
مقتل طالبة يحيي جدل الاعدام العلني في مصر
القاهرة - طالبت محكمة مصرية ببث على الهواء لتنفيذ حكم إعدام الشاب الذي أدين بقتل فتاة أمام جامعتها في نواحي دلتا النيل شمال القاهرة بعد رفضها الارتباط به، وذلك من أجل تحقيق "الردع العام المبتغى" بحسبها، في طلب رافقه جدل مجتمعي بين معارض ومؤيد.
وطالبت محكمة جنايات المنصورة من مجلس النواب بتعديل نص المادة القانونية التي "تجيز إذاعة تنفيذ أحكام الإعدام مصورة على الهواء، ولو في جزء يسير من بدء الاجراءات".
في إحدى أبشع جرائم قتل شهدتها مصر في العشرية الأخيرة تقدمت محكمة في البلاد بطلب بث تنفيذ حكم الإعدام في حق الجاني على الهواء وذلك نزولا عند رغبة تحقيق "الردع العام المبتغى".
وفي السادس من تموز/يوليو قضت محكمة جنايات المنصورة بالإعدام في حق شاب دين بقتل طالبة أمام جامعتها في نواحي دلتا النيل شمال القاهرة بعدما رفضت الارتباط به، رغم موافقة مفتي البلاد.
وأحال النائب العام المصري حمادة الصاوي المتهم على محكمة الجنايات بتهمة "قتل الطالبة المجني عليها نيرة أشرف، عمدًا مع سبق الإصرار.. وباغتها بسكين طعنها به عدة طعنات، ونحرها قاصدًا إزهاق روحها" أمام جامعتها بمدينة المنصورة في محافظة الدقهلية. ومن جانبه أقر الجاني "بارتكابه جريمة قتل المجني عليها"، بحسب بيان النائب العام.
وأفادت المحكمة في حيثيات حكمها الأحد "ألـم يئن للمشرع أن يجعل تنفيذ العقاب بالحق مشهودًا، مِثلما الدم المسفوح بغير الحق صار مشهودًا".

وتضمنت الحيثيات أنه "لمَّا كان قــد شَاعَ في المُجتمع - مُـؤخرًا - ذبحُ الضحايا بغَـير ذَنبٍ جَهارًا نهارًا والمَهوسُـونَ بالمِـيديا يـَبثُون الجُـرمَ على المَلأ فيرتاع الآمنونَ خَوفًا وهَلعًا، وما يَـلبَث المُجتمع أن يُفجعْ بمثلِ ذاتِ الجُرم من جديد، فمِـن هذا المُنطلَقِ، ألَـمْ يأنِ للمُـشرع أنْ يَجعلَ تنفيذ العقابِ بالحَق مَشهودًا، مِثلما الدمُ المَسفوحُ بغير الحَـقِّ صَار مَشهودًا؟ ".
وشملت الحيثيات كذلك أن المحكمة" تُـهيبُ بالمشرع، أنْ يَـتَناولَ بالتعديلِ نَصَ المادةِ الخامسةِ والستين، من قانونِ تنظيمِ مَراكز الإصلاح والتأهيل المُجتمَعي المُنظمةِ لتنفيذِ عُـقوبةِ الإعدام؛ لِتُجـيزَ إذاعةَ تنفيذ أحكام الإعدام مُصَورةً على الهواءِ، ولو في جُــزءٍ يَسيرٍ من بَـدءِ إجراءاتِ هذا التنفيذ، فقد يكونُ في ذلكَ، ما يُحَققُ الـرَّدعَ العامَ المُبتَغَى الذي لم يَتحقق - بَعد - بإذاعة مَنطوق الأحكام وَحدَه".
كما طالبت المحكمة من مجلس النواب بتعديل نص المادة القانونية التي "تجيز إذاعة تنفيذ أحكام الإعدام مصورة على الهواء، ولو في جزء يسير من بدء الإجراءات". وأضافت "فقد يكون في ذلك، ما يحقق الردع العام المبتغى الذي لم يتحقق بإذاعة منطوق الأحكام وحدها".
ويحال طلب المحكمة إلى محكمة النقض المصرية التي تنظر في الطعن المقدم من الجاني.
وينص قانون الإجراءات الجنائية ولائحة السجون المصرية على تنفيذ عقوبة الإعدام بشكل مخفي عن أعين الناس ويحدد من يسمح لهم بالحضور وهم القائمون على التنفيذ والنيابة العامة التي من حقها أن تسمح لمن يطلب وله علاقة بالقضية أن يحضر بإذن خاص منها.
ويرى مؤيدو الاعدام العلني أن تنفيذ عقوبة الإعدام علانية سيحقق الردع المطلوب، بينما يرى معارضون أن ذلك سيجعل المجتمع يعتاد مشاهد القتل ويغذي روح التشفي والانتقام الذي يبعد تماما عن منطق تحقيق العدالة.
ووفق أستاذ علم الاجتماع بجامعة الزقازيق هدى زكريا أن تنفيذ عقوبة الإعدام علانية مطلوب في الوقت الحالي الذي شهد فيه المجتمع تحولات كبيرة وأصبحت الجرائم ترتكب دون رادع أو تخوف من العواقب.
وترى ان هناك فارقا بين الردع والعقاب، فالردع هو الذي يجعل من لم يرتكب جريمة يخشى العقاب، بينما العقاب هو العقوبة الطبيعية المقررة على كل جريمة.
وتابعت في تصريحات ل"سكاي نيوز عربية" أن المحاكم تحاول كثيرا في سبيل تحقيق الردع إنزال عقوبات مشددة على المجرمين الذين يرتكبون جرائم تهدد المجتمع وتروعه، كمرتكبي جرائم الاغتصاب أو الابتزاز أو القتل في الشارع، ولكن تظل العقوبات شبه مخفية عن الناس لأنهم لا يرون المجرم وقت تنفيذ العقوبة فيه وبالتالي لا يتخيلون حالته ولا أنفسهم مكانه حال ارتكابهم نفس الجريمة.
وأوضحت أنها حين عملها في الولايات المتحدة الأميركية كانت شاهدة على حضور عدد كبير من المعنيين لتنفيذ عقوبة الإعدام في مجرم بعينه مما يحقق الردع والقناعة بأن أي جريمة ستكون عقوبتها قاسية.
في المقابل، قال المحامي شعبان سعيد إنه يختلف تماما مع دعوة محكمة جنايات المنصورة لجعل عقوبة الإعدام علانية، مشيرا إلى إنه إذا حدث ذلك فسيكون التأثير عكسيا لأن المجتمع سيألف رؤية عمليات الإعدام وإزهاق الأرواح ومن ثم ستكون عمليات القتل أمر طبيعي في الأجيال القادمة.
وأضاف أن الردع يتحقق بنشر أنه تم تنفيذ عقوبة الإعدام في المدان بجريمة قتل، وليس مطلوبا إذاعة عملية الإعدام نفسها، لأن هذا الأمر يخالف منطق تحقيق العدالة التي تقوم على عدم التشفي وليس الانتقام، كما أن إذاعة عمليات الإعدام تعرض القائمين عليها لخطر الانتقام من أهل المحكوم عليهم بالإعدام، ومن ثم فالأضرار أكثر من الفوائد.
وكان التلفزيون المصري في أواخر تسعينات القرن الماضي بث تنفيذ حكم الإعدام في حق ثلاثة مدانين بقتل سيدة وأبنائها في شقتهم بغرض السرقة.
ونفذ حكم الإعدام وقتها بأوامر من الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك بحضور التلفزيون المصري الذي رافق المحكوم عليهم حتى الممر المؤدي إلى غرفة الإعدام، وأذاع مشاهد توثيقهم وتلقينهم الشهادة على يد شيخ من شيوخ الأزهر الشريف، بحضور المستشار عمر مروان، وزير العدل الحالي وكان حينها بدرجة رئيس نيابة بمكتب النائب العام، والذي حرر محضرا بأقوال المتهمين وبتنفيذ الحكم.