مقتل ستة خلال مظاهرة ضد استمرار التحقيق في انفجار بيروت

حزب الله وحركة امل يتهمان مجموعات مسلحة ومنظمة باستهداف المتظاهرين من اجل جر لبنان الى "فتنة مقصودة".
حزب الله يتهم قناصة من حزب القوات اللبنانية باطلاق النار على أنصاره
الجيش اللبناني يتوعد باطلاق النار على أي مسلح أو مصدر للنيران في الطيونة
فرنسا تدعو للتهدئة ولاستمرار التحقيق في انفجار مرفأ بيروت

بيروت - قتل ستة أشخاص على الأقل وأصيب آخرون بجروح الخميس جراء إطلاق نار على مسيرة احتجاجية لمناصري حزب الله وحركة أمل ضد المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار، وفق وزير الداخلية  اللبنانية بسام مولوي.

وينذر هذا التطور بجرّ لبنان إلى أزمة جديدة، وسط مخاوف من حرب أهلية طائفية، فيما انتشرت وحدات من الجيش اللبناني في المنطقة التي تعتبر شديدة الحساسية طائفيا، داعيا في بيان الناس إلى اخلاء تام للشارع ومحذّرا من أنه سيطلق النار على أي مسلح أو أي مصدر للنيران.

وأعلن أن وحداته المنتشرة "سوف تقوم بإطلاق النار باتجاه أي مسلح يتواجد على الطرق وباتجاه أي شخص يقدم على إطلاق النار من أي مكان آخر" طالبا في بيان نشره على حسابه بتويتر المدنيين إلى إخلاء الشوارع.

وقال إنه "خلال توجه محتجين إلى منطقة العدلية تعرضوا لرشقات نارية  في منطقة الطيونة- بدارو"، لافتا إلى أن  وحداته سارعت إلى تطويق المنطقة والانتشار في أحيائها وعلى مداخلها وبدأت بتسيير دوريات كما باشرت البحث عن مطلقي النار لتوقيفهم.

وقال مولوي في مؤتمر صحفي بعد الاجتماع الاستثنائي لمجلس الأمن المركزي، إن "الإشكال بدأ بإطلاق النار من خلال القنص وأصيب أول شخص في رأسه وهذا الأمر غير مقبول وإطلاق النار على الرؤوس يعد أمرا خطيرا جدا".

وأضاف أن "السلم الأهلي ليس للتلاعب"، مشددا على "ضرورة اتخاذ كامل الإجراءات"،  وطلب من الإعلام  المساعدة "على بث الأخبار الصحيحة"، مضيفا أن "انفلات الوضع ليس من مصلحة أحد". كما أعلن أن "كل الأجهزة تقوم بدورها للانتقال إلى مرحلة التوقيفات كي يأخذ القانون مجراه".

 وقال إن "منظمي التظاهرة أكدوا لنا سلميتها والجريمة التي حصلت كانت في استعمال القنص وتفاجأنا بأمر خطير هو إطلاق النار على الرؤوس"، مضيفا "إننا سنطلب من السياسيين اتخاذ الإجراءات اللازمة بالسياسة وخارجها لضبط الوضع، لأن تفلته ليس من مصلحة أحد".

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام (الوكالة الرسمية) بأن الدفاع المدني أخلى عددا من العائلات المحاصرة في أحد المباني الذي كان تعرض لإطلاق نار كثيف في الطيونة.

وباشرت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني بتكليف وإشراف مباشر من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، بإجراء تحقيقات ميدانية بشأن الاشتباكات التي تشهدها منقطة الطيونة وتحديد هوية المسلحين الذين شاركوا بإطلاق النار وتسببوا بسقوط الضحايا والجرحى من المدنيين وتوقيفهم.

وأعلنت الرئاسة اللبنانية أن الرئيس ميشال عون أجرى اتصالات مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزيري الدفاع والداخلية وقائد الجيش وتابع معهم تطورات الوضع الأمني في ضوء الأحداث التي وقعت في منطقة الطيونة وضواحيها، وذلك لمعالجة الوضع تمهيدا لإجراء المقتضى وإعادة الهدوء إلى المنطقة.

وأكد ميقاتي من جهته أن الجيش ماض في إجراءاته الميدانية لمعالجة الأوضاع وإعادة بسط الأمن وإزالة كل المظاهر المخلة بالأمن وتوقيف المتورطين في هذه الأحداث وإحالتهم للقضاء المختص.

وتابع وفق ما نقلت عنه الوكالة الوطنية للإعلام "الجيش حامي الوطن ليس شعارا نردده في المناسبات الوطنية، بل هو فعل إيمان يترجمه الجيش كل يوم بتضحيات جنوده وشجاعتهم وحكمة قيادتهم، وهذا ما تجلى اليوم في التصدي للأحداث المؤسفة التي وقعت في منطقة الطيونة".

وترددت أنباء عن اعتقال قوات الجيش لأحد العناصر المسلحة التي أطلقت النار من اسطح المباني، فيما ذكرت وسائل اعلام لبنانية أن مصدر النيران التي استهدفت المحتجين من أنصار حزب الله وحركة أمل عدد من القناصة لم يتضح عددهم.

وفي بيان مشترك إتهم الثنائي الشيعي حركة أمل وحزب الله الذي يتمتع بنفوذ واسع ويمتلك ترسانة أسلحة ضخمة، مسلحين من حزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع باستهداف متعمد للمحتجين. وقالا في بيانهما "مجموعات من حزب القوات اللبنانية التي انتشرت في الأحياء المجاورة وعلى أسطح البنايات مارست عمليات القنص المباشر للقتل المتعمد".

الأحداث التي شهدتها منطقة بيروت وبالأخص محيط منطقة الطيونة بمناسبة التظاهرات التي دعا إليها حزب الله سببها الرئيسي هو السلاح المتفلت والمنتشر والذي يهدد المواطنين في كل زمان ومكان

واستنكر جعجع ‏الأحداث ما حصل في منطقة الطيونة على خلفية التظاهرات التي دعا إليها حزب الله وشارك فيها أنصاره وأنصار حركة أمل، معتبرا أن السبب الرئيسي لهذه الأحداث هو السلاح المتفلت.

ودعا في بيان الرئيس اللبناني ورئيس الحكومة ووزيري الدفاع والداخلية إلى "إجراء تحقيقات كاملة ودقيقة لتحديد المسؤوليات عما جرى في العاصمة اليوم (الخميس)".

وقال "السلم الأهلي هو الثروة الوحيدة المتبقية لنا في لبنان، ما يتحتم علينا المحافظة عليه برمش العيون، لكن ذلك يتطلب منا جميعا التعاون للوصول إليه"، مضيفا "‏أستنكر الأحداث التي شهدتها منطقة بيروت وبالأخص محيط منطقة الطيونة بمناسبة التظاهرات التي دعا إليها حزب الله.. إن السبب الرئيسي لهذه الأحداث هو السلاح المتفلت والمنتشر والذي يهدد المواطنين في كل زمان ومكان".

من جهته ردّ النائب عن القوات اللبنانية عماد واكيم في مداخلة هاتفية على قناة الحرة على البيان المشترك لحزب الله وأمل بالقول إن اتهاماتهما "للقوات بإطلاق النار مجرد هرطقات".

وعبرت فرنسا عن قلقها إزاء أعمال العنف الدامية التي جرت في لبنان على خلفية التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الذي وقع العام الماضي، ودعت جميع الأطراف إلى التهدئة.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان إن "فرنسا تشعر بقلق بالغ إزاء العرقلة الأخيرة لحسن سير التحقيق... وأعمال العنف التي وقعت في هذا السياق. إن فرنسا تدعو جميع الأطراف إلى التهدئة"، مشددة على ضرورة أن يكون القضاء اللبناني قادرا على التحقيق في انفجار المرفأ بطريقة مستقلة ومحايدة.

وتعرض القاضي طارق بيطار خلال الأيام الأخيرة لحملة ضغوط قادها حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، اعتراضاً على استدعائه وزراء سابقين وأمنيين لاستجوابهم في إطار التحقيقات التي يتولاها، تخللها مطالبات بتنحيته.
وتحولت مستديرة الطيونة، على بعد عشرات الأمتار من قصر العدل، حيث مكتب بيطار، الى ساحة حرب شهدت اطلاق رصاص كثيف وقذائف ثقيلة وانتشار قناصة على أسطح ابنية، رغم تواجد وحدات الجيش وتنفيذها انتشارا سريعاً في المنطقة، التي تعد من خطوط التماس السابقة خلال الحرب الأهلية (1975-1990).
وبدأ إطلاق النار بشكل مفاجئ خلال تجمع عشرات المتظاهرين من مناصري حزب الله وحركة أمل أمام قصر العدل.
وأعلنت الوكالة الوطنية الرسمية سقوط ثلاثة قتلى، كما أعلن الصليب الأحمر اللبناني عن إصابة عشرين آخرين بجروح توزعوا على مستشفيات عدة في المنطقة.
وقالت مديرة الطوارئ في مستشفى الساحل في الضاحية الجنوبية لبيروت مريم حسن ان "لدينا قتيل أصيب بطلق ناري في رأسه وآخر في قلبه"، كما استقبل المستشفى 12 جريحاً على الأقل.

هل تعيد احداث الطيونة لبنان إلى مربع العنف الطائفي؟
هل تعيد احداث الطيونة لبنان إلى مربع العنف الطائفي؟

وسُمع في المنطقة إطلاق رصاص كثيف وقذائف. وشوهدت أعمدة دخان سوداء تتصاعد من منطقة الطيونة.
وبثّت وسائل إعلام محلية مباشرة على الهواء مشاهد ظهر فيها مسلحون يطلقون النار في الشوارع واطلاق رصاص من قناصة في أبنية مهجورة.
وأعلن الجيش اللبناني أنه "خلال توجه محتجين الى منطقة العدلية تعرضوا لرشقات نارية في منطقة الطيونة- بدارو، وقد سارع الجيش الى تطويق المنطقة والانتشار في احيائها". ولم يحدد الجيش هوية الأطراف التي بدأت إطلاق الرصاص. وناشد الجيش المدنيين إخلاء الشوارع.
واتهم حزب الله وحركة أمل في بيان مشترك "مجموعات مسلحة ومنظمة" بالاعتداء على مناصريهم خلال توجهم للمشاركة في تجمع أمام قصرالعدل. وأفاد الحزبان في بيانهما أن "عند وصولهم إلى منطقة الطيونة تعرضوا لإطلاق نار مباشر من قبل قناصين. وتبعه إطلاق نار مكثف".
واعتبرا أن الاعتداء يهدف إلى "جر البلد لفتنة مقصودة".

وكتب المدير التنفيذي لـ"المفكرة القانونية" المحامي نزار صاغية على تويتر "لا أعرف ماذا يجري الآن. لكن أعرف أن دم مواطنين في الشارع وأنّ على كل من يدعي مسؤولية عامة أن يطالب مناصريه بالخروج فوراً من الشوارع. يوم حزين جداً".
وغرّدت مستخدمة تدعى رشا "ثمّة أيام في بيروت، تغادر منزلك ولا تتمكن من العودة إليه. ما هذا الواقع الموجع الذي نعيشه؟".
ويقود حزب الله وحليفته حركة أمل الموقف الرافض لعمل بيطار، ويتهمونه بـ"التحيز والتسييس".
ودعا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي "الى الهدوء وعدم الانجرار وراء الفتنة"، وأجرى اتصالات عدة مع الجيش ومسؤولين بينهم زعيم حركة أمل رئيس مجلس النواب نبيه بري.
ويخشى كثيرون أن تؤدي الضغوط إلى عزل بيطار على غرار سلفه فادي صوان الذي نُحي في شباط/فبراير بعد ادعائه على مسؤولين سياسيين.
ومنذ ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب وطلبه ملاحقة نواب ووزراء سابقين وأمنيين، تقدم أربعة وزراء معنيين بشكاوى أمام محاكم متعددة مطالبين بنقل القضية من يد بيطار، ما اضطره لتعليق التحقيق في القضية مرتين حتى الآن.
 

خطاب حزب الله التحريضي ودعوته لمسيرات في منطقة شديدة الحساسية طائفيا يضعان لبنان على حافة حرب أهلية
خطاب حزب الله التحريضي ودعوته لمسيرات في منطقة شديدة الحساسية طائفيا يضعان لبنان على حافة حرب أهلية

وعلق بيطار الثلاثاء التحقيق بانتظار البتّ في دعوى مقدمة أمام محكمة التمييز المدنية من النائبين الحاليين وزير المالية السابق علي حسن خليل ووزير الاشغال السابق غازي زعيتر، المنتميان لكتلة حركة أمل.
وأفاد مصدر قضائي محكمة التمييز المدنية رفضت الدعوى على اعتبار أن الأمر ليس من صلاحيتها لأن بيطار "ليس من قضاة محكمة التمييز".
وإثر القرار، يستطيع بيطار استئناف تحقيقاته. ومن المفترض أن يحدد مواعيد لاستجواب لكل من زعيتر ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، بعدما اضطر لإلغاء جلستي استجوابهما الأسبوع الحالي إثر تعليق التحقيق.
وهذه المرة الثانية التي يرفض فيها القضاء دعوى مماثلة ضدّ بيطار لعدم اختصاص المحكمة النظر فيها.
وكان مقرراً أن تعقد الحكومة بعد ظهر الأربعاء جلسة للبحث في مسار التحقيق، غداة توتر شهده مجلس الوزراء بعدما طالب وزراء حزب الله وحركة أمل بتغيير المحقق العدلي. إلا أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قرر تأجيل اجتماع الأربعاء إلى موعد يحدد لاحقاً بانتظار التوصل إلى حل.
وتسبّب انفجار ضخم في الرابع من آب/أغسطس 2020 بمقتل 214 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح، عدا عن دمار واسع في العاصمة. وعزت السلطات الانفجار الى تخزين كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم بلا تدابير وقاية. وتبين أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة.
وظهر الخلاف داخل الحكومة بعد إصدار بيطار الثلاثاء مذكرة توقيف غيابية في حق خليل لتخلفه عن حضور جلسة استجوابه مكتفياً بإرسال أحد وكلائه، ما اعتبره حزب الله وفق مصدر وزاري بمثابة "تجاوز للخطوط الحمراء".
ويتظاهر ذوو الضحايا باستمرار دعماً لبيطار واستنكاراً لرفض المدعى عليهم المثول أمامه للتحقيق معهم، بينما تندّد منظمات حقوقية بمحاولة القادة السياسيين عرقلة التحقيقات، وتطالب بإنشاء بعثة تحقيق دولية مستقلة ومحايدة.