مقايضة سياسية لتمرير قوانين خلافية جديدة في البرلمان العراقي

نقاشات بين القوى السياسية حول اعتماد "السلة الواحدة" في التصويت على قوانين الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي، والنفط والغاز وحل هيئة المساءلة والعدالة.

بغداد – تطرق حزمة من القوانين الجدلية باب البرلمان العراقي تضم الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي وقانون النفط والغاز وحل هيئة المساءلة والعدالة، بينما يحتدم الجدل حول تمريرها عن طريق المقايضة السياسية بين المكونات الرئيسية الثلاثة: الشيعة والأكراد والسنة بعد تعطيلها لمدة سنوات خصوصا في ظل الخلاف بين بغداد وأربيل حول تصدير نفط من اقليم كردستان العراق.

وتصاعدت الخلافات بين القوى السياسية بشأن هذه القوانين، كما حدث قبل أسابيع على قوانين خلافية أخرى تشمل العفو والأحوال الشخصية وإعادة العقارات إلى أصحابها والتي شهدت النقاشات حولها جدلا واسعا إلى أن تم تمريرها على مبدأ السلة الواحدة بمقايضة بين الأحزاب رغم تحفظات واعتراضات قوى سياسية أقل وزنا.

وتتحدث مصادر مطلعة عن نقاشات وراء الكواليس واجتماعات بين القوى السياسية للوصول إلى تفاهمات تضمن تمرير بعض القوانين الجدلية خلال جلسات البرلمان بعد عيد الفطر.

وذكرت وكالة شفق نيوز استنادا إلى مصادرها، أن الأمور قد لا تسير على ما يرام بسبب مطالب عالية وصعبة طرحتها بعض القوى الفاعلة في المشهد السياسي مقابل تمرير قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي حيث اشترطت بعض القوى السنية حل هيئة المساءلة والعدالة لانتفاء الحاجة لها.

كما أن القوى الكردية تطالب بدورها بتمرير قانون النفط والغاز، ويبدو أن الأمور تتجه إلى التعقيد بسبب تمسك كل الأطراف بمطالبها التي ترى أنها ضرورية لاستدامة تأييد جماهيرها بالانتخابات التي باتت على الأبواب، بحسب المصادر.

وكانت مصادر نيابية قد ذكرت الشهر الماضي، بأن جدلاً واسعاً يدور بين القوى السياسية حول اعتماد "السلة الواحدة" في التصويت على القوانين المقبلة.

وأوضحت المصادر أن القوى الشيعية وضعت بعض مقترحات تعديل قانون الحشد الشعبي لتمريره بانسيابية، بالمقابل ربطت القوى الأخرى تمرير قانون الحشد بالتصويت على قانوني حل هيئة المساءلة والعدالة بالنسبة للمكون السني، وتمرير حلبجة كمحافظة عراقية كمطلب لقوى كردية.

وأكد نائب رئيس لجنة النفط والغاز النيابية عدنان الجابري، أن تشريع قانون النفط والغاز يعد خطوة ضرورية لتنظيم إدارة الثروة النفطية والغازية في العراق، وضمان حقوق الأقليم والمحافظات المنتجة، فضلًا عن وضع استراتيجية واضحة لاستثمار هذه الموارد على المدى البعيد.

وأوضح الجابري أن القانون سيسهم في حماية الثروة النفطية من الاجتهادات والتفسيرات المختلفة، سواء في إقليم كردستان أو في المحافظات المنتجة، كما سيعمل على حل الخلافات القائمة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، إلى جانب ضبط العلاقة بين المحافظات المنتجة والمركز.

وتنص المادة 112 من الدستور العراقي على ضرورة تنظيم قطاع النفط والغاز عبر تشريع قانون خاص، إلا أن عدم وجود رؤية مشتركة واتفاق بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، وكذلك بين المحافظات المنتجة وبغداد، حال دون إقراره حتى الآن.

وتزداد المطالب للحكومة بإحالة القانون إلى مجلس النواب بأسرع وقت ممكن لضمان تنظيم العائدات النفطية بشكل عادل ومنصف.

لكن عضو لجنة النفط والغاز والثروات النيابية ناظم الشبلي اتهم الثلاثاء، اقليم كردستان بعرقلة اقرار قانون النفط والغاز معتبرا القانون روح العملية السياسية.

وقال الشبلي في تصريح لوكالة "المعلومة"، إن" إقرار قانون النفط والغاز سيسهم في الحفاظ على الثروة النفطية"، لافتا الى ان "المادة 112 من الدستور تنص على أن الحكومة الاتحادية هي المعنية برسم السياسات النفطية بالتنسيق مع الاقاليم والمحافظات المنتجة".

وأضاف أن "الخلاف بين أربيل وبغداد وراء عدم إقرار القانون حتى الآن وهذا ما تعمل عليه الاقليم لتأخير اقراره داخل مجلس النواب".

وأشار الى ان "قانون النفط والغاز يمثل روح العملية السياسية ودافعا لحل الخلافات وضبط الإيرادات النفطية"، مؤكدا ان الاقليم يضع العراقيل لمنع اقرار قانون النفط والغاز

ومنذ أيام تتسع حدة الخلافات بين الأجنحة السياسية للفصائل وأحزاب ضمن التحالف الحاكم في العراق الإطار التنسيقي، إزاء مشروع قانون الحشد الشعبي الذي يحتوي على فقرات متعلقة بسن الإحالة على التقاعد، وامتيازات الحشد المالية والوظيفية، إلى جانب تحديد المناصب القيادية فيه

وكشف النائب عن كتلة صادقون النيابية، رفيق الصالحي، في 17 فبراير الماضي، عن اتفاق الكتل السياسية على حسم قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي في الجلسة المقبلة للبرلمان، جاء ذلك بعد اجتماع سريع لرئيس منظمة بدر هادي العامري مع النائب الأول لرئيس المجلس محسن المندلاوي بحضور رؤساء الكتل السياسية في الإطار التنسيقي داخل البرلمان.

كما أعلن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، في 16 فبراير الماضي، مقاطعته لجلسات البرلمان لحين إدراج قانون الحشد الشعبي، في خطوة تصعيدية للدفع باتجاه التصويت على القانون.

وينقسم الإطار التنسيقي بشأن قانون الحشد، إلى معسكرين متباينين، الأول، يقوده ائتلاف دولة القانون وعصائب أهل الحق، والذي يتمسك بتمرير القانون دون النظر إلى تبعاته، حتى لو أدى إلى استبعاد رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض وعدد من القيادات، طالما أنه يضمن حقوق مئات الآلاف من المقاتلين ويحافظ على استقرار المؤسسة الأمنية.

والثاني منظمة بدر ومعها بقية قوى الإطار، حيث يتمسكون ببقاء الفياض في منصبه، خشية أن يؤدي تعيين بديل "متشدد" إلى إحراج الحكومة أمام الأطراف الدولية، وهو ما يلقى دعم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

ويمثل تعديل قانون تقاعد هيئة الحشد الشعبي، إحدى القضايا المعقدة والمثيرة للجدل في المشهد السياسي العراقي، ففي عام 2024، أرسلت الحكومة تعديلا للقانون، يتضمن وضع حدود دنيا وعليا لرواتب منتسبي الحشد والسن القانونية للتقاعد، إلا أن مجلس النواب أخفق في التوصل لصيغة توافقية على القانون، في جلسته التي عقدت في الرابع 4 فبراير الحالي، وتم رفعه من جدول الأعمال.

ويثار الجدل حول السن القانونية للتقاعد، المنصوص عليها في القانون، وسرت أنباء أن إقراره يعني إقالة رئيس الهيئة فالح الفياض، الأمر الذي تسبب بتأجيل إقراره، لكن بالمقابل نفى الإطار التنسيقي أكثر من مرة التوجه لإقالة الفياض.