئي وعرض أفلام الرسوم المتحركة الخاصة بالأطفال، وورشة توعوية بأهمية الغابة والمنتزه الوطني تلاسمطان.
 ويذكر أن المهرجان عرف مشاركة مجموعة من الفعاليات الفنية والعلمية من مختلف مناطق العالم من قبيل فرنسا وإسبانيا والمكسيك ولبنان والجزائر وتونس ومصر وبمشاركة أفلام من دول مختلفة من السنغال والمزنبيق وإيران وسويسرا والولاية المتحدة الأميركية وإيطاليا وألمانيا، وأنجلترا وبوركينا فاصو.