مقتل 27 من الجيش السوري في هجوم مباغت لداعش

عدد كبير من الأشخاص في الساحة السورية يموتون بأعراض كورونا، لكن الأجهزة الأمنية السورية تتكتم على الوضع، وسط تسييس النظام السوري لأزمة انتشار الوباء.
مقتل 22 من مسلحي داعش في اشتباكات وقصف جوي
كارثة إنسانية تتربص بسوريا مع تفشي فيروس كورونا
إذا تسلل كورونا لمخيمات النازحين سينتشر بقوة وبقسوة

بيروت/باريس - أطل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مجددا في سوريا بهجوم مباغت شنه الخميس على نقاط عسكرية لقوات النظام السوري ومسلحين موالين لها في مدينة السخنة، في هجوم نادر للتنظيم الذي خسر معظم الأراضي التي كانت تحت سيطرته وانحسر نفوذه بشدة في كل من الساحتين السورية والعراقية.

وأسفر الهجوم بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يراقب تطورات الوضع في سوريا عبر سلسلة من المراسلين والمصادر المحلية، عن مقتل 27 عنصرا من القوات السورية والمسلحين الموالين لها.

 وأفاد المرصد بأن "اشتباكات عنيفة اندلعت على عدة محاور في بادية مدينة السخنة في ريف حمص الشرقي، إثر هجوم مباغت لمقاتلي التنظيم على نقاط قوات النظام والمجموعات الموالية لها".

وتزامنت المواجهات مع ضربات جوية نفذتها طائرات روسية على محاور القتال، وفق المرصد. وأوقعت الاشتباكات 18 قتيلا على الأقل من قوات النظام وحلفائها بينما قتل 22 من التنظيم المتطرف خلال المواجهات وجراء الغارات. وسيطر التنظيم على السخنة لمرات عدة قبل أن تستعيدها قوات النظام عام 2017.

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن إن "الطائرات الروسية تدخّلت عبر شنّ ضربات على عدة نقاط لمنع تنظيم داعش من التقدم من بادية السخنة باتجاه المدينة"، موضحا أن هذا الهجوم "هو الأعنف منذ ديسمبر(كانون الأول) 2019" حين تعرضت مواقع للنظام في ثلاث منشآت للنفط والغاز في محافظة حمص لاعتداءات.

وأحصى المرصد حينها مقتل 13 عنصرا من قوات النظام وأربعة مدنيين من العاملين في محطة الغاز التابعة لحقل الهيل في البادية شرق حمص.

ورغم تجريده من مناطق سيطرته في شرق سوريا قبل عام، لا يزال التنظيم ينتشر في البادية السورية مترامية المساحة والتي تمتد من ريف حمص الشرقي وصولا إلى الحدود العراقية.

ويؤكد محللون وخبراء عسكريون أن القضاء على دولة "الخلافة" المزعومة لا يعني أن خطر التنظيم قد زال مع قدرته على تحريك عناصر متوراية عن الأنظار في المناطق التي طرد منها وانطلاقا من البادية السورية.

وغالبا ما ينفّذ هؤلاء عمليات خطف ووضع عبوات واغتيالات وهجمات انتحارية تطال أهدافا مدنية وعسكرية في آن.

ويأتي هذا الهجوم في ظرف استثنائي بالنسبة لدمشق التي تواجه تفشي فيروس كورونا والذي ينذر بالفعل بكارثة إنسانية بسبب أوضاع الحرب المعقدة وتدمير معظم المنشآت الطبية والاستشفائية ونظام صحي متهالك.

ويشكل انتشار فيروس كورونا المستجد في سوريا، المنهكة بعد تسع سنوات من النزاع، وحيث يعيش 6.5 ملايين نازح "كارثة مقبلة" بحسب خبراء انتقدوا تسييس النظام السوري للأزمة.

وإذ سجلت الأرقام الرسمية 19 إصابة بينها حالتي وفاة، وهي حصيلة متدنية خاصة إذا ما تمت مقارنتها مع المأساة الإيرانية، إلا أنها لا تبدو مقنعة نظرا للنقص الحاد في الاختبارات، كما يؤخذ على دمشق التقليل من حجم الإصابات.

ومنعت الحكومة التنقل بين المحافظات وأغلقت المدارس والمطاعم وفرضت غرامات باهظة على المخالفين الذين أوقفت العشرات منهم. كما تم إغلاق الحدود رغم أن المراقبين يرون أنها لا تزال سهلة الاختراق في أجزاء عديدة من البلاد.

كورونا يهدد حياة آلاف النازحين السوريين
كورونا يهدد حياة آلاف النازحين السوريين

كما أن القطاع الطبي يعاني، حيث ذكرت منظمة الصحة العالمية في نهاية عام 2019، أن أقل من ثلثي المستشفيات في البلاد لا تزال تقدم خدماتها كما غادر 70 بالمئة من العاملين في مجال الرعاية الصحية البلاد.

وقال الباحث في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن إميل حكيم "هناك كارثة قادمة"، مشيرا إلى "ضعف فادح في المباحثات حول وقف النزاع في المنطقة ولو بشكل مؤقت"، وهو إجراء ضروري لمكافحة الوباء.

وقدر الباحث السوري زكي محشي، مؤسِّس مساعِد وباحث في المركز السوري لبحوث السياسات والمستشار في تشاتام هاوس، أن الحكومة تجري مئة اختبار يوميا، نصفها في دمشق، فيما الوضع في باقي البلاد ضبابي.

وقال في مؤتمر عبر الانترنت، إن العاملين في الرعاية الطبية هناك "يعتقدون أن عددا كبيرا من الأشخاص يموتون بأعراض الفيروس، لكن الأجهزة الأمنية تأمرهم بعدم الكشف عنها وبخاصة إلى وسائل الإعلام".

وينذر الوضع في شمال البلاد خصوصا بالخطر. واتخذ وباء كوفيد-19 بعدا دوليا حينما دخلت هدنة أخرى حيز التنفيذ في محافظة إدلب والمناطق المحيطة بها في شمال غرب البلاد بين النظام وحليفه الروسي من جهة والفصائل المقاتلة والجهادية الموالية لتركيا من جهة أخرى.

ولا تزال هذه الهدنة الهشة سارية. واتخِذت في إدلب حيث تسيطر هيئة تحرير الشام الجهادية، الذراع السابق لتنظيم القاعدة في سوريا، تدابير وقائية هامة.

وأشار محشي إلى أن القوات المسلحة التركية أعلنت استعدادها لإجراء فحوصات على المدنيين الذين يعبرون الحدود، لكن العمليات لم تبدأ بعد. كما أعلنت منظمة الصحة العالمية في نهاية مارس/اذار تسليم معدات الفحص إلى إدلب.

وفي المقابل لا يتوقع أن تقدم دمشق أي مساعدة للمنطقة. وأشار الباحث المساعد بكلية الاقتصاد في لندن مازن غريبة إلى أنه "لا يمكن لأحد أن يتخيل أن النظام الذي استهدف بشكل منهجي المستشفيات قبل ثلاثة أسابيع سيزود هذه المستشفيات نفسها بالمعدات الطبية الأسبوع المقبل".

ويحذر المركز السوري من "الآثار الكارثية لتسييس وباء كوفيد-19 من قبل الحكومة السورية التي تستفيد من الوباء للعب بأرواح ملايين الأشخاص الذين هم خارج سيطرتها".

وفي شمال شرق البلاد، دقت الإدارة الكردية شبه المستقلة التي تحتجز العديد من عائلات الجهاديين في سجون غير صحية، ناقوس الخطر منذ فترة طويلة بسبب ضعف بنيتها الطبية ونقص أجهزة الفحص.

في نهاية مارس/اذار، أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن سوريا واليمن وأفغانستان و جنوب السودان "ليست مستعدة لاحتواء موجة وباء كوفيد-19 من دون المساعدات" الدولية.

وأشارت اللجنة إلى أنه في المخيمات المكتظة بالنازحين والتي تعاني من الجوع والبؤس وسوء النظافة فإن إتباع "المسافة الصحية غير ممكنة"، مؤكدة أنه في حال دخلت العدوى إلى مخيم، فإن الفيروس سينتشر فيه "بسرعة وقسوة".

ولكن في حين تواجه أغنى الدول ركودا شديدا، تبدو المساعدات الإنسانية موضع شك، بحسب حكيم الذي أشار إلى أن "المانحين سينكبون على إنعاش اقتصاداتهم والاستثمار في قطاعهم الطبي. سيكون من الصعب جدا الدفاع عن الحاجة السياسية للمساعدة طويلة الأجل في الخارج".