مقتل سليماني يضع إسرائيل أمام فرصة الإنفراد بوكلاء إيران

الجيش الإسرائيلي يعلن حالة التأهب القصوى وعلي خامنئي يعين إسماعيل قآني قائدا لـفيلق القدس استعداد للرد على مقتل قاسم سليماني.

بيروت/طهران - أوصلت الولايات المتحدة الجمعة رسالة مباشرة إلى إيران تفيد بأنه لا توجد لديها خطوط حمراء عند استهداف مصالحها، وذلك عبر قطع يد مرشد إيران اليمنى قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، وهي الإشارة التي يمكن أن تشجع إسرائيل على عمل مماثل قرب حدوها أي ضد حزب الله اللبناني الذي طالما بحثت عن فرصة لضرب ميليشياته التي تهددها صواريخه.

ودافع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الجمعة عن الولايات المتحدة في حقها في الدفاع عن نفسها وأشاد بقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في ضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد.

وقال نتنياهو في بيان أصدره مكتبه "مثلما لإسرائيل حق الدفاع عن النفس، تتمتع الولايات المتحدة بنفس الحق".

وأضاف "قاسم سليماني مسؤول عن مقتل مواطنين أميركيين وغيرهم من الأبرياء وكان يخطط لشن مزيد من هذه الهجمات".

كان نتنياهو يتحدث في مطار باليونان بعد أن قطع زيارته هناك للعودة إلى إسرائيل، في وقت سارعت فيه قوات الأمن إلى إغلاق منطقة جبل الشيخ، المحاذية للحدود السورية واللبنانية وقرب هضبة الجولان تحسبا من أي رد إيراني يمكن أن يستهدف إسرائيل.

وأضاف "الرئيس (الأميركي دونالد) ترامب يستحق كل الإشادة للتحرك سريعا وبقوة وحزم. إسرائيل تقف مع الولايات المتحدة في كفاحها العادل من أجل السلام والأمن والدفاع عن النفس".

وقال راديو الجيش الإسرائيلي إن الجيش أعلن حالة التأهب القصوى مضيفا أن وزير الدفاع نفتالي بينيت اجتمع مع قادة الجيش والمخابرات "لتقييم الوضع".

وتعتبر إيران إسرائيل والولايات المتحدة ألد أعدائها وتدير حربا بالوكالة ضدهما في عدد من بلدان العربية فهي تدعم حز الله في لبنان وسوريا وفصائل فلسطينية لمهاجمة إسرائيل فيما تسلح وتدير عدد من الميليشيات الشيعية في العراق لاستهداف القوات الأميركية المتمركزة هناك، كما تقدم دعما عسكريا وسياسيا للحوثيين في اليمن.

ودعا الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في بيان الجمعة إلى "القصاص العادل" من قتلة سليماني قائلا إنهم "أسوأ أشرار هذا العالم، وسيكون القصاص منهم مسؤولية وأمانة وفعل كل المقاومين والمجاهدين على امتداد العالم".

وأضاف "أما نحن الذين بقينا بعده، فسنكمل طريقه وسنعمل في الليل والنهار لنحقق أهدافه".

وتابع "سنحمل رايته في كل الساحات والميادين والجبهات، وستتعاظم انتصارات محور المقاومة ببركة دمائه الزكية"، في إشارة إلى التحالف بين إيران وسوريا وحزب الله لمحاربة إسرائيل والوجود العسكري الغربي في المنطقة.

ويرى مراقبون أن الضربة التي استهدفت قاسم سليماني الذي قالت مصادر إنه نزل في بغداد آتيا من سوريا قبل قتله، تتيح الفرصة أمام إسرائيل أكثر من أي وقت مضى لتحصين حدودها من الخطر الإيراني الذي يُحدق بها شمالا مع لبنان من جهة حزب الله والميليشيات الإيرانية التي تُقاتل في سوريا، إلى جانب نظام الأسد، منذ 7 سنوات.

ولاجتثاث الصدمة سريعا أعلن المرشد الأعلى الإيراني فور تأكيد خبر مقتل سليماني، عن تعيين إسماعيل قآني خلفا له قائدا جديدا لفيلق القدس خلفا له ، في خطوة تؤكد عزم إيران التصعيد في المنطقة.

وقال المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي في بيان نشر على موقعه الرسمي "أوكل مهمّة قيادة قوّة القدس في الحرس الثوري للواء رفيع الشأن إسماعيل قآني الذي رافق طوال أعوام مديدة اللواء الشهيد في قوّة القدس (قاسم سليمان) وخدم معه في المنطقة".

وأضاف أن "برنامج عمل تلك القوّة هو نفس البرنامج الذي كان في فترة قيادة سليماني".      

وتوعد خامنئ بانتقام عنيف قائلا إن "المجرمين قتلة سليماني ينتظرهم انتقام عنيف". وأضاف أن "مقتل سليماني سيضاعف الدافع للمقاومة ضد الولايات المتحدة وإسرائيل".

وكان قآني حتى الآن نائبا لقائد فيلق القدس المكلف العمليات الخارجية لإيران وقد أدرجته واشنطن منذ العام 2012 على قائمة المسؤولين الإيرانيين الذين جمدت أموالهم وتعاملاتهم المالية في الخارج.

وقآني كان يشرف على عن تمويل كل الأذرع العسكرية الخارجية لفيلق القدس بدءً من حزب الله في لبنان مروراً بالفصائل الفلسطينية (الجهاد الإسلامي وحماس) وصولا إلى الميليشيات الشيعية في العراق وسوريا.

وقبل ذلك تولى قآني قيادة العمليات في أفغانستان وباكستان ومناصب أخرى وقد عرف بمعارضته الشديدة لإسرائيل مثل سليماني، وتورط بشكل كبير في التدخل الإيراني لصالح نظام الأسد في الحرب الدائرة في سوريا.

أل
الجيش الإسرائيلي يستنفر قرب الجولان

وفي الأشهر الأخيرة، انتقلت الحرب الكلامية بين طهران وتل أبيب إلى ضربات عسكرية دقيقة وبصورة متتالية على الأراضي السورية، بعد أن عززت الميليشيات الإيرانية تواجدها بمساعدة قوات الأسد لتصبح ذات نفوذ قوي في دمشق.

وشن الجيش الإسرائيلي عدة هجمات جوية في السابق ضد قوات إيرانية تابعة لفيلق القدس قرب دمشق قال إنها كانت تخطط لإطلاق طائرات مسيرة نحو أهداف في إسرائيل.

وسبق وأن كشف مسؤول إيراني في أكتوبر/تشرين الثاني من العام الماضي عن إحباط طهران لمخطط دبرته وكالات استخبارات إسرائيلية لاغتيال سليماني.

وفي سبتمبر الماضي، اتهم نتنياهو طهران بالسعي لتطوير أسلحة نووية في موقع سري في آباده بإيران وقال أنها تمثل تهديدا للمنطقة.

وأواخر أكتوبر الماضي، أيد قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والمخابرات الخارجية (الموساد)، والاستخبارات العسكرية التحذيرات والتهديدات التي أطلقها رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي، حول خطر وقوع صدام حربي مع إيران وجبهات الأخرى، مؤكدين أن هذه التحذيرات جدية، وأن إيران تطلق عدة إشارات على أنها تنوي تفعيل آليتها الحربية ضد إسرائيل.

وأوضح العسكريون الإسرائيليون أن العمليات التي تنوي إيران تنفيذها ضد إسرائيل ربما تكون عبر عمليات مباشرة أو عبر وكلائها في لبنان وسوريا والعراق وقطاع غزة.

ويرى مراقبون للشأن الإيراني إن مقتل سليماني ربما سيشكل دافعا للجانبين للانتقام وتنفيذ هجمات يصعب التنبؤ بمخلفاتها.

وقال الناطق باسم الحرس الثوري رمضان شريف الجمعة إن "فرح الأميركيين والصهاينة حالياً سيتحول إلى عزاء لهم".

وأضاف "يعتبر اليوم بداية مرحلة جديدة للحرس الثوري وجبهة المقاومة".

وأكد أن الحرس الثوري والشعب وجبهة المقاومة في جميع أنحاء العالم الإسلامي سيأخذون الثار لدماء هذا الشهيد الشامخ"، كما أوردت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية.

وتوعد محسن رضائي، رئيس مصلحة تشخيص النظام في إيران والقائد السابق للحرس الثوري، الولايات المتّحدة بـ"الانتقام" لمقتل قائد فيلق القدس.

وقال رضائي في تغريدة على تويتر "انضم سليماني إلى إخوانه الشهداء لكنّنا سننتقم له من أميركا شرّ انتقام".

ويعقد مجلس الأمن القومي الإيراني اجتماعاً طارئاً الجمعة للبحث في الهجوم الأميركي.