مقديشو تلغي الاتفاق بين اثيوبيا وأرض الصومال

أثيوبيا تتجنب الدخول في حرب مع أريتريا بتحرك آخر يثير مخاوف من نشوب صراع جديد في القرن الأفريقي.

مقديشو - ألغى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في وقت متأخر السبت، اتفاق إقليم أرض الصومال الانفصالي الذي يمنح إثيوبيا حق الوصول إلى البحر الأحمر مقابل الاعتراف بالإقليم كدولة مستقلة.

وكتب الرئيس الصومالي على منصة إكس، "هذا المساء وقعتُ قانونا يلغي مذكرة التفاهم غير القانونية بين حكومة إثيوبيا وأرض الصومال". وأضاف "هذا القانون دليل على التزامنا بصون وحدتنا وسيادتنا وسلامتنا الإقليمية وفقا للقانون الدولي". ولم يحدد ما يقوله القانون الجديد أو متى أقره البرلمان.

والاثنين الماضي، وقع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ورئيس "أرض الصومال" موسى بيهي عبدي، مذكرة تفاهم تنص على موافقة الأخيرة على تأجير أكثر من 12 ميلا من الوصول البحري في ميناء بربرة لمدة 50 عاما للبحرية الإثيوبية مقابل أن تعترف إثيوبيا باستقلال "أرض الصومال"، وهي خطوة قال عبدي إنها ستشكل "سابقة كأول دولة تقدم الاعتراف الدولي لبلدنا".

ويشكل طموح أبي أحمد المعلن لتأمين الوصول إلى البحر الأحمر مصدرا للتوتر بين إثيوبيا وجيرانها، ويثير مخاوف من نشوب صراع جديد في القرن الأفريقي.

ويعتبر الحصول على منفذ بحري طوله 20 كلم أمرا حيويا بالنسبة لدولة حبيسة مثل أثيوبيا، تبحث عن موارد مالية من أجل بقائها. فهي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، لا تملك ساحلا وهو ما يشكل لها مصاعب كثيرة في النمو.

الحصول على منفذ بحري طوله 20 كلم أمر حيوي بالنسبة لدولة حبيسة مثل أثيوبيا، لكن هدفها الأهم بناء منشأة بحرية في ساحل البحر الأحمر أو خليج عدن.

وندد الصومال الذي يعتبر أرض الصومال جزءا من أراضيه الاتفاق المبرم مطلع العام الجديد، وقال الرئيس الصومالي إنه "انتهاك غير مشروع" من جانب أديس أبابا للسيادة الصومالية، مؤكدا أنه "لا يمكن ولن يمكن لأحد أن ينتزع شبرا من الصومال".

كما أصدر مجلس الوزراء الصومالي بيانا عقب اجتماع طارئ قال فيه إن توقيع مذكرة التفاهم "لا أساس له من الصحة، وهو اعتداء سافر على السيادة الداخلية لجمهورية الصومال الفيدرالية".
وانفصلت أرض الصومال عن الصومال، عام 1991، ولكن المجموعة الدولية لم تعترف بها كدولة مستقلة، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. وعليه فإن أي اعتراف من دولة بوزن أثيوبيا، سيكون حاسما بالنسبة لها مستقبلا.
ودعا بيان للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي وهيئة الإيغاد إلى عقد اجتماع طارئ بهذا الخصوص.

من جهتها، تقول أديس أبابا إن المذكرة "تمهد الطريق لتحقيق تطلعات إثيوبيا في تأمين الوصول إلى البحر وتنويع وصولها إلى الموانئ البحرية". ووصف آبي أحمد، حاجة بلاده إلى منفذ بحري بأنها مسألة "وجودية". وقال في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، في خطاب تلفزيوني، إن الحصول على ميناء في البحر الأحمر ضروري ليخرج 120 مليون من مواطنيه من "سجنهم الجغرافي".
وصرح مستشاره للأمن القومي إن إثيوبيا ستعرض على أرض الصومال حصة غير محددة في الخطوط الجوية الإثيوبية المملوكة للدولة مقابل منحها حق الوصول إلى البحر الأحمر.

وتعتمد 95 في المئة من المعاملات التجارية الأثيوبية على جارتها جيبوتي، التي تمتلك 31 كلم من السواحل، وكانت أثيوبيا تعد قوة بحرية بمينائيها مصوع وعصب. ولكنها فقدت المينائين وكل ساحلها، بعد انفصال أريتريا عنها، في 1993 لتصبح دولة مستقلة.

وحسب السفير الأميركي السابق في أثيوبيا ديفيد شين، فإن السبب الرئيسي، الذي دفع أثيوبيا إلى توقيع مذكرة التفاهم مع أرض الصومال، هو رغبتها في بناء منشأة بحرية في ساحل البحر الأحمر أو خليج عدن.

وذكر في تصريح لـ"بي.بي.سي"، أن أرض الصومال قالت إنها ستؤجر 20 كلم من الساحل وخليج عدن لأثيوبيا من أجل بناء هذه المنشأة. وتسمح لأثيوبيا على الأقل باستغلال ميناء بربرة، وهو ميناء كبير في أرض الصومال لاستيراد وتصدير السلع. ولكنني لا أرى ذلك هو السبب الرئيسي. أعتقد أنها الرغبة في بناء منشأة عسكرية أو بحرية".

ويرى الباحث في مؤسسة المجلس الأطلسي مركز أفريقيا مايكل شوركين، أنها "مخاطرة محسوبة من أثيوبيا، فيها بعض المكاسب الحقيقية. فأثيوبيا بحاجة ملحة إلى منافذ بحرية أوسع. وبهذه الطريقة ستتجنب الدخول في حرب مع أريتريا. ومن الجانب الآخر تمنح أرض الصومال الاعتراف المستحق. وستثير الصفقة دون شك سخط الصومال، ولكنها أقل خطورة من الدخول في حرب مع أريتريا".

وتقول المصادر أن آلاف الجنود الأثيوبيين موجودون في جنوب الصومال، وقد تسحبهم أثيوبيا إذا ساءت العلاقات بين البلدين، وهو ما سيؤدي إلى تدهور الظروف الأمنية هناك.

وذكر مبارك أن "آبي يردد منذ شهور أنه سيضمن منفذا بحريا لأثيوبيا. وهذا ما يكون قد حققه بهذه الصفقة. فهو مستعد لفعل أي شيء، بغض النظر عن تأثيره على السلم والاستقرار في المنطقة".