مقترح إيراني جديد في الملف النووي ضمن سياسة المناورة

المقترح الإيراني المرتقب لن ينظر اليه في الأوساط الغربية كخطوة جدية نحو التفاهم، بل يُفهم ضمن استراتيجية إيرانية متكررة تقوم على كسب الوقت، والمراوغة السياسية، وتجنب الضغوط الدولية.
غروسي يصف جمع إيران لوثائق خاصة بالوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها خطوة سيئة

طهران - قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي اليوم الاثنين إن طهران ستقدم مقترحا مقابلا في إطار المحادثات النووية إلى الولايات المتحدة عبر سلطنة عمان في وقت قريب ويأتي ذلك ردا على مقترح أميركي اعتبرته طهران "غير مقبول".
ولا ينظر الى المقترح الإيراني المرتقب، الذي ستنقله طهران إلى واشنطن عبر وساطة سلطنة عمان في الأوساط الغربية كخطوة جدية نحو التفاهم، بل يُفهم ضمن استراتيجية إيرانية متكررة تقوم على كسب الوقت، والمراوغة السياسية، وتجنب الضغوط الدولية. فإيران لطالما استخدمت قنوات الوساطة لتقديم عروض موازية أو تعديل شروط التفاوض في توقيتات حرجة، ليس بهدف التقدم نحو اتفاق، بل للالتفاف على التصعيد، وتمييع المواقف، وتقليل الزخم حول الملفات الحساسة، وعلى رأسها الملف النووي.
يأتي هذا التحرك الإيراني بينما تواجه طهران ضغوطًا متزايدة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بسبب أنشطتها النووية المتسارعة، ورفضها تقديم توضيحات حول مواقع وأنشطة مشبوهة. وفي هذا السياق، يبدو أن طهران تسعى لتخفيف حدة الانتقادات، وامتصاص أي تصعيد محتمل من مجلس محافظي الوكالة، عبر اقتراحات شكلية لا تحمل مضمونًا عمليًا. وهو ما يعزز الانطباع بأن المقترح الأخير لا يعدو كونه جزءًا من سياسة ممنهجة تهدف إلى التخلص التدريجي من الالتزامات النووية دون الوصول إلى قطيعة معلنة تُعرّضها لعقوبات أشد.
ودعا بقائي المجتمع الدولي إلى نزع السلاح النووي الإسرائيلي في خضم سياسة المناورة. وتقول طهران إن إسرائيل تحاول إفشال المفاوضات النووية.
وقال "المقترح الأميركي غير مقبول بالنسبة لنا. لم يعكس ما توصلت إليه جولات المفاوضات السابقة. سنقدم مقترحنا الخاص للطرف الآخر عبر عُمان بعد الانتهاء من إعداده. وهو مقترح معقول ومنطقي ومتوازن".
وأضاف "قبل رفع العقوبات علينا التأكد من أن إيران ستستفيد اقتصاديا وعلى نحو فعال وأن علاقاتها المصرفية والتجارية مع الدول الأخرى ستعود إلى طبيعتها".

قبل رفع العقوبات علينا التأكد من أن إيران ستستفيد اقتصاديا وعلى نحو فعال

ويشار الى أنه في وقت سابق أن طهران تعمل على صياغة رد لرفض مقترح قدمته الولايات المتحدة في أواخر مايو/أيار. وقال دبلوماسي إيراني إن العرض الأميركي لم يقدم حلا للخلافات حول تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية وشحن مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب بالكامل إلى الخارج والخطوات المتعلقة برفع العقوبات الأميركية.
وأضاف بقائي أنه لا توجد أي تفاصيل بشأن موعد الجولة السادسة من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة.
وفي الأسبوع الماضي، رفض الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي المقترح الأميركي وقال إنه يتعارض مع مصالح البلاد وتعهد بأن تواصل طهران تخصيب اليورانيوم الذي ترى قوى غربية أنه يكرس لصنع سلاح نووي، بينما تقول طهران إن برنامجها مخصص للأغراض السلمية فقط.
وخلال ولايته الأولى، انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في عام 2018 من الاتفاق النووي الذي أبرم بين إيران وست قوى عالمية في 2015 وأعاد فرض عقوبات كبّلت الاقتصاد الإيراني. وردت طهران بزيادة وتيرة عمليات تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز حدود الاتفاق بكثير.
وتقول إيران إن الغرب يغض الطرف عن البرنامج النووي الإسرائيلي بينما يضغط ضد البرنامج الإيراني. ولا تؤكد إسرائيل أو تنفي امتلاكها لأسلحة نووية.
وقال بقائي إن وثائق إسرائيلية حساسة وعدت إيران سابقا بالكشف عنها، ستثبت أن "الأطراف التي تشكك باستمرار في سلمية البرنامج النووي لإيران تعمل بنشاط على تعزيز البرنامج النووي العسكري الإسرائيلي".
وأضاف أن الأطراف المتفاوضة ينبغي عليها ألا تسمح لإسرائيل بعرقلة العمليات الدبلوماسية.

وفي تطور يكشف حجم التوتر بين ايران والوكالة الدولية للطاقة الذرية قال رافائيل جروسي المدير العام للوكالة الاثنين إن جمع طهران لوثائق سرية خاصة بالوكالة التابعة للأمم المتحدة خطوة "سيئة" تتعارض مع روح التعاون التي يجب أن تكون سائدة بين الوكالة والجمهورية الاسلامية.
وذكرت الوكالة في تقرير سري عن إيران أرسلته إلى الدول الأعضاء في 31 مايو أيار واطلعت عليه رويترز أن لديها "أدلة قاطعة على أن إيران جمعت بنشاط وثائق سرية للغاية تخص الوكالة وحللتها".
وجاء في التقرير أن هذا "يثير مخاوف جدية إزاء روح التعاون من جانب إيران" ويمكن أن يقوض عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران، لكن طهران قالت في بيان للدول الأعضاء الأسبوع الماضي إن الاتهام الوارد في التقرير "محض افتراء" وإنه جاء "دون تقديم أي دليل أو وثيقة إثبات".
ويعقد مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يضم 35 دولة اجتماعا فصليا هذا الأسبوع. وتخطط الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا لاقتراح قرار ليتبناه المجلس يتضمن إعلان أن إيران تنتهك التزامات عدم الانتشار النووي على خلفية أوجه قصور أخرى واردة في التقرير.
وقال غروسي في مؤتمر صحفي "هنا، للأسف، وهذا يعود إلى بضع سنوات مضت... استطعنا أن نحدد بكل وضوح أن وثائق تخص الوكالة كانت في أيدي السلطات الإيرانية، وهو أمر سيئ" مضيفا "نعتقد أن عملا كهذا لا يتوافق مع روح التعاون".
وردا على سؤال حول طبيعة الوثائق وما إذا كانت وثائق إيرانية في الأصل استولت عليها إسرائيل وتم تسليمها للوكالة، قال غروسي "كلا، لقد تلقينا الوثائق من دول أعضاء، ولدينا أيضا تقييماتنا الخاصة بشأن الوثائق والمعدات وما إلى ذلك".