مقتل قيادي عسكري كبير في غارة إسرائيلية يختبر صبر حزب الله
بيروت - قتل قيادي عسكري بارز في حزب الله اليوم الإثنين في قصف إسرائيلي استهدف سيارته في جنوب لبنان، فيما تشكل هذه العملية ضربة موجعة للجماعة اللبنانية التي هدد أمينها العام حسن نصرالله بردّ مزلزل على اغتيال الرجل الثاني في حركة حماس صالح العاروري.
وقال مصدر أمني رفض الكشف عن هويته إن القيادي "قتل بغارة إسرائيلية استهدفت سيارته في بلدة خربة سلم" الواقعة على بعد نحو 11 كيلومترا من الحدود مع إسرائيل.
ووفق المصدر فإن القتيل هو قائد كبير في قوة الرضوان التابعة لحزب الله كان يتولى مسؤولية قيادية في إدارة عمليات حزب الله في الجنوب.
ونعى الحزب في بيان "القائد وسام حسن طويل الحاج جواد، من بلدة خربة سلم في جنوب لبنان"، قائلا إنه "ارتقى شهيدا على طريق القدس".
وكانت وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية أفادت بمقتل شخصين في الغارة الجوية التي نفذتها مسيّرة إسرائيلية على سيارة في بلدة خربة.
ومنذ اندلاع الحرب بين حماس وإسرائيل تشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية تبادلا يوميا للقصف بين حزب الله والجيش الإسرائيلي. ويعلن الحزب من المدعوم من إيران استهداف مواقع ونقاط عسكرية إسرائيلية، بينما يردّ الجيش بقصف جوي ومدفعي يقول إنه يستهدف "بنى تحتية" وتحركات مقاتلين.
لكنّ الخشية من توسّع نطاق الحرب تصاعدت بعد اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري مع ستة آخرين الثلاثاء بضربة جوية في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله. وقالت السلطات اللبنانية وحزب الله وحماس وواشنطن إن إسرائيل نفذت العملية، فيما لم تعلق الدولة العبرية.
والأسبوع الماضي جدد حسن نصرالله في كلمة متلفزة تهديده بأن اغتيال العاروري "لن يمر دون عقاب"، لافتا إلى أنه في حال السكوت عن تصفية القيادي في حركة حماس فإن لبنان سيصبح مكشوفا، فيما يبدو أن الأمين العام للجماعة اللبنانية يسعى إلى إكساب رده المنتظر بعدا ثأريا للبلاد، في الوقت الذي ترفض فيه فئات واسعة من اللبنانيين إقحام البلاد في حرب.
وتعكس العمليات المحدودة التي نفذها حزب الله طيلة الآونة الأخيرة عدم استعداده لتوسيع النزاع ورفضه الانخراط بشكل مباشر في الحرب الدائرة في غزة، فيما أثار ارتفاع حصيلة قتلاه صدمة في صفوف أنصاره، خاصة وأن الحزب الذي هدد في مناسبات سابقة بإعادة إسرائيل إلى العصر الحجري يمتلك ترسانة كبيرة من الأسلحة والصواريخ واستعرض خلال مناورة في مايو/أيار الماضي قدرته على ضرب العمق الإسرائيلي.
ومنذ بدء التصعيد عبر الحدود قتل 181 شخصا في لبنان بينهم 135 عنصرا من الحزب، فيما أحصى الجيش الإسرائيلي من جهته مقتل 14 شخصاً بينهم تسعة عسكريين.
وميدانيا أعلن حزب الله اليوم الاثنين استهداف مواقع عسكرية إسرائيلية قبالة الحدود، محققا "إصابات مباشرة"، فيما قصفت إسرائيل عدة قرى وبلدات لبنانية أسفرت عن أضرار مادية.
وقال الحزب في بيانين منفصلين إن عناصره استهدفوا موقع حدب البستان وموقع رويسات العلم بالأسلحة المناسبة وحققوا فيهما "إصابات مباشرة".
وكانت وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية أفادت في وقت سابق اليوم الاثنين تعرّض مناطق متفرقة جنوب لبنان لقصف إسرائيلي بقنابل فوسفورية.
وأوضحت أن الغارات "استهدفت مؤسسة تجارية على طريق العديسة وأدت إلى اندلاع النيران فيها إضافة إلى تعرض مزرعة مواشي في أطراف الوزاني لقصف مدفعي إسرائيلي".
وذكرت أن "المقاتلات الحربية الإسرائيلية شنت عدوانا جويّا نفذت خلاله سلسلة غارات عنيفة على منطقة خلة وردة عند أطراف بلدة عيتا الشعب الحدودية، كما ألقت عددا من الصواريخ من نوع جو - أرض أحدث انفجارها دويا تردد صداه في معظم مناطق الجنوب".
ونبّه مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل السبت من بيروت، حيث التقى ممثلين عن حزب الله، إلى ضرورة تجنّب جر لبنان إلى نزاع إقليم، مخاطبا الإسرائيليين بالقول "لن يخرج أحد منتصرا من نزاع إقليمي".
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الاثنين إن حزب الله ما زال يخطئ في تقدير إسرائيل منذ عام 2006 وحتى اليوم، مضيفا أن حكومته "تفضل إعادة الأمن للشمال، دون حرب واسعة النطاق"، وفق تدوينات نشرها مكتب نتنياهو عبر منصة "إكس"
ولم يوضح المكتب ما إذا أدلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بهذه التصريحات قبل أو بعد الغارة التي أودت بحياة القيادي الميداني البارز في حزب الله اللبناني وسام الطويل.
وقال نتنياهو للجنود "ظن حزب الله أننا شبكة عنكبوت وفجأة رأى أنه يا له من عنكبوت"، مضيفا أن "الحزب يرى هنا قوة هائلة وشعبا موحدا وإصرارا على القيام بكل ما هو ضروري لاستعادة الأمن في الشمال وأنا أقول لكم: هذه هي سياستي".
وتشهد بيروت زيارات لدبلوماسيين غربيين سعيا إلى ضبط النفس وتجنب حصول تصعيد بين إسرائيل ولبنان والدفع باتجاه إيجاد حلول قد تشمل تسوية الخلاف الحدودي البري بين البلدين.